دعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الجمعة، المسؤولين في لبنان لتسريع وتيرة التوصل إلى اتفاق بشأن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، مجدداً استعداد شركات إيرانية لحل مشكلة الكهرباء في لبنان.
وقال عبد اللهيان، في مؤتمر صحافي اليوم الجمعة، بعد لقائه في بيروت وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، إنه جرى الاتفاق على تفعيل كافة الملفات المرتبطة بالعلاقات الثنائية بين البلدين، معلناً عن استعداد إيران لتعزيز التعاون الاقتصادي مع لبنان.
وأكد عبد اللهيان رفض التدخل الأجنبي في شؤون الدول الأخرى ومن ضمنها لبنان، مشدداً على أنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو شأن داخلي تماماً. وقال: "واثقون أنّ قادة البلاد يمتلكون الكفاءة والحكمة اللازمتين للتوصل إلى اتفاق لحسم ملف انتخاب رئيس للجمهورية، كما بإمكان الأطراف الخارجية والفاعلين الدوليين دعم مسار الحوار والمحادثات والمشاورات بين القوى اللبنانية".
وقال عبد اللهيان قبيل مغادرته لبنان، بعد ظهر اليوم الجمعة، رداً على إشارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى عرقلة إيرانية للحل السياسي في لبنان، "أنصح ماكرون، بدل أن يكرّس جهوده في مجال التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى، أن يصبّ كلّ اهتمامه على حلّ المشكلات المرتبطة بساحته الداخلية الفرنسية".
كذلك، قال عبد اللهيان إن "لا نية لإيران والسعودية بالتدخل بشؤون لبنان، لكن للرياض رؤى بشأن قضايا المنطقة، بينها لبنان"، مشدداً على أن "مصلحة إيجاد حلّ في لبنان من ناحية انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة عتيدة هي من القرارات السيادية السياسية المناطة بالساسة في لبنان".
وعن عودة العلاقات بين بعض الدول العربية والنظام السوري، أضاف عبد اللهيان "سنكون سعداء بأن تعود العلاقات بين سورية والسعودية، ونحن نرحّب بعودة سورية إلى الحضن العربي والعلاقات الطبيعية مع كافة الدول العربية"، مشيراً إلى أن على البيت الأبيض أن يعي أن صفحات جديدة تفتح في المنطقة.
لقاءات عبد اللهيان
وعقد وزير خارجية إيران سلسلة لقاءات، اليوم الجمعة، في بيروت، أبرزها مع رئيس البرلمان نبيه بري، والأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، مع الإشارة إلى أنه لم يلتق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لأنه موجود خارج البلاد، وفق ما أكده مصدرٌ مقرّبٌ من الأخير لـ"العربي الجديد".
وقال المصدر إنّ "لقاء ميقاتي وعبد اللهيان كان يفترض أن يعقد مساء الأربعاء، بيد أنّ المواعيد تغيّرت بفعل وجود وزير الخارجية الإيراني في دمشق قبيل مجيئه إلى لبنان، وهو ما حصل مع اجتماع رئيس البرلمان نبيه بري الذي أُرجئ من الخميس إلى اليوم الجمعة".
واستقبل الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، اليوم الجمعة، الوزير الإيراني والوفد المرافق له، وبحثا آخر المستجدات والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة، وفق ما ذكر إعلام الحزب، في بيان.
والتقى عبد اللهيان صباحاً رئيس البرلمان نبيه بري وسلّمه دعوة من نظيره الإيراني لزيارة طهران.
وقال بري، وفق ما نقلته وكالة إرنا الإيرانية، إنّ "استهداف المقاومة هو أهم أسباب الضغط على لبنان"، معرباً عن ترحيبه بـ"التطورات الإيجابية" في العلاقات بين طهران والرياض، معتبراً أنها "تصبّ في مصلحة المنطقة."
ولفت مصدرٌ مقرّبٌ من بري، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الأخير "أكد للوزير الإيراني سعيه المستمرّ لإيجاد حلّ للملف الرئاسي، وتطرّق إلى طرحه الأخير، أمس الخميس، بالدعوة إلى حوار هذا الشهر، سقفه سبعة أيام، ومن ثم الذهاب إلى جلسات متتالية لانتخاب رئيس"، معتبراً أن لا مخرج لأزمة الشغور الرئاسي التي اقتربت من عامها الأول، "إلاّ بالحوار بين اللبنانيين".
وأشار المصدر إلى أنّ "بري تطرّق إلى العوائق التي تحول دون انتخاب رئيس، وأنّ هناك مرشحاً جدّياً للرئاسة هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، في حين أنّ الطرف الآخر يناور ويعرقل، ويطرح أسماء مرشحين من باب التحدّي والإقصاء"، وفق قوله.
بدوره، عرّج المصدر المقرّب من بري على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخير، الذي ألمح فيه إلى دور إيراني في عرقلة الانتخابات في لبنان، قائلاً إنّ "الفرنسيين أحرار في مواقفهم، لكننا كنا نتمنى أن تبقى الأمور في الإطار الإيجابي، ولا نعرف الدوافع وراء مثل هذا الموقف. من هنا على اللبنانيين أن يفتشوا عن مصلحتهم وألا يقحموا أنفسهم بلعبة الأمم، لأنّ لكل دولة مصالحها وحساباتها، وإنقاذ بلدنا مسؤوليتنا الوطنية ومسؤولية جميع القوى السياسية".
وتحدث المصدر أيضاً عن ترقب زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، في سبتمبر/ أيلول الجاري، وقال: "نأمل أن تساهم في تحريك جدّي للملف الرئاسي، لكن الرئيس بري طرح خطوة مهمة جداً، أمس الخميس، وعلى الجميع ملاقاته فيها إذا أرادوا فعلاً حلّ الأزمة الرئاسية وهي الحوار".
وأضاف: "مهما قاد لودريان وغيره من الدول جهوداً بالشأن الرئاسي، لا مخرج إلا بحوار لبناني".
مسار "إيجابي" مع السعودية
من جهة أخرى، قال عبد اللهيان إنّ "تقييم" بلاده لمسار تقدم العلاقات مع السعودية "إيجابي". وأضاف، وفق وكالة "إرنا" الرسمية، أن "ذلك يؤثر إيجاباً على العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة".
وكانت إيران والسعودية قد اتفقتا، في 10 مارس/آذار الماضي، بوسطة صينية، على استئناف العلاقات، ومن المقرر أن يتبادل البلدان قريباً السفراء لمباشرة مهامهم الدبلوماسية.