بعد نحو شهرين على انتهاء العداون الإسرائيلي على قطاع غزة، لا يزال خيار المواجهة المسلّحة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل مفتوحاً، في ظل تأخر عملية إعادة الإعمار ورفع الحصار، وفتح معابر غزة على العالم الخارجي.
ويقول عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، خليل الحية، في كلمة له خلال مهرجان نظمته حركته في مدينة خان يونس جنوبي القطاع الخميس الماضي لتكريم عائلات شهداء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، إنّ "المنطقة ستنفجر من جديد في حال تأخرت عملية إعادة إعمار غزة".
ويؤكد الحية، أن الشعب الفلسطيني وحركة "حماس" قادران على إرغام الجميع على البدء بالإعمار بأسرع وقت، داعياً إلى عدم اختبار صبر المقاومة.
ويرى مختصون سياسيون أن أهم "أوراق القوة" التي تلوّح قيادات حركة "حماس" باستخدامها "لإجبار" الجميع على الإسراع في عملية إعمار غزة ورفع الحصار، تتمثل بالعودة إلى "المواجهة العسكرية" أو استغلال جنود جيش الاحتلال الذين أسرتهم في الحرب الأخيرة، بالإضافة إلى إثارة حالة من الفوضى الأمنية في قطاع غزة. وهو ما قد يؤثر على المنطقة بشكل كامل.
وفي السياق، يقول الكاتب السياسي طلال عوكل، إن الخيارات الأبرز الذي تملكها حركة "حماس" للضغط على الجميع للإسراع بعملية إعمار قطاع غزة تتمثل في سلاح "كتائب القسام"، الجناح العسكري لـ"حماس" وقدرتها على نزع الهدوء والاستقرار من مدن الضفة الغربية والقدس".
ويضيف عوكل في حديث لـ"العربي الجديد" أن "من أهم خيارات حركة حماس هو قدرتها على خلط الأوراق في المنطقة من خلال عودة المواجهة المسلّحة مع إسرائيل من جديد في قطاع غزة". ويشير إلى إمكانية أن تُستغل "حماس" الجثث والأسرى من الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم في الحرب الأخيرة لإنهاء عملية الإعمار ورفع الحصار عن غزة، ولكنه يستبعد أن تستجيب إسرائيل لهذه الورقة بشكل سريع.
ويشير إلى أن "إسرائيل تتربص بالفلسطينيين وتحاول إفراغ موضوع إعادة الإعمار ومفاوضات تثبيت التهدئة في القاهرة من مضمونها والعودة للمربع الأول، وكل يوم ستخلق ذريعة لتأخير وتعطيل عملية الإعمار، كأن تقول إنّ السلطة الفلسطينية لا تسيطر على الأمن في غزة، ولا تتحكم بمعابرها أو أن هناك عناصر من حركة حماس يهاجمون الإسرائيليين في الضفة الغربية ومدينة القدس".
ويرى عوكل أن الاهتمام الأساسي لإسرائيل سينصب في مفاوضات القاهرة على جثث وأسرى جنودها لدى حركة "حماس". وتوقع أن تماطل إسرائيل في المفاوضات التي ستبحث من خلالها استعادة جنودها الأسرى لتكسب وقتاً أطول تحاول من خلاله الحصول على معلومات قد تساعدها في استرجاع جنودها من دون أن تضطر إلى عقد صفقة.
من جهته، يقول المحلل السياسي إبراهيم المدهون، إن "حركة حماس أثبتت قوتها في الحرب الأخيرة والجميع يعلم أنه لا يمكن تجاوز قدرة الحركة السياسية والعسكرية في المرحلة المقبلة".
ويضيف المدهون، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حماس تمتلك أوراق قوة ستجبر فيها الجميع على رفع الحصار عن غزة وإعادة إعمارها، ومن هذه الأوراق الجنود الإسرائيليين المفقودين، بالإضافة إلى علاقات الحركة الإقليمية وتحالفاتها التي يمكن أن تستثمرها بشكل صحيح لتتم عملية الإعمار سريعاً".
ويشير إلى أن تأخر عملية الإعمار ستشعل فتيل الانفجار لدى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وهو ما قد يفجر الأوضاع بالقطاع. كذلك يرى أن تأخير الإعمار، سيزيد من حالة الغليان لدى حركة "حماس" بشكل خاص والشعب الفلسطيني في غزة عموماً، وهو ما قد يقود إلى عودة المواجهة العسكرية بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
ويؤكد المدهون أن جميع الاحتمالات مفتوحة في غزة، بما فيها خيار عودة المواجهة العسكرية وإفشال التهدئة بالإضافة إلى دخول القطاع في حالة من الفوضى الأمنية العارمة التي قد تمتد إلى المنطقة بشكل عام.
وشنّ الاحتلال عدواناً واسعاً على قطاع غزة في السابع من يوليو/ تموز الماضي ما أدى لاستشهاد 2165 فلسطينياً، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، بحسب إحصائيات صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.
ودمّر العدوان الإسرائيلي نحو 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
وكان المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي عقد في القاهرة قبل فترة وجيزة، جمع مبلغ 5.4 مليار دولار نصفها خصص لإعمار غزة. ولا تزال السلطات الإسرائيلية تمنع إدخال مواد البناء لقطاع غزة بشكل يلبي احتياجات القطاع منذ سيطرة حركة "حماس" عليه عام 2007.