في هذا الإطار، أرسلت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، المرشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، الأسبوع الماضي، زوجها، الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إلى جنوب ولاية فلوريدا، حيث يوجد فيها أكثر من 500 ألف ناخب يهودي، من المقرر، أن يدلوا بأصواتهم في التصفيات التمهيدية الخاصة بالحزب الديمقراطي في منتصف مارس/آذار المقبل.
وبحسب ما أكدته حملة كلينتون ومