كما أن الهجمات الأخيرة، ومنها الهجوم على الجامعة، يضع القيادة الباكستانية في وجه خطر آخر، يتمثل في أن طالبان والجماعات المسلحة، ورغم القضاء على معاقلها بشكل كبير في المقاطعات القبلية، أظهرت أنها قادرة على تنفيذ مخططاتها.
وثمة احتمالان، أولاً أن الحركة وسّعت نفوذها داخل المدن الباكستانية وأنشأت لها مراكز فيها، بعد أن خسرت معاقلها في المناطق القبلية، ما سيجعل الجيش والحكومة يواجهان سيناريو جديدا أصعب مما كان.
اقرأ أيضاً: قتلى وجرحى في هجوم مسلح على جامعة في باكستان
ثانيا أن الحركة أنشأت لها معاقل خارج الحدود الباكستانية، وبطبيعة الحال داخل الأراضي الأفغانية، كما كانت تدّعي السلطات الباكستانية.
وفي ظل تقارب نسبي بين كابول وإسلام آباد، ستطلب الأخيرة من الأولى التعاون في هذا الشأن، لأجل القضاء على "طالبان باكستان".
في المقابل، الحكومة الأفغانية تدّعي أن الجماعات التي تنشط ضدها في أفغانستان لها معاقل في باكستان، وهي تحصل على الدعم من قبل الاستخبارات الباكستانية. ومن هنا، ستكرر كابول مطلبها من جديد، مقابل التعاون مع الحكومة الباكستانية بشأن "طالبان باكستان".
التعاون بين الجارتين اللتين تربطهما علاقات اجتماعية وسياسية واقتصادية وجغرافية، يراه متتبعون الحل الأمثل، وهو الطريق الوحيد للقضاء على الجماعات المسلحة التي قد تدفع دول المنطقة، وعلى وجه أخص باكستان وأفغانستان، نحو ويلات وحروب.
اقرأ أيضاً: نواز شريف في طهران والعلاقة مع الرياض تتصدر المشهد
وأشار وزير الإعلام السابق في الحكومة المحلية بإقليم خيبر، بختونخوا ميان إفتخار حسين، في تعليق له على حادث اليوم، إلى الطرح الأخير. وقال في هذا الصدد، نحن ندعو دائما الحكومة الباكستانية إلى العمل ضد جميع المسلحين، وإلى عدم التفرقة بين "طالبان الجيدة" و"طالبان غير الجيدة".
وشدد إفتخار حسن، على أن "التعاون بين باكستان وأفغانستان هو الحل، وإلا فإن المنطقة برمتها معرضة للخطر، وليست دولة واحدة فقط".
من هنا، يظهر أن الهجمات الأخيرة عموماً، وهجوم اليوم على وجه الخصوص، ستزيد من الضغوط الداخلية على الحكومة الباكستانية، لأجل العمل ضد "طالبان أفغانستان"، كي تتعاون معها الحكومة الأفغانية بشأن "طالبان باكستان"، والتي لها معاقل في أفغانستان، كما تدّعي إسلام آباد، من دون إغفال الضغوطات الأميركية والصينية على الأخيرة بشأن التعاون في المصالحة الأفغانية.
اقرأ أيضاً: قتلى وجرحى في انفجار شمال غرب باكستان
جدير بالذكر، أن الحكومة الأفغانية تطلب من باكستان إقناع "طالبان" بالعودة إلى الحوار، أو العمل الميداني ضدها، وضد كل الجماعات التي لا تقبل الحوار ولها معاقل في باكستان.
وكان مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للأمن القومي والشؤون الخارجية، سرتاج عزيز، قد أكد، في 11 يناير/كانون الثاني الجاري، خلال الاجتماع الرباعي الأول في إسلام آباد، أن "العمل الميداني ضد من يرفض الحوار يخالف مبدأ الحوار مع الجميع". ودعا إلى عدم وضع شروط مسبقة لعملية الحوار.
ولكن تكرار مثل هذه الهجمات قد يجبر الحكومة الباكستانية على العمل الميداني ضد الجماعات المسلحة التي لا تقبل الحوار مع الحكومة الأفغانية، وهذا ما تطلبه الأخيرة.
ويبدو من هجوم اليوم على الجامعة، التي تقع في منطقة تشارسده، وهي مقر الحزب "العوامي القومي البشتوي" الذي يتزعمه أسفنديا رولي، والذي يمثل خط النار الأول في مواجهة "طالبان"، أن الأخيرة عادت إلى استراتيجيتها السابقة، والمتمثلة في استهداف كل ما هو حكومي، وكل من يدافع عن سياسات الدولة من القوميين وغيرهم. ومعروف أن الجامعة منسوبة إلى مؤسس الحزب، خان عبد الغفار خان، المعروف في أوساط البشتون بـ"باتشاه خان" (اسم الجامعة).
اقرأ أيضاً: عام صراع "داعش" و"القاعدة"... خلاف استراتيجي وتنافس على الزعامة