كشفت صحيفة "هآرتس"، الليلة الماضية، أن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت عرض على عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية عدة استفسارات تتعلق بإمكانية التطبيع مع السعودية والبرنامج النووي المدني الذي تسعى إليه، مطالباً بالحصول على إجابات بشأنها.
وتعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بحسب الصحيفة، أن الاتصالات ستنتقل إلى المرحلة التالية، التي تشمل توقعات الأطراف من الاتفاقيات بشكل واضح، وقد يحدث ذلك خلال الشهر القريب.
والتقى غالانت، أمس الأربعاء، مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن الخاص للشرق الأوسط بريت ماكغورك في نيويورك، ومساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف، وطالبهما بتوضيحات بشأن عدة قضايا تشغل المستوى الأمني الإسرائيلي.
ويتربع على رأس القضايا مطلبان قدمهما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للإدارة الأميركية، هما الحصول على أنظمة أسلحة متطورة من الولايات المتحدة، وموافقة واشنطن على إطلاق مشروع نووي مدني سعودي على أراضي المملكة.
وشدّد غالانت على أن إسرائيل بحاجة إلى التزامات في ما يتعلق بالحفاظ على تفوقها العسكري النوعي في الشرق الأوسط، كما طلب غالانت سماع تفاصيل حول المشروع النووي السعودي.
وعرض المسؤولون الأميركيون، خلال اللقاءات التي جمعتهم بغالانت، تصور الإدارة الاميركية للاتفاقات المتوقعة.
وتدرك واشنطن، بحسب "هآرتس"، أن موقف المؤسسة الأمنية الاسرائيلية من الاتفاقيات المحتملة مع السعودية ستكون له أهمية كبيرة في نظر الرأي العام الإسرائيلي، مثلما كان هناك تأثير للموقف الإيجابي من قبل الجيش الإسرائيلي وجهاز "الموساد" إزاء توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقام عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين بوضع قائمة الأسئلة، قبل توجه غالانت إلى الولايات المتحدة. ومن المنتظر أن تشهد الفترة القريبة المقبلة حواراً أميركياً - إسرائيلياً أمنياً على مستويات مختلفة، تشمل وزراء وقادة عسكريين، بشأن العواقب المختلفة للاتفاقات التي تتم صياغتها.
وفي محادثة غالانت مع ليف، ازدادت أيضاً توقعات إدارة بايدن بشأن تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وكبح اعتداءات اليمين المتطرف على الفلسطينيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن محادثات غالانت مع الأميركيين جرت بشكل استثنائي في نيويورك، وذلك لأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يمنع زيارة الوزراء الإسرائيليين إلى واشنطن باستثناء وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، إلى أن تتم دعوته شخصياً من قبل إدارة بايدن.
ووفقاً لـ"هآرتس"، فإن الأسئلة التي طرحها غالانت على الجانب الأميركي، بشأن المشروع النووي السعودي، تشير إلى وجود خلافات في أوساط القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل حيال هذه القضية التي تعتبرها حساسة.
وفي حين يسعى غالانت، بصفته ممثلاً للمؤسسة الأمنية، إلى الحصول على توضيحات من الولايات المتحدة بشأن هذه القضية، فإن الوزير ديرمر المقرّب من نتنياهو، يمارس ضغوطات على الإدارة الأميركية لقبول المطالب النووية للمملكة العربية السعودية.
ورفض ديرمر، في مقابلة أجراها قبل نحو أسبوعين مع قناة "PBS" الإخبارية الأميركية، الإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل تعارض تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، لكنه قال إنه إذا لم تقبل الولايات المتحدة مطالب السعودية بشأن هذه القضية، فإن المملكة ستحصل على مطالبها من خلال دولة أخرى مثل الصين أو فرنسا.
وقوبل تصريح ديرمر بانتقادات من خبراء نوويين بارزين في الولايات المتحدة وإسرائيل، يعتقدون أن التخصيب على أراضي المملكة يجب أن يكون خطاً أحمر، سواء بالنسبة لإدارة بايدن أو لإسرائيل.
ويتبنى غالانت، بحسب إحاطة قدمها مكتبه لوسائل الإعلام في إسرائيل، في الآونة الأخيرة، موقفاً مماثلاً لموقف الخبراء، أو على الأقل يعبّر عن المخاوف بشأن هذه القضية داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وأبدى رئيس المعارضة يئير لبيد موقفاً مشابهاً، الشهر الماضي، خلال لقائه مجموعة مشرّعين أميركيين زاروا إسرائيل.
في المقابل، فإن مخاوف ديرمر بشأن قضية النووي السعودي أقل من مخاوفه من أن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل من أجل تقديم "تنازلات كبيرة" للفلسطينيين، الأمر الذي قد يزعزع استقرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية بزعامة نتنياهو، القائمة على اليمين المتطرف.
وقد تُفسر خطوة غالانت، بحسب الصحيفة، بأنها تحد للسياسة التي ينتهجها نتنياهو وديرمر، وتتماشى مع تحذيرات كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين بشأن الملف النووي السعودي.
بدوره، لم يعبر نتنياهو بعد عن موقف علني بشأن هذه القضية، واكتفى مكتبه ببيان مقتضب ذكر فيه أن إسرائيل لن تتقبل بحيازة أي دولة في الشرق الأوسط سلاحاً نووياً.