وكما سبق أن نشرت "العربي الجديد"، فإنّ التصور الجديد لتنفيذ المشروع يقوم على تأمين غطاء جوي أميركي تركي فرنسي لفصائل سورية من دون تدخل تركي بري. وأبرز الفصائل المرشحة لخوض هذه المعركة، هي "الجبهة الشامية" و"لواء السلطان مراد" (التركمانية)، وحركة "أحرار الشام الإسلامية" وغيرها من الفصائل المتواجدة بشكل فعلي على خطوط الاشتباك مع "داعش" في ريف حلب الشمالي منذ أشهر طويلة، بدلاً من هدر الوقت والجهد والمال في تدريب قوات جديدة من المعارضة السورية، والتي قد تفشل في تحقيق الهدف، وتتعرض للانشقاقات والتفكك كما حصل مع قوات الفرقة 30 سابقاً.
لكن لا يبدو أنّ تنفيذ مشروع "المنطقة الآمنة"، سيكون في وقت قريب، ذلك أن المتحدّث باسم "الجبهة الشامية" (أكبر فصائل المعارضة في حلب)، والتي تعتبر أكبر المرشحين للتقدم على حساب "داعش" في هذه المنطقة، رفض خلال اتصال مع "العربي الجديد"، التأكيد على أنّ "أي خطوات جديدة قد تمّت باتجاه تنفيذ المنطقة الآمنة".
ويشير المتحدّث باسم "الجبهة"، العقيد محمد الأحمد، إلى أنّ "تقدم قوات الجبهة الشامية وحلفائها على حساب داعش في قريتي دحلة وحرجلة، هو بمثابة مفتاح لتنفيذ المنطقة الآمنة، لكن الخطوات الجدية في هذا الاتجاه، لم تُتّخذ بعد"، موضحاً أنّ "الجانب التركي يعمل على المدى الطويل، ولا يمكن أن يقدّم تصريحات بشأن خطط عسكرية لم يبدأ تنفيذها بعد". ويضيف العقيد، أنّ هذا الأمر لا يعني استبعاد تنفيذ "المنطقة الآمنة" خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد موافقة تركيا على استخدام التحالف الدولي لقاعدة إنجرليك الجوية التركية في محاربة "داعش" وتفاقم أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا.
اقرأ أيضاً "المنطقة الآمنة" باستراتيجية جديدة: غطاء تركي أميركي وتنفيذ سوري
ويخفّف إنشاء "المنطقة الآمنة" عبء تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى تركيا ومن ثم أوروبا، خصوصاً بعد التقدم الذي حقّقته قوات النظام السوري والمليشيات العراقية والإيرانية بقيادة، قائد "لواء القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني على حساب فصائل المعارضة في ريف حلب الجنوبي، في الأسابيع الأخيرة.
تسبّب هذا التقدم بنزوح أكثر من مائة ألف سوري من قراهم وبلداتهم في ريف حلب الجنوبي، بحسب مصادر المنظمات الحقوقية والإغاثية السورية. كما تقدّمت قوات النظام في منطقة جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي أخيراً، ما تسبب أيضاً بنزوح عشرات الآلاف من سكان هذه المنطقة ذات الغالبية التركمانية نحو الحدود التركية ودخول نحو ألف وخمسمئة منهم إلى الأراضي التركية.
وسيدفع النزوح بالأتراك إلى الاستعجال بتنفيذ "المنطقة الآمنة" شمال شرق حلب لتحقيق هدف استضافة النازحين وللقضاء بشكل نهائي على احتمال تقدم قوات "حماية الشعب" الكردية التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي الذي تعتبره تركيا "منظمة إرهابية" نحو هذه المنطقة الواقعة إلى الغرب من نهر الفرات على حساب "داعش"، من خلال تسليم هذه المنطقة إلى المعارضة المسلحة وتأمين غطاء جوي لها.
إلّا أنّ النظام السوري لم يكن، خلال الأسابيع الماضية، غافلاً عن محاولة إفشال هذا المخطط، إذ تمكّنت قوات النظام بدعم جوي روسي، منذ أسبوعين، من فكّ الحصار الذي كان يضربه تنظيم "داعش" حول مطار كويرس العسكري، الأمر الذي جعل قواته على بعد أقل من عشرة كيلومترات من تخوم المنطقة التي تعتزم تركيا تحويلها إلى "المنطقة الآمنة".
وسيمكّن وجود قوات النظام السوري في مطار كويرس بوضع جيد مع خطوط إمداد مفتوحة، من تقدمها في أي وقت شمالاً نحو البلدات والقرى الواقعة جنوب مدينة الباب لتصبح داخل المنطقة المزمع تحويلها إلى منطقة آمنة، الأمر الذي سيكون من شأنه، في حال حصوله، تعقيد تنفيذ مشروع "المنطقة الآمنة"، وربما القضاء عليه نهائياً.
اقرأ أيضاً: تقدُّم كويرس... النظام السوري يحتاج المطار لقصف الشمال والشرق