وانتُخب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية بعد حصوله على 83 صوتاً في الاقتراع الرابع من الدورة الثانية.
ووقع عون على أول مرسوم له، وذلك على وقع توارد التهاني المحلية والدولية له، أبرزها من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والرئيس الإيراني، حسن روحاني، والأمين العام لـ"حزب الله"، كما تلقى عون اتصالاً هاتفياً من رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وشدّد عون، في كلمته، على أهمية "تحقيق الاستقرار على مُختلف الصعد"، مُعتبراً أنّ أول خطوات الاستقرار السياسي هي "احترام الدستور والشراكة الوطنية، وضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بكاملها دون استنسابية مع تطويرها وفقاً للحاجة من خلال التوافق الوطني"، داعياً إلى إقرار قانون انتخابي "يؤمن عدالة التمثيل"، قبل موعد الانتخابات المقبلة.
وعلى صعيد علاقات لبنان الخارجية، أكد عون التزامه بـ"ميثاق جامعة الدول العربية، واعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا مع احترام القانون الدولي". كما أضاء عون على "عدم توفير أي جهد أو مقاومة في الصراع مع إسرائيل".
وربط عون بين الوضع الأمني، وبين اللجوء السوري والفلسطيني في لبنان، معتبراً أنّه "لا يمكن أن يقوم حل في سورية إلا بعودة النازحين، وسنعمل خلال وجودهم على منع تحول مخيماتهم إلى محميات أمنية".
وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين، رأى عون أنّ "تثبيت حق العودة للاجئين الفلسطينيين يُشكل خطوة أولى نحو تنفيذ هذا الحق".
ووصف الرئيس اللبناني تطوير الجيش بـ"هاجسه"، مع التأكيد على أهمية "التنسيق بين القضاء والأمن لتكامل مهامهما وتحذيرهما من التبعية السياسية".
ومن جهة ثانية، أكد عون "اعتماد نهج اقتصادي تنسيقي بين الوزارات، مع وضع خطة اقتصادية شاملة تساهم في تأمين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي".
ووضع الرئيس الجديد ملامح الخطة الاقتصادية التي ستشمل "تكبير حجم الاقتصاد الحر من خلال استثمار الموارد الطبيعية وإشراك القطاعين العام والخاص، مع الاستثمار في الموارد البشرية في قطاع التربية والتعليم والمعرفة"، مشدداً على وجوب "إرساء نظام الشفافية للوقاية من الفساد وتفعيل أجهزة الرقابة".
وأجمعت مواقف الكتل السياسية التي شاركت في جلسة انتخاب الرئيس عون في البرلمان على "أهمية وإيجابية المرحلة المُقبلة".
وأكد وزير التربية والتعليم العالي، الياس بو صعب، في تصريح صحافي "أن العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ليست بحاجة إلى ترميم فهي أكثر من مريحة".
كما أكد رئيس كتلة "المستقبل" النيابية، النائب فؤاد السنيورة، أنه سيتعاون مع رئيس الجمهوية، بعد أن كان قد عبّر عن رفضه لخيار رئيس تيار المستقبل، النائب سعد الحريري، ترشيح عون للرئاسة.
ودعا رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع الرئيس الجديد إلى "التركيز على بناء الاقتصاد والجيش والسياسة الخارجية".
ومن المنتظر أن تشهد بعض المناطق اللبنانية احتفالات بوصول عون إلى الرئاسة، إلى جانب مهرجان مركزي يقيمه "التيار الوطني الحر" في ساحة الشهداء بالعاصمة بيروت.
وكان رئيس البرلمان، نبيه بري، قد افتتح جلسة القسم بكلمة شكر فيها رئيس الحكومة، تمام سلام، على "ممارسة صبر أيوب"، ووصف الرئيس عون بأنه "أحد أركان شرعية المجلس النيابي".
وحذّر بري من مجموعة مخاطر تتهدد لبنان، منها "الفدراليات التي تبشر بها المعارك الإقليمية والتي تعتبر إسرائيليات طائفية جديدة، وخطر الإرهاب والهاجس الاقتصادي الناتج عن ملف اللجوء السوري والفلسطيني في لبنان".
ووصف بري إسرائيل بـ"الخطر الاستراتيجي الذي يهدد لبنان من خلال المطامع الاقتصادية ومواصلة احتلال الغجر وكفرشوبا وشبعا".
وطالب بري رئيس الجمهورية بـ "وقف نزيف لبنان البشري، وإعادة الاعتبار إلى وزارة المغتربين وإشراكهم في الحركة السياسية".
واختتم رئيس البرلمان كلمته بالتأكيد على ضرورة "إقرار قانون عصري للانتخابات يعتمد النظام النسبي، وينص على الكوتا النسائية ومشاركة الشباب. وهو قانون يعبر بنا إلى ما بعد الطائفية دون المس بالطوائف".
ويأتي انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان ليُنهي عامين ونصف العام من الشغور الرئاسي، عطّل خلالها نواب "تكتل التغيير والإصلاح" ونواب "حزب الله" جلسات الانتخاب، لينتهي الأمر بتسويات ثنائية عقدها عون مع "حزب القوات اللبنانية" ومع "تيار المستقبل"، سمحت بتبني الحزبين ترشيحه وفك حلقة التعطيل عن مجلس النواب.
يشار إلى أنّ النواب الذين انتخبوا عون، اليوم الإثنين، كانوا قد مددوا ولايتهم دورة كاملة على مرحلتين من دون الرجوع إلى الشعب، بعد توافق كل الأطراف السياسية على تأجيل إجراء الانتخابات النيابية.
ويُفترض أن إجراء هذه الانتخابات، العام المُقبل، بعد إقرار قانون انتخابي، هو إحدى أولويات العهد الجديد، إلى جانب تأليف الحكومة، ومعالجة الشؤون الأمنية والاقتصادية في لبنان.