أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي يجري زيارة رسمية إلى بيروت، اليوم الثلاثاء، تلبية لدعوة من نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، أن موضوع غزة مدرج في المرتبة الأولى على قائمة أعماله، مشدداً على ضرورة اتخاذ التدابير في ما يتعلق بمنع انتشار أو توسّع الاشتباكات وإيجاد حلّ لها.
وقال فيدان بعد لقائه بو حبيب: "تناولت خلال الاجتماع مع نظيري اللبناني العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية، وخصوصاً الأزمة الأخيرة في غزة، وعملية منع توسّع هذه الأزمة وانتشارها في المنطقة، وسأواصل اتصالاتي ولقاءاتي مع المسؤولين اللبنانيين بهذا الإطار"، معلناً أن بلاده بدأت "نقاشا" مع حركة "حماس" لإطلاق رهائن تحتجزهم منذ هجومها غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
وأضاف أنه "نعمل ونركز اتصالاتنا في ما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية وبسرعة إلى سكان غزة، ونتخذ الخطوات بهذا الصدد عن طريق الاتصالات التي نقوم بها مع الدول، ونحن منذ اليوم الأول من اندلاع الأزمة أرسلنا المساعدات إلى غزة، ونواصل اتصالاتنا مع السلطات المصرية بهذا الصدد".
وشدد الوزير التركي على أن "نشاطاتنا ستستمرّ دون انقطاع في ما يتعلق بمنع الأزمة الحالية في غزة، كما نقوم بكل ما في وسعنا لمنع انتشار الحرب إلى البلدان الأخرى، ونعارض أيضاً تضرّر لبنان والدول الأخرى من هذه الأزمة، ونحن مع لبنان بضرورة حفظ الاستقرار في البلاد".
بدوره، قال بو حبيب: "نجري اتصالات مع عددٍ كبيرٍ من وزراء الخارجية العرب والأجانب وسفراء أكثر من 35 دولة، منهم الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسفراء الدول المشاركة في قوات اليونيفيل والاتحاد الأوروبي، لشرح الموقف اللبناني".
وأضاف "إننا في لبنان لسنا هواة أو دعاة حرب، بل نرغب بالحفاظ على الهدوء والاستقرار، ولتحقيق ذلك يجب توفر شرطين أساسيين، الأول، وقف الاستفزازات والاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة على حدودنا الجنوبية والقتل المتعمد للصحافيين والمدنيين ومراكز الجيش اللبناني ومواقع اليونيفيل وقصف البلدات والقرى المأهولة بالمدنيين".
واعتبر أن "هذه الأفعال كلّها تصبّ الزيت على النار وتخرق بشكل فاضح القرار 1701 وتوتر الأجواء، وهو ما قد يؤدي إلى اشتعال الجبهة بطريقة يصعب احتواؤها".
وأضاف وزير الخارجية اللبناني أن "الشرط الثاني يتمثّل في وضع حدٍّ لاستمرار التصعيد في غزة لليوم الحادي عشر على التوالي، والذي تحوّل إلى حقدٍ أعمى على كل سكان القطاع، قد يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها على الشعوب والدول في المنطقة وعلى المصالح الدولية".
وجدّد بو حبيب الدعوة "لكلّ عاقل في هذا العالم للضغط على إسرائيل لوقف هذه الحرب المدمّرة، والعودة إلى التفاوض، وإعادة الحقوق المشروعة إلى أصحابها".
وتشهد الساحة اللبنانية حركة وفود خارجية لافتة في الأيام الماضية، في ظلّ التصعيد الأمني الحاصل على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، والخشية الدولية من توسّع رقعة المواجهات بين "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي، وتطوّرها إلى حرب بين الطرفين تطاول كل لبنان.
ويتلقى المسؤولون اللبنانيون سلسلة اتصالات من الخارج، ولا سيما من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، تتقدمها فرنسا، لحثّهم على "إبعاد لبنان عن تداعيات الحرب الدائرة في غزة".
بدورها، تواصل الحكومة اللبنانية اتصالاتها داخلياً وخارجياً من أجل إبقاء الوضع هادئاً في الداخل اللبناني قدر المستطاع، وذلك فيما كان رئيسها نجيب ميقاتي قد أكد أن "قرار الحرب هو بيد إسرائيل، والمطلوب ردعها ووقف استفزازها لعدم خلق توترات"، وقال في المقابل، إنه لمس عقلانية وواقعية لدى "حزب الله"، لكنه لم يحصل على أي ضمانة بشأن تطوّرات الأمور، لأن الظروف متغيرة، وعلى إسرائيل أن تتوقف عن استفزاز الحزب.
وفي 13 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، زار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان العاصمة اللبنانية بيروت، حيث التقى المسؤولين اللبنانيين، والأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، وركز في تصريحاته على "احتمال فتح جبهات أخرى من قبل سائر تيارات المقاومة ضد الكيان الصهيوني".
كما زارت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا بيروت، أمس الاثنين، حيث وجّهت رسائل شديدة إلى "حزب الله" من دون أن تسمّيه، حول ضرورة تحييد لبنان عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وردع الحزب عن الانخراط فيه، وقالت "بوضوح، لا يمكن لأي جماعة أن تعتقد أنه يمكنها أن تستفيد من الوضع الراهن".
ودعت المسؤولين اللبنانيين إلى تحمّل المسؤولية بهذا الصدد من أجل تفادي أن يُجرّ لبنان إلى هذا الوضع.
وضمن المواقف التركية، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الاثنين، أن "إنهاء الاشتباكات المتواصلة منذ 7 أكتوبر الحالي في أسرع وقت ممكن، أمرٌ مهمٌّ للسلام الإقليمي والعالمي".
وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين أردوغان ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، بحثا فيه بشأن التوتر المتصاعد في إطار الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
تجدّد الاشتباكات جنوب لبنان
ميدانياً، تجدّدت الاشتباكات، صباح اليوم الثلاثاء، بين "حزب الله" وجيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد ليلة شهدت قصفاً عنيفاً متبادلاً بين الجانبين، وقد استمرّ القصف المعادي حتى بعيد منتصف الليل، وطاول عدداً من النقاط الحدودية الجنوبية، أشدها في بلدة الضهيرة.
واستهدف حزب الله، أمس الاثنين، خمسة مواقع إسرائيلية بالأسلحة المباشرة، معلناً عن تحقيق إصابات مؤكدة فيها، والمواقع هي مسكاف عام، خربة المنارة، هرمون، موقع ريشا، وموقع رامية.
كما أعلن عن مهاجمته موقع الضهيرة الإسرائيلي واستهدافه دبابة ميركافا عند مدخله بالصواريخ الموجهة، وأصابها إصابة مباشرة.
وأشار مصدرٌ في قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الهدوء في ساعات الصباح لا يمكن الاعتداد به، خصوصاً أن تبادل إطلاق النار يحصل بشكل متقطع وخلال فترات في اليوم، من هنا نحن نكثف جهودنا لتهدئة الوضع، لكننا لم ننجح لغاية الآن في تحقيق ذلك".
ولفت المصدر إلى أن "المخاوف تزداد من التصعيد العسكري، والمطلوب الإسراع في وقف إطلاق النار، خصوصاً بعدما بدأت الهجمات الأخيرة تطاول بلدات ومنازل مواطنين مدنيين، وقد طاول القصف حتى مقرّ اليونيفيل في الناقورة، في انتهاكات للقانون الدولي".