تؤكد بيانات جيش الاحتلال نجاح بطاريات القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ التي تطلقها المقاومة من قطاع غزة، خصوصاً الصواريخ والقذائف القصيرة المدى، وهي أصلاً الهدف الذي أعدت وطورت صواريخ القبة لاعتراضها.
لكن التفاصيل التي تُنشر في الصحافة الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين، تحدثت عن إطلاق المقاومة لأكثر من 250 صاروخاً لمسافات مختلفة مقابل تسجيل اعتراض 60 صاروخاً، لغاية الآن.
يُضاف إلى ذلك، ما ذكرته "القناة الثانية" الإسرائيلية، اليوم الخميس، عن نجاح المنظومة باعتراض ستة صواريخ وإسقاطها.
نسبة اعتراض الصواريخ تعيد إلى الأذهان الجدل الذي أثير في إسرائيل حول فاعلية منظومة القبة الحديدية، منذ إصرار وزير الأمن السابق، عمير بيرتس، بعيد الحرب الثانية على لبنان عام 2006 على تطوير هذه المنظومة.
وأكثر ما يبرر التشكيك في هذه التقارير والمزاعم الإسرائيلية الرسمية، بشأن نجاح القبة الحديدية هو أن التقارير الإعلامية ذكرت، اليوم الخميس، أن المقاومة أطلقت منذ بدء العدوان نحو 300 صاروخ، فيما قامت إسرائيل باعتراض 60 صاروخا بنجاح. وأضيف لها ستة صواريخ أعلن، اليوم الخميس، عن اعتراضها بموازاة إطلاق المقاومة نحو 50 صاروخاً على الأقل منذ ساعات الصباح.
ووفقاً لتقرير نشر في موقع "والا" عام 2012 فإن اعتماد بيرتس، لمشروع القبة الحديدية وتطويره، رغم معارضة رئيس الحكومة آنذاك، إيهود أولمرت، ورئيس الأركان الجنرال دان حالوتس، جاء بناءً على توصيات لجنة أمنية في وزارة الأمن بضرورة تطوير دفاعات أرضية لحماية أجواء إسرائيل. وبالتالي فقد اختار بيرتس، مقترح تطوير صواريخ القبة الحديدية على الرغم من اعتراض جهات كثيرة.
وكان المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، يوسي ميلمان، قد اقتبس منذ العام 2010 تصريحات المسؤول عن قسم الصواريخ في الصناعات العسكرية نتان فيربر، إذ قال إن "بطاريات القبة الحديدية لن تكون قادرة على اعتراض القذائف والصواريخ من مدى قصير خلال وقت لا يتجاوز 25 ثانية (هي فترة وصول الصاروخ من إطلاقه في القطاع إلى إسرائيل)". وهو ما أدى يومها، بحسب تقرير نشره ميلمان بتاريخ 6\12\2010، بالحكومة الإسرائيلية إلى المصادقة على بناء الغرف والملاجئ الآمنة في المستوطنات القريبة من غزة.
وتعتبر القبة الحديدية نظام دفاع جوي بالصورايخ ذات القواعد المتحركة، طورته شركة "رافئيل لأنظمة الدفاع المتقدمة" والهدف منه اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية. لكنّ محللين وخبراء عسكريين بينوا، وبالاعتماد على عدوان "عمود السحاب" في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، أن النجاحات التي نسبتها إسرائيل لنظام القبة الحديدية يومها ووصلت حسب المعطيات الرسمية إلى 84 في المائة غير حقيقية. وهدفها الأساسي الترويج للمنظومة في ظل عروض من كوريا الجنوبية والهند ودول أخرى لشراء هذه البطاريات لدفاعها الجوي.
لكن أهم انتقاد أظهر مدى ضعف فاعلية هذه المنظومة جاء عملياً من خبيرين أحدهما إسرائيلي والثاني أميركي، وتم نشر آرائهما في تقرير خاص نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في 21 مارس/آذار من العام الماضي، (ونشر على موقع القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي) على أثر تجربة المنظومة في العام الذي سبق ذلك في عدوان "عمود السحاب".
أما الخبير الإسرائيلي، رؤوبان بيدهتسور، فأقرّ في تقرير نشره في 9 مارس/آذار عام 2013 في صحيفة "هآرتس" بأنه شاهد صواريخ كثيرة كاملة سقطت على الأرض، كما هي من دون أن تنفجر وتتمكن القبة الحديدية من اعتراضها. وبالتالي شكك في النجاحات التي تنسبها إسرائيل لهذه المنظومة.
وأكد بيدهتسور، أن "منظومة القبة الحديدية أكبر وهم في تاريخ الصناعات الأمنية الإسرائيلية".
فقد أكد التقرير، الذي أعده الصحافي الأميركي وليام جي برود، أن دراسات خبراء أميركيين وإسرائيليين بيّنت أن نسبة نجاح القبة الحديدية الحقيقية لا تتجاوز الـ40 في المائة، إن لم يكن أقل من ذلك بكثير.
وقال الخبير الأميركي ريتشارد لويد، وبالاعتماد على مشاهدة مقاطع صورتها إسرائيل خلال العدوان وخلال التجارب، إنه لم يشاهد أدلة كثيرة على نجاحات القبة الحديدية. بل على العكس من ذلك، فإن القبة نجحت فقط في حالات قليلة ونادرة في عملها، إذ يفترض عند نجاحها في اعتراض الصواريخ أن نشاهد كرتين من النار ليلاً أو عمودين من السحاب بفعل الاصطدام بين صاروخ القبة الحديدية والقذيفة التي اعترضها، لكن الصور لم تظهر ذلك على الإطلاق.
يُضاف إلى ذلك وفقاً لبيدهتسور، فإنه عثر على تقرير للشرطة يرصد وقوع 109 صواريخ في مناطق مأهولة من دون أن يتم اعتراضها. كما لفت إلى حقيقة تقديم 3165 دعوى تعويض من مواطنين إسرائيليين بفعل الأضرار التي وقعت لممتلكاتهم بعد إصابتها بالصواريخ.
أما الخبير الأميركي في صواريخ "الباتريوت"، خلال حرب الخليج الأولى من معهد "أم آي تي" الأميركي، ثيودرو بوستول، فيؤكد أن صواريخ القبة الحديدية لا يمكنها تفكيك رؤوس الصواريخ بسبب تلويها في الجو. وقدّر فرص نجاحها بأنها لا تتعدى خمسة إلى عشرة في المائة.