احتفالان للثورة التونسية: 17 ديسمبر و14 يناير... جدل الهامش والمركز

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
14 يناير 2021
الثورة التونسية
+ الخط -

يحتفل التونسيون كل عام مرتين بذكرى ثورتهم، ففيما تتشبث سيدي بوزيد بتاريخ إطلاق شرارة الثورة يوم أقدم محمد البوعزيزي على إحراق نفسه في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010، يلتقي التونسيون عموماً في المقلب الآخر للاحتفال بثمرة تلك الشرارة يوم سقط نظام زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011. جدل لا ينتهي، ولكنه يعكس النقاش ذاته المتواصل منذ عقود بين جهات الداخل والمركز على كل المستويات.

رئيس "مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية"، أمين الغالي، يقول في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك رمزية للتواريخ، فانطلاق الثورة كان في 17 ديسمبر، وسقوط النظام كان في 14 يناير"، مضيفاً أن "التساؤلات التي طرحها هذان التاريخان: هل الأهم انطلاق الثورة أم سقوط النظام؟".

ويوضح أن "التاريخين في الحقيقة يكتسيان أهمية بالغة، ويجب الاحتفال بهما"، مبيناً أنه "في الساحة العامة والدولية إن 14 يناير هو الذي تم اعتماده كتاريخ انطلاق المسار الديمقراطي في تونس". ويشرح أنه "لو بدأنا بتاريخ 14 يناير، فإن 10 سنوات من الثورة تبدأ من هذا التاريخ".

ويرى المحلل السياسي، والمؤرخ عبد اللطيف الحناشي، أنّ هناك "إشكالية في الحقيقة في تاريخ الثورة، لأن 17 ديسمبر هو انطلاق شرارة الثورة من المناطق المهمشة والحراك في الجهات، وقد استمرت إلى 14 يناير الذي يرمز إلى سقوط النظام السياسي، وتجمهر التونسيين أمام مقر وزارة الداخلية في العاصمة".

ويضيف الحناشي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا المشهد يحيلنا على تاريخ الثورة الفرنسية عندما حصل تجمع للجماهير فجاءت الثورة، وفي الواقع الثورات لها تاريخ وعادة يحسب تاريخ انتصارها وليس بدايتها مثل الثورة الروسية"، موضحاً أن "التاريخ الرسمي هو 14 يناير، وهو الذي تبنته غالبية مؤسسات الدولة، وغالبية التغيرات بخواتمها". ويستدرك بالقول إنه "على المستوى السياسي لا يوجد اختلاف كبير حول المسألة، فسواء كانت 14 أو 17، فإن المهم سقوط النظام".

وعن مرحلة ما بعد الثورة التونسية، يقول إنّ "10 سنوات لا تكفي لتقييمها، ولكن يمكن الحديث عمّا أنجز وما لم ينجز"، مذكّراً بأن "الثورة جاءت نتيجة نضالات سياسية ونقابية وحقوقية، وهي نتاج تراكمات منذ الاستقلال طرحت شعارات واضحة، تتعلق بالتشغيل والتنمية والجوانب الاقتصادية والاجتماعية".

ويضيف الحناشي أنّ "مختلف هذه المسائل لا يمكن أن تتحقق بسرعة، ولكن كانت هناك إنجازات على المستوى السياسي والدستوري والحريات، وهي التي ستساعد على نحت المستقبل".

ويلاحظ في هذا السياق أنه "مضت 6 سنوات فقط على إنجاز الدستور، وتم تسليم السلطة بين الرئاسات بشكل سلس، فالثورة التونسية تظل فريدة من نوعها لأنها دون قيادة سياسية ودون برنامج ولم تعتمد إيديولوجيا وما حصل كان سريعاً، وشكل حدثاً نوعياً، وتونس البلد الوحيد الذي نجح في المحافظة على ثورته رغم الإكراهات الحاصلة، ورغم عجز النخبة السياسة التي لم تقدر على معالجة الأمور، وكانت تعيش على المناكفات السياسية، ولم تتمكن من إيجاد برامج وحلول".

ويجمع عدد من أهالي سيدي بوزيد على أن شرارة الثورة التونسية كانت في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 تاريخ حرق البوعزيزي لجسده أمام محافظة الجهة، وأن 14 يناير/ كانون الثاني 2011 هو يوم فرار الرئيس المخلوع بن علي من تونس، ولكنه لا يمثل بحسبهم التاريخ الحقيقي للثورة.

