يشهد مجلس النواب المصري، اليوم الأحد، جلسة مهمة لتمرير معظم القوانين التي أصدرها الرئيسان، الحالي عبد الفتاح السيسي، والسابق المؤقت عدلي منصور، منذ يناير/كانون الثاني 2014. أبرز تلك القوانين على الإطلاق، هو قانون "الخدمة المدنية"، الذي رفضته لجنة القوى العاملة بالبرلمان بالإجماع، لما يحمله من آثار سلبية على البيئة الوظيفية في مصر، ولما يواجهه من رفض مجتمعي وحكومي، حتى من الجهات التي يسري عليها، بعيداً عن وزارة التخطيط، التي استأثرت بإعداده من دون حوار مجتمعي.
وتحاول إدارة ائتلاف "دعم مصر"، الذي يُشكّل الأكثرية النيابية، ويتبع الدائرة الاستخباراتية ـ الرقابية المحيطة بالسيسي، حشد أكبر عدد ممكن من النواب لتمرير القانون والموافقة عليه بنسبة 50 في المائة زائد صوت واحد، وذلك لتجنيب الحكومة آثاراً سلبية مالية واقتصادية ضخمة، يتعذّر تداركها في حالة إلغاء القانون وفقاً للمادة 156 من الدستور، التي تنصّ على أن القانون يُعتبر ساقطاً بأثر رجعي إذا رفضه مجلس النواب.
وتضيف المصادر أن "النواب يتعرّضون لضغوط وترهيب من غضب شعبي قد ينتج بسبب إلغاء القانون، لأنه حتى إذا أقر مجلس النواب ما ترتب على القانون من آثار، وارتأى إلغاءه مستقبلاً، فهذا يعني خفض رواتب ما نسبته 30 في المائة من الموظفين الذين أصبحوا يتقاضون مستحقات مالية أكبر وفق هذا القانون".
اقرأ أيضاً سباق البرلمان المصري: إقرار 147 قانوناً خلال يومين
وتصف المصادر، التي تنتمي لأحزاب مقرّبة من السلطة، الموقف الحالي بأنه "مأزق حقيقي للبرلمان"، مبررة ذلك بأن "النواب يتعرضون لضغوط من أبناء دوائرهم وموظفي الحكومة لإلغاء القانون، وفي الوقت ذاته تُثَار أمامهم مخاوف من أضرار جسيمة قد تصيب الخزانة العامة للدولة جراء إلغاء القانون".
واللافت في تشكيلة البرلمان الحالي، أن إنقاذ هذا القانون وما يترتب عليه من استمرار حكومة السيسي في رؤيتها الاقتصادية والوظيفية، المتجهة للتخفيف من الالتزامات تجاه المجتمع والعاملين بالدولة، قد يتحقق فقط على يد الحزبين اللذين حاربتهما الدائرة الاستخباراتية ـ الرقابية، التي شكّلت ائتلاف "في حب مصر" واستأثرت باختيار رئيس مجلس النواب، وهما حزبا "المصريين الأحرار" بقيادة نجيب ساويرس، وحزب "النور" السلفي.
ويكشف هذا المشهد عدم اتساق وعدم تماسك ائتلاف الأكثرية النيابية، على الرغم من أن معظم أعضاء لجنة القوى العاملة التي رفضت قانون "الخدمة المدنية"، ينتمون إلى هذا الائتلاف، ذلك لأن طبيعتهم المستقلة عن الأحزاب السياسية النظامية تسببت في وضع الحكومة في هذا المأزق المحرج. وهو الأمر ذاته الذي يهدد بعدم خروج التصويت على قانون "الخدمة المدنية" تحديداً، متسقاً مع التماسك الذي بدت به الأكثرية لدى اختيارها رئيس مجلس النواب (علي عبد العال)، أو وكيله الأول (محمود الشريف)، قبل أن يصاب الائتلاف بتفكك جزئي لدى انتخاب الوكيل الثاني (سليمان وهدان)، الذي جاء من صفوف حزب "الوفد"، على عكس الرغبة المعلنة لإدارة الائتلاف.
اقرأ أيضاً: رفض برلمانيين مصريين "الخدمة المدنية" ووزير يبرر بـ"المصلحة العليا"