على غير عادتها، كشفت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، معلومات عن آسري الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي ظل محتجزاً لديها خمس سنوات في غزة. غير أنّ الفيديو الذي استعرضت من خلاله "القسام"، ما أسمته تاريخ "وحدة الظل"، يؤكد أنّها تسعى لدفع إسرائيل لتبادل جديد، مع المحتجزين لديها الآن.
ولم يسبق لـ"القسام" إعلان تفاصيل دقيقة، كالتي عرضتها عن "وحدة الظل" التي أنشأتها قبل عشر سنوات، من أجل الاحتفاظ بالجنود الإسرائيليين الأسرى لديها، في سبيل الوصول إلى تبادل أسرى. ويعني الكشف "القسامي" عن المعلومات، أنها ربما صارت غير ذات أهمية كبرى في عملها، وأنها طوّرت من العمل في غير الاتجاه المعلن عنه.
ويشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة في غزة، عدنان أبو عامر، إلى أنّ "القسام تبدو وكأنها بصدد تغيير سياسة التعتيم الكامل الخاصة بعملياتها العسكرية والأمنية، إلى مرحلة من الكشف التدريجي عن بعض ما تم تنفيذه وطويت صفحته في السابق".
اقرأ أيضاً عباس و"حماس": تغيير لفظي أم خطوة نحو المصالحة؟
ويلفت أبو عامر في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هذا السلوك غير معهود من قبل القسام من الناحية الأمنية والتعتيم الكامل، وقد يكون له أسباب ودوافع في غالبها أمنية واستخبارية من جهة، ومن جهة أخرى محاولة إرسال رسائل ضاغطة على الرأي العام الإسرائيلي، لجعله يمارس ضغوطاً على صانع القرار الإسرائيلي، لتحريك صفقة تبادل مجمّدة حتى الآن".
ويوضح أبو عامر أنّ "القسام" تحاول بين الحين والآخر، إرسال رسائل للرأي العام الإسرائيلي، في إطار الحرب النفسية لإجبار الحكومة الإسرائيلية على الدخول في صفقة تبادل". ويشير إلى أنه "ليس بالضرورة أنّ تكون كل الرسائل الموجهة للرأي العام الإسرائيلي، مكشوفة عبر وسائل الإعلام، وربما تلجأ المقاومة للتواصل المباشر مع عائلات الجنود لممارسة الضغوط على الحكومة".
ويتابع "يبدو من كشف القسام الجديد، أنه هناك رغبة في إظهار ما لدى التنظيم من قدرات أمنية وإمكانيات استخبارية، تشير إلى أننا بصدد جيش نظامي أكثر من كونه جهازا عسكريا ومجموعة مسلحة. وكأنّ القسام يحاول أن يحاكي الجيوش النظامية".
ويبينّ أبو عامر أنّ "الإسرائيليين مجتمع ينزاح نحو اليمين أكثر فأكثر، وأنّ اللعب على الرأي العام الإسرائيلي مهمة طويلة زمنياً، ولا يجب أن نُهيئ أنفسنا لتلقي ردود فعل مباشرة وفورية على الرسائل التي بثها القسام".
وينبّه إلى أنّ "الإسرائيليين لديهم هاجس كبير بعد صفقة التبادل السابقة، خصوصاً عقب انخراط بعض الأسرى المحررين في عمليات للمقاومة"، معتقداً أن "المعارضة الإسرائيلية لصفقة تبادل، هي معارضة واضحة، وليست معارضة دعائية".
من ناحيته، يقول مدير مركز "أبحاث المستقبل"، إبراهيم المدهون لـ"العربي الجديد"، إن "كشف الجناح العسكري لحركة حماس عن وحدة الظل، يحمل في مضمونه رسائل، أهمها توجيه ضربة استخباراتية قوية للاستخبارات الإسرائيلية، فضلاً عن الرغبة في تحريك ملف الأسرى المفقودين في حرب غزة الأخيرة عام 2014".
ويؤكد المدهون أنّ "الكشف عن وحدة الظل يؤكد على وجود عمل مؤسساتي ضخم داخل أروقة كتائب القسام، من أجل العمل على توجيه ضربات مفاجئة للاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى وجود إمكانيات لدى الذراع العسكري للحركة الإسلامية يؤهلها لمفاجأة إسرائيل".
ويلفت المدهون إلى أنّ "القسام لن يكشف بشكل واضح أي تفاصيل مرتبطة بمصير أو أعداد الجنود الإسرائيليين المأسورين لديه في غزة، وهو يسعى من خلال النشر إلى تحريك الرأي العام الإسرائيلي ضد حكومته، لدفعه لتلبية شروط المقاومة، والتوجه لصفقة تبادل أسرى جديدة".
ويشير إلى أنّ "إصرار الاحتلال الإسرائيلي على إخفاء الكثير من التفاصيل المرتبطة بجنوده ومفقوديه لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، دفع بقادة القسام للتوجّه نحو توجيه ضربة إعلامية غير مباشرة لإرباك الحسابات الإسرائيلية".
ويعتقد المدهون أنّ "ملف الأسرى الإسرائيليين لدى القسام سيحمل مفاجآت من الناحية الكمية والنوعية، في ظل حالة الطوق والتكتم الإعلامي الشديد من قبل الجناح العسكري لحماس وقادة الحركة السياسيين، وعدم نشر أي تفاصيل متعلقة بالملف".
اقرأ أيضاً: المطر ضيف ثقيل على فقراء غزة