 ورغم مرور 10 أعوام على الثورة التونسية، فإن الحراك في سيدي بوزيد لم يخمد، كذلك فإن الغضب لم يهدأ، وهو ما أظهرته تصريحات بعض مواطني الجهة لناحية عدم الرضى عمّا آلت إليه الأوضاع.

وفي زيارة لسيدي بوزيد التي تبعد 260 كيلومتراً عن العاصمة تونس، لا يبدو الواقع هنا مختلفاً عن بقية مناطق الوسط المهمشة، فحال سيدي بوزيد كالقيروان وحاجب العيون والقصرين، وبدا واضحاً أن عدداً من السكان غاضب على غياب التنمية وعلى عدم تحسن سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية.

ويؤكد السبعيني محمد الطيب العيساوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "شرارة الثورة التونسية انطلقت في 17 ديسمبر، فقد حصلت في ذلك اليوم أحداث عديدة بدأت بحرق البوعزيزي لنفسه، ثم تطور الوضع ليشمل احتجاجات على الظلم والتهميش، وصولاً إلى تاريخ 14 يناير وسقوط نظام بن علي".

ويضيف أنّ "الوضع في سيدي بوزيد لم يتغير رغم مرور 10 أعوام، فالتهميش لا يزال متواصلاً والأوضاع المعيشية صعبة وسط نسب مرتفعة من البطالة". 

كذلك تؤكد مواطنة أخرى تدعى منى (40 عاماً) أنّ "17 ديسمبر شكل يوماً فارقاً في تاريخ تونس، وكان الشرارة التي حركت الاحتجاجات في بقية المناطق المهمشة"، مشيرة إلى أنه "يظل تاريخ بداية الثورة، أما 14 يناير، فيمثل تاريخ سقوط نظام بن علي وكأن الثورة التونسية ثورتان، ثورة لبداية الاحتجاج على الظلم، وثورة على نهاية حقبة تميزت بالظلم والتمييز بين الجهات". 

بدوره، يؤكد ابن عم البوعزيزي، الهادي، أن "بداية الثورة التونسية كانت في 17 ديسمبر، وهو التاريخ الحقيقي لها، أما 14 يناير فلا يمثل تاريخ الثورة، بل هو تاريخ مغادرة بن علي لتونس"، مضيفاً أن "شرارة الثورة كانت في شهر ديسمبر".

ويؤكد أن الوضع في سيدي بوزيد لم يتغير، فلا تشغيل ولا تنمية، مبيناً أن "الوعود كثيرة ولكن كل شيء ظل حبراً على ورق". ويوضح أنه "في مسقط رأس البوعزيزي لا يوجد أبسط المرافق كمستوصف في الجهة، ولا أي بوادر للتشغيل والتنمية".

ويقول المواطن محمد صالح التليلي إنّ "الثورة متكاملة، فتاريخ 14 ديسمبر و17 يناير يتمم بعضهما البعض ويشتركان في انتفاضة الشعب ضد الاستبداد، فالإشكال ليس في العنوان أو التاريخ، بل في الفعل وما تحقق من مكاسب بعد الثورة، فالناس الذين ثاروا على الظلم وطالبوا بالتشغيل والكرامة لم يحققوا بعد طالبهم"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر لا ينسحب على سيدي بوزيد فقط، بل على جميع المحافظات التي لا تزال مهمشة".

ويلفت إلى أن "الحكومات المتعاقبة في صراع متواصل من أجل الكرسي، ولكنها لا تشعر بمطالب الشعب"، مبيناً أن "ما يحصل في مجلس النواب من صراعات خير دليل على الخطأ الكبير الذي ارتكبه الشعب التونسي، وما يحصل اليوم من تعطيلات هو نتيجة سوء الاختيار، فسيدي بوزيد وغيرها من المحافظات لم تقطف ثمار الثورة بعد".

ذات صلة

الصورة
البنزرتي طالب الاتحاد تحفيز اللاعبين مزدوجي الجنسية (الاتحاد التونسي/العربي الجديد)

رياضة

حقق المدير الفني للمنتخب التونسي فوزي البنزرتي بداية جيدة مع كتيبة "نسور قرطاج"، بعدما حقق فوزين متتاليين، في مستهل تجربته الرابعة مع الفريق.

الصورة
مسيرة احتجاجية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، 25 يوليو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس بإطلاق سراحهم بعد مضي سنة ونصف سنة على سجنهم، وذلك خلال مسيرة احتجاجية انطلقت وسط العاصمة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح.