اعتقلت شرطة هونغ كونغ، الأحد، أكثر من عشرين شخصاً، بمن فيهم مؤيدون للديمقراطية، خلال إحياء ذكرى تظاهرات ساحة تيان أنمين، بينما أحيا المئات في تايوان هذه المناسبة في وقفة احتجاجية على ضوء الشموع.
وعلى مدى سنوات، اجتمع عشرات آلاف سكّان هونغ كونغ في حديقة فيكتوريا في المدينة والمنطقة المحيطة بها، لإحياء ذكرى أحداث الرابع من يونيو/ حزيران 1989، عبر المشاركة في وقفات احتجاجية على ضوء الشموع.
لكن منذ أن فرضت بكين قانون الأمن القومي على هونغ كونغ عام 2020 لقمع المعارضة، حظرت الوقفة الاحتجاجية السنوية، وواجه المنظّمون اتهامات بموجب هذا القانون.
وخلال نهاية الأسبوع، نشرت الشرطة الكثير من عناصرها في المنطقة وعمدت إلى توقيف الناس وتفتيش مقتنياتهم، كما شوهدت عربة مصفحة متوقفة قرب مركز تسوّق.
وعلى بعد أكثر من 700 كيلومتر تجمّع حوالي 500 شخص في ساحة الحرية في تايبيه مع حلول الليل، وهتفوا "نضال من أجل الحرية، نقف مع هونغ كونغ".
وأشعلوا شموعاً على شكل "8964" - وهي أرقام ممنوعة في الصين القارية لأنّها تشير إلى أحداث الرابع من يونيو 1989.
وقالت شرطة هونغ كونغ في وقت متقدم من الأحد، إنّها اعتقلت 23 شخصاً تراوح أعمارهم بين 20 و74 عاماً للاشتباه في "انتهاك السلم".
وقبض على امرأة (53 عاماً)، لعرقلتها شرطيين.
وبحلول المساء، شاهد مراسلو "فرانس برس" في هونغ كونغ أكثر من عشرة أشخاص اقتادتهم الشرطة في شاحنات صغيرة.
ومن الشخصيات التي اعتُقلت ألكسندرا وونغ، المعروفة باسم "الجدة وونغ"، وهي ناشطة بارزة مؤيدة للديمقراطية، كما أنّها الرئيسة السابقة لنقابة الصحافيين في هونغ كونغ. كما اعتُقل ماك يين-تينغ وليو تانغ، وهو زعيم سابق لاتحاد نقابات العمّال الذي حلّ.
وفي حديقة فيكتوريا، أحاطت الشرطة برجل كان جالساً على مقعد يحمل شمعة غير مضاءة. وأثناء اقتياده إلى سيارة الشرطة، قال "رفعت شمعة... اصطحبت لمجرّد جلوسي هناك".
ويأتي ذلك غداة اعتقال أربعة أشخاص بتهمة "التحريض على الفتنة" و"التصرف بطريقة غير منضبطة".
من جهته، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، مساء الأحد، في تغريدة، عن "قلقه إزاء أخبار التوقيفات" في هونغ كونغ، ودعا إلى "إطلاق سراح" كل شخص احتجز لأنه مارس حرية التعبير والتجمع السلمي.
ليعرف العالم
التحدث عن حركة تيان أنمين أمر شديد الحساسية للقيادة الشيوعية في الصين وإحياء الذكرى ممنوع في البر الرئيسي.
عام 1989، أرسلت الحكومة قوات ودبابات إلى ساحة تيان أنمين في بكين لفضّ احتجاجات سلمية، وسحقت بوحشية موجة احتجاجات استمرت أسابيع للمطالبة بتغيير سياسي.
قُتل المئات، بينما أفادت بعض التقديرات بأنّ عدد القتلى تخطّى ألف شخص.
ولعقود، كانت هونغ كونغ المدينة الصينية الوحيدة التي تحيي الذكرى على نطاق واسع- في دليل على الحريات والتعددية السياسية التي كانت تتمتع بها نظرا إلى وضعها الخاص.
لكن منذ أن فرضت الصين قانون الأمن القومي في 2020، أنهت سلطات هونغ كونغ هذه التجمعات ودفعت الفنانين الذين يشاركون في إحياء الذكرى إلى إجراء عروضهم خارج المدينة الصينية.
هذه السنة، تحوّلت حديقة فيكتوريا إلى "كرنفال" نظّمته مجموعات مؤيدة لبكين.
محو الذاكرة
سعت الحكومة الصينية إلى مسح ما جرى من الذاكرة العامة في الأراضي الصينية وحذف أي ذكر لقمع تيان أنمين من الإنترنت في الصين.
والأحد، انتشر شرطيون حول ميدان تيان أنمين وأقدموا في بعض الأحيان على توقيف راكبي دراجات.
ونشرت السفارة البريطانية في بكين الصفحة الأولى من عدد 4 يونيو 1989 من صحيفة "الشعب" اليومية الصينية ظهر فيها تقرير قصير عن المصابين الذين ضاقت بهم المستشفيات.
وكتبت السفارة على تويتر، الأحد: "في غضون عشرين دقيقة، أزال المراقبون منشورنا عن ويبو وفرضوا رقابة على الأخبار".
هذا العام، استهدفت السلطات في بكين جسراً كان موقعا لتظاهرة نادرة خلال العام الماضي - عندما علق محتج لافتة على جسر سيتونغ في أكتوبر/ تشرين الأول يدعو فيها إلى "الحرية".
وعزّزت الإجراءات الأمنية حول الجسر خلال نهاية الأسبوع، وأزيلت لافتة تدل على الطريق.
وبعدما فرضت الصين قانون الأمن القومي في 2020، فر الناشطون الذين يدعون إلى الديمقراطية أو أوقفوا.
وفي الأسابيع التي سبقت الذكرى، بدت السلطات حذرة.
وصادرت الشرطة تمثالا تذكاريا بعنوان "عمود العار"، وألغي عرض خاص لوثائقي غير مرتبط بذكرى تيان أنمين وسحبت كتب حول القمع من المكتبات العامة.
(فرانس برس)