يلقي الرئيس الأميركي، باراك أوباما، اليوم الأربعاء، خطاباً يحاول من خلاله الفوز بتأييد الرأي العام الأميركي لدعم خططه لمحاصرة وتقويض تنظيم "داعش". ويأتي الخطاب المرتقب عقب جهود حثيثة على الساحة الدولية، بدأت الإدارة الأميركية تقوم بها، في الشهر الماضي، لحشد الصفوف في استراتيجية موحدة تلتزم بها دول الجوار للعراق وسورية كتركيا والأردن، إضافة إلى دول الخليج، والدول الأوروبية من أجل التوصل إلى قرار في مجلس الأمن يسمح باستخدام القوة ضد "داعش" تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وتسعى الولايات المتحدة، التي ترأس الدورة الحالية لمجلس الأمن هذا الشهر، وفي ظل قدوم عدد كبير من رؤساء دول العالم الى نيويورك في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، لحضور اجتماعات الدورة 68 للجمعية العامة، إلى الحصول على تغطية وتأييد دوليين عبر قرار في مجلس الأمن لشن هجمات أوسع على "داعش" في العراق وسورية. ومن المتوقّع أن يتم التصويت على قرار مجلس الأمن في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، بعيد قدوم الرئيس الأميركي في 24 سبتمبر/أيلول إلى نيويورك لحضور افتتاح اجتماعات الجمعية العامة.
وبحسب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سامنثا باور، فإن بلادها لا تحتاج حالياً إلى موافقة مجلس الأمن على الضربات التي تقوم بها في العراق، لأنها أتت بدعوة من الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق. ومع أن الولايات المتحدة تحظى بغطاء قانوني، بحسب السفيرة الأميركية، يبدو أنها تخشى عواقب قتال طويل الأمد ضد "داعش" من دون دعم إقليمي ودولي، لأنّ ذلك سيؤثر على الانتخابات المقبلة التي يشهدها الكونغرس في شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
وبحسب مسؤول أميركي رفيع المستوى، فإن قرار مجلس الأمن المرتقب، سيتضمن نقاطاً عدة رئيسية، من ضمنها كيفية التعامل مع المقاتلين الأجانب في العراق وسورية، وخصوصاً الأوروبيين والأميركيين منهم، الذين ترى فيهم الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة كبريطانيا وفرنسا، خطراً يهدد أمنها القومي، وخصوصاً عندما يعودون إلى بلادهم الغربية. وسيحاول القرار حث الدول الخليجية، وخصوصاً تلك التي يقدم مواطنوها الأموال لدعم "داعش"، بحسب مصادر أميركية، على وقف الدعم المادي. ويهدف قرار مجلس الأمن كذلك إلى "تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات عبر الانتربول وتشجيع الممارسات الجيدة في ما يتعلق بالنقل الجوي".
ومن المتوقع أن يصدر القرار تحت البند السابع، مما يسمح بمعاقبة الدول التي لا تلتزم به عسكرياً.
ويأتي قرار مجلس الأمن المتوقع، الذي يتم التشاور حول صياغته، ضمن استراتيجية أوسع لأوباما الذي يعلن عن تفاصيلها اليوم، وتتلخص في خطوات عدة تتخذها الإدارة الأميركية بالتوازي، بحسب وسائل إعلام أميركية.
بالإضافة إلى قرار مجلس الأمن المرتقب، من المتوقع أن يعلن أوباما عن نية بلاده تكثيف الضربات الجوية لتشمل مناطق "داعش" في سوريا، في حين يبقى القتال على الأرض بيد قوات البشمركة الكردية والجيش العراقي والمعارضة السورية "المعتدلة". ومن المفترض أن يزداد الدعم المادي واللوجستي والسلاح المقدم لتلك الجهات. ويطالب أعضاء في الكونغريس الأميركي بتدعيم دور الأكراد في سورية ليؤدوا دوراً مشابهاً لدور قوات البشمركة في كردستان العراق. كما يفيد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، صدر في الثامن من الشهر الجاري، أن الإدارة الأميركية تجري محادثات في الآونة الأخيرة مع "حزب العمال الكردستاني"، المصنف كتنظيم إرهابي لدى واشنطن وأنقرة. كما أن قوات البشمركة، بحسب التقرير، استعانت بفصائل من الحزب في قتالها ضد "داعش".
ومازال الرئيس الأميركي ينفي نيته إرسال قوات أميركية على الأرض، غير تلك الموجودة لحماية المصالح الأميركية، والتي تم تعزيزها في الفترة الأخيرة بألف خبير، بحسب المصادر الأميركية الرسمية. ومن المتوقع أن يطلب أوباما تفعيل خطة دعم مادية بقيمة 500 مليون دولار، كان قد تقدم بها للكونغرس في الربيع الماضي، بغية تدريب ودعم وتسليح المعارضة السورية "المعتدلة". ويأتي خطاب أوباما إلى الرأي العام الأميركي، اليوم الأربعاء، عشية لقائه ممثلي الكونغرس من مجلس النواب والشيوخ، ومحاولة حشد الصفوف وراء خطته.