وأوضح جنينة، في تصريحات صحافية، أن "هذا القانون لا ينطبق على الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي يعمل طبقاً لقانون خاص، تنص المادة 20 منه على عدم جواز عزل رئيس الجهاز".
وأضاف أن "القانون رقم 89 لسنة 2015 والخاص بإعطاء رئيس الجمهورية الحق في إعفاء رؤساء وأعضاء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة، هو قانون عام، بينما قانون الجهاز المركزي للمحاسبات هو قانون خاص"، مشدداً على أن "القانون الخاص يوقِف عمل القانون العام، نظراً لأنه أخصّ من العام، طبقاً للتعريفات القانونية المثبتة".
ولفت جنينة إلى أن "استقلالية الجهاز ومكافحته للفساد، ترتب عليها، إنجازات دولية لسمعة الأجهزة الرقابية المصرية، تمثل أهمها في أن مصر أصبحت رئيسة منظمة الأفرو ساي، وهي المنظمة الأفريقية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة والشفافية في أفريقيا، بالإضافة إلى عضوية مصر في المكتب التنفيذي للمنظمة الدولية للأجهزة العليا والرقابة والمحاسبة الأنتو ساي".
واتهم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بعض وسائل الإعلام بمحاولة تشويه الأجهزة الرقابية، موضحاً أن"هذه التحركات للنيْل من سمعة الجهاز، والتي يقف وراءها بعض الإعلاميين والشخصيات النافذة، رغبة في عزلي من منصبي، ترجع لوجود ملفات بالفساد بمئات الملايين، بل بالمليارات لهذه الشخصيات، رفضت ابتزازهم ومحاولة التكتم عليها وتجاهلها"، رافضاً الصمت "عن فاسدٍ مهما علا شأنه".
وأثار القانون الصادر في 9 يوليو/تموز الجاري، بمنح رئيس الجمهورية الحق في عزل رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية من مناصبهم، جدلاً قانونياً بشأن مدى دستورية القرار، إذ اعتبر وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد مكي، أن القرار مخالف للدستور.
وأضاف مكي أنه "طبقاً للدستور، فهذه هيئات مستقلة، أي لا سلطان للسلطة التنفيذية عليها، لأنها تراقبها"، مشيراً إلى أن "الاستقلال يعني عدم القابلية للعزل، وأن العاملين بها لا يعزلون، وإلا فقدت استقلالها".
ولفت إلى أنه بالعودة لـ"نصوص الدستور، فلا بد أن يُؤخذ رأي هذه الهيئات، في القانون الذي ينظم أعمالها، وهو ما لم يتم خلال إقرار القانون الأخير، بما يعد مخالفة دستورية واضحة".
وبحسب مكي فإن "المادة 216 من الدستور المصري، تمنع إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية دون إدانة جنائية واضحة، حيث نصّت على أن "يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي قانون، يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال، ويعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يعفى أي منهم من منصبه إلا في الحالات المحددة بالقانون، ويحظر عليهم ما يحظر على الوزراء".
ونُشر قرار بقانون رقم 89 لسنة 2015 في الجريدة الرسمية بتاريخ 9 يوليو/ تموز الجاري، ينظم ﻷول مرة حاﻻت إعفاء رئيس الجمهورية لرؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والجهات الرقابية من مناصبهم.
اقرأ أيضاً: جنينة لـ"العربي الجديد": القضاء أصبح ذراعا للنظام الحاكم
وحدد القانون أربع حالات للعزل، الأولى: "إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمسّ أمن الدولة وسلامتها، والثانية: إذا فقد الثقة والاعتبار، والثالثة: إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، والرابعة: إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية".
ووفقاً للدستور، فإن من أبرز الجهات الرقابية كُلاًّ من البنك المركزي، والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزي للمحاسبات، وهيئة الرقابة اﻹدارية. كما نص الدستور على إنشاء عدد من الهيئات المستقلة، التي لم تنشأ حتى اﻵن وهي: الهيئة الوطنية للانتخابات، والمجلس الأعلى لتنظيم الصحافة واﻹعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
وكان الرئيس، محمد مرسي، قد عيّن قبل الإطاحة به في عام 2013، جنينة بقرار جمهوري في 6 سبتمبر/أيلول 2012، لمدة 4 سنوات. ووفق المادة 20 من قانون الجهاز، "لا يجوز عزل رئيس الجهاز قبل اكتمال مدته القانونية، التي تبلغ 4 سنوات، ولا يجوز إعفاؤه من منصبه، ويكون قبول استقالته بقرار من رئيس الجمهورية، وتسري في شأن اتهام ومحاكمة رئيس الجهاز، القواعد المقررة في قانون محاكمة الوزراء (غير موجود حالياً في التشريع المصري)".
مناطق ساخنة
واقترب جنينة من مناطق ساخنة، بحديثه أكثر من مرة، خصوصاً في فترة حكم مرسي (2012 - 2013)، عن تجاوزات مالية بالأجهزة السيادية، ووزارة الداخلية، والجيش.
وقبل تولّيه منصب وزير العدل، ظهر المستشار أحمد الزند، في مقطع فيديو، توعّد خلاله بعزل جنينة من منصبه، قائلاً له: "هتتشال من منصبك قريبا بإذن الله".
وبعد مساعٍ من قبل جنينة لتمكين رجال الجهاز المركزي للمحاسبات من مراقبة الأموال المنصرفة في نادي القضاة، الذي ترأسه الزند قبل أن يتولى وزارة العدل، بوصفه هيئة حكومية يحصل على مخصصات مالية من الدولة، الأمر الذي رفضه الزند، وخرج مهددا على الفضائيات بعزل جنينة من منصبه، وهو ما بدأت إرهاصاته بعد نحو شهرين من تعيين الزند وزيرا للعدل.
ويرى مراقبون سياسيون أن القانون قد يمهّد لإنهاء أي تحصين ضمنه الدستور لأية شخصيات أو مناصب في مصر خلال الفترة القادمة، في إشارةٍ لمنصب وزير الدفاع المحصّن من العزل.
اقرأ أيضاً: التحقيق في رفض "القضاة المصري" الخضوع لرقابة "المحاسبات"