كشفت مصادر مصرية مطلعة على الوساطة التي تقودها القاهرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، أن وفداً أمنياً مصرياً رفيع المستوى زار تل أبيب، عقب حادثة قيام المجند المصري محمد صلاح بقتل ثلاثة عسكريين إسرائيليين عند الشريط الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، في مهمة مزدوجة لـ"إطفاء الحرائق"، ومتابعة ملفات الوساطة بين الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الوفد الأمني ضم المسؤول عن الملف الإسرائيلي بجهاز المخابرات العامة، الذي زار الأراضي المحتلة حاملاً رسالة خاصة من رئيس الجهاز اللواء عباس كامل، حيث جرى الترتيب للمكالمة الهاتفية التي جرت بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، صباح الثلاثاء الماضي.
اتصال هاتفي بين السيسي ونتنياهو
وقال السيسي ونتنياهو، في بيانين منفصلين بعد الاتصال الهاتفي، إنهما ناقشا حادث إطلاق النار الذي وقع السبت الماضي على الحدود بين الدولتين، وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وعنصر تأمين مصري. وذكر بيان الرئاسة المصرية أن السيسي ونتنياهو أكدا أهمية التنسيق لكشف جميع ملابسات الحادث.
وجاء في بيان مكتب نتنياهو: "بعث الرئيس المصري بخالص التعازي والمواساة بشأن الحادث الذي وقع على الحدود المصرية"، مضيفاً أن الجانبين تعهدا بمواصلة تعزيز السلام والتعاون الأمني. وتابع البيان: "شكر رئيس الوزراء نتنياهو الرئيس المصري على ذلك، وعلى التزامه بإجراء تحقيق شامل ومشترك".
لم تستغرق زيارة الوفد المصري لتل أبيب سوى ساعات قليلة
في المقابل، أوضحت المصادر أن زيارة الوفد الأمني المصري لم تستغرق سوى ساعات قليلة، جرى خلالها التباحث بشأن ترتيبات خاصة لإغلاق ملف الحادث بخطوات من شأنها تهدئة الشارع الإسرائيلي تجاه الحكومة.
وتسلمت مصر من السلطات الإسرائيلية جثمان الجندي المصري محمد صلاح، وجرى دفنه في قرية العمار بمحافظة القليوبية، وسط إجراءات أمنية "مشددة"، لمنع تنظيم جنازة له، واقتصار الدفن على عدد قليل من أفراد عائلته.
استياء مصري من الخطاب الإعلامي في تل أبيب
وقال أحد المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن الوفد "نقل استياء المسؤولين في القاهرة من الخطاب الإعلامي في تل أبيب، الذي تخللته إساءات للمؤسسة العسكرية المصرية، عقب الحادث، خصوصاً في ظل التعاون الكبير من جانب الأجهزة المصرية بشأن الحادث".
ولفت المصدر إلى أن "من بين الرسائل التي حملها الوفد المصري، رسالة تعلقت بوقائع غضت فيها القاهرة الطرف عن بعض الانتهاكات من الجانب الإسرائيلي للقواعد المعمول بها في تأمين الشريط الحدودي، والتي لم يجر تناولها في حينه إعلامياً".
وأشار المصدر إلى أن "زيارة الوفد المصري لم تقتصر على مناقشة تداعيات حادث الحدود"، موضحاً أنه "كان من بين مهام الوفد، استكمال المباحثات الجارية في القاهرة بين المسؤولين في جهاز المخابرات العامة ووفود الفصائل الفلسطينية، حيث استقبلت مصر أخيراً وفدين قياديين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وسبقتهما زيارة لرئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية".
وأوضح المصدر أن الوفد "عرض على المسؤولين في حكومة الاحتلال بعض تفاصيل الملفات التي جرى تناولها في القاهرة مع قيادتي حماس والجهاد، وتحتاج إلى رد منهم".
عرض الوفد على تل أبيب بعض ما جرى تناوله مع "حماس" و"الجهاد"
وكان نتنياهو قال لمجلس الوزراء في تصريحات متلفزة: "بعثت إسرائيل برسالة واضحة للحكومة المصرية. نتوقع أن يكون التحقيق المشترك شاملاً ومفصلاً". وأضاف: "سنُحدث إجراءات وأساليب العمليات وأيضاً الإجراءات الرامية إلى الحد من عمليات التهريب إلى الحد الأدنى، وضمان عدم تكرار مثل هذه الهجمات الإرهابية".
تعزيز عسكري مصري في رفح
وعززت مصر وجودها العسكري في منطقة رفح الشرقية الحدودية، شمالي شبه جزيرة سيناء، وذلك بناء على تعديل الترتيبات الأمنية المتفق عليها مع إسرائيل في الملحق الأمني لمعاهدة السلام المبرمة بين البلدين في 26 مارس/آذار عام 1979. وجاءت هذه التعديلات المعلن عنها من مصر وإسرائيل، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، استناداً إلى الملحق الأول في معاهدة السلام التي جرى توقيعها بين مصر وإسرائيل، والتي تتيح تعديل ترتيبات الأمن المتفق عليها بناء على طلب أحد الطرفين وباتفاقهما.
وكشف تحقيق أولي لجيش الاحتلال أن الجندي المصري الذي نفذ عملية قتل الجنود "تسلل عبر الحدود من خلال بوابة طوارئ في وقت مبكر من صباح السبت الماضي". وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي "يستخدم البوابة الصغيرة، المغلقة بأربطة مضغوطة فقط، لعبور الحدود عند الضرورة، خصوصاً لمطاردة المشتبه بهم في حوادث تهريب المخدرات، بالتنسيق مع الجيش المصري".