صعّد الاحتلال الإسرائيلي، خلال الأسبوعين الماضيين، من سياسة هدم المنازل في قرية الولجة شمال غرب بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، في مسعى للمضي بمخطط استيطاني توسعي على أراضي الفلسطينيين.
وهدمت جرافات الاحتلال، صباح اليوم الأربعاء، ثلاثة منازل، بحجّة البناء دون ترخيص، ليصل عدد المنازل المهدمة خلال أقل من 20 يومًا إلى نحو 10 منازل.
ويسعى الاحتلال إلى تنفيذ مخطط توسّعي لمستوطنة "هار جيلو" المقامة على أراضي بلدتي الولجة وبيت جالا. ويتضمن المخطط إنشاء طرقٍ ومدارس ووحدات استيطانية كان قد أعلن عنها في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2020.
وقال عضو مجلس بلدي الولجة عبد الحليم حجاجلة في حديث لـ"العربي الجديد"، إن حجّة الاحتلال في هدم المنازل هي البناء دون ترخيص، لكن رغم محاولة السكّان إصدار رخص بناء على أراضيهم، إلا أنهم يصطدمون بالرفض الإسرائيلي، واعتبار أن غالبية الأراضي في القرية تصنف "ج" أي تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
تغطية صحفية: "جيش الاحتلال يهدم منزلاً في قرية الولجة جنوب القدس المحتلة" pic.twitter.com/OxoOeKBcgm
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) February 28, 2024
ولفت حجاجلة إلى أن أهالي القرية حاولوا مرارًا إصدار أوراق من المحكمة الإسرائيلية تسمح بترخيص منازلهم التي بنوها في المناطق "ج"، إلا أن سلطات الاحتلال تنفذ عمليات هدمٍ قبل موعد الجلسة المقررة للمحكمة، لمنع إتاحة الفرصة للسكان إتمام أي جهد قانوني قد يفضي إلى الحفاظ على منازلهم.
ويتذرع الاحتلال بحجج أمنية في هدم البيوت، إلا أن اللافت وفق حجاجلة هو تركز هدم المنازل في الآونة الأخيرة، في المناطق الشمالية الغربية للقرية، أي البعيدة عن مدخل مستوطنة "هار جيلو" جنوب غرب البلدة، ما يعني أن الهدف الإسرائيلي يسعى لتهجير الأهالي ودفعهم إلى ترك أراضيهم.
وبحسب البلدية، فإن مساحة الولجة تبلغ نحو 6 آلاف دونم داخل أراضي الضفة، بعد أن استولى الاحتلال على 50 بالمئة من أراضيها لصالح بلدية القدس قبل نحو 20 عامًا.
وتتبع البلدة جغرافيًا لمحافظة القدس، ويعيش فيها قرابة 4 آلاف نسمة في الشق الواقع ضمن أراضي بيت لحم، وتسيطر الإدارة الأمنية والمدنية الإسرائيلية على 40 بالمئة من القرية المصنفة "ج"، فيما تصنف 10 بالمئة من القرية فقط ضمن مناطق "ب" أي تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، وفق اتفاقية أوسلو.
ويعيش من هدمت منازلهم مؤخرًا في الخيام فوق الركام، فيما اضطر آخرون لترك القرية، ويضع الاحتلال العراقيل لعودتهم إليها، ما يجعل المنطقة طاردة بفعل الانتهاكات التي طاولت عمل البلدية عبر الاستيلاء على آلياتها، ومنعها من العمل بشكل واضح ومتكرر منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي ظل غياب السلطة الفلسطينية عن المشهد، يقول حجاجلة إن مساعداتها "هزيلة وغير ملموسة ولا تسمن ولا تغني من جوع".
مشروع "القدس الكبرى"
ويرى مدير معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، جاد إسحق في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه ما لم تتدخل السلطة الفلسطينية في تعزيز بقاء الناس على أرضهم بعد هدم منازلهم، عبر تعويضهم من خلال بنائها مجددًا، فإن المشروع الإسرائيلي بالسيطرة الكاملة على المناطق المصنفة "ج" في بيت لحم، سيصبح أمرًا ممكنًا وأسرع في التنفيذ، وذلك بدءًا من قرية الولجة وصولًا إلى مختلف القرى والبلدات.
قوات الاحتلال تهدم منزل المقدسي رمزي أبو حماد في قرية الولجة جنوب القدس pic.twitter.com/mkLqzhKRdH
— شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) February 28, 2024
وبالتزامن مع هدم منازل الفلسطينيين في الولجة، يسعى الاحتلال لحسم سيطرته على مناطق بيت لحم الغربية، إذ يسارع في إنشاء مستوطنة جديدة أطلق عليها اسم "جفعات يائيل" لربط مستوطنات "غيلو وغوش عتصيون" تنفيذًا لمشروع استيطاني يعرف بـ"القدس الكبرى"، وفق إسحق.
ويقول إسحق: "حاول المحامون الإسرائيليون إقناع أهالي الولجة بأن السيطرة على أراضيهم ستمنحهم هويّات إسرائيلية، إلا أنه تبين كذب الطرح الإسرائيلي الذي حاولوا فيه إغراء سكّان القرية".
ويصف إسحق حال قرى محافظة بيت لحم بـ"المستودعات البشرية" حال تنفيذ مشروع القدس الكبرى الذي يبدأ من مناطق المحافظة الجنوبية والشرقية. وقال: "ستصبح القرى والبلدات الفلسطينية عبارة عن تجمعات صغيرة، وسكّانها عرضة للقيود الإسرائيلية في الحركة والتوسع العمراني، نتيجة وقوعهم ضمن منطقة استيطانية إسرائيلية واسعة يتم العمل عليها، تمهيدًا لنوايا اليمين الإسرائيلي بالسيطرة الكاملة على الضفة الغربية دون وضع اعتبار لتصنيف الأراضي إن كانت "أ، ب، ج".
ويسارع الاحتلال لإنجاز مشروع "القدس الكبرى" الذي يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، ويتركز نشاطه في محافظة بيت لحم. ويربط المشروع تجمع مستوطنات غوش عتصيون، الذي يضم 14 مستوطنة يقطنها أكثر من 85 ألف مستوطن، بالكتل الاستيطانية في شمال القدس، وبالتالي السيطرة على 10 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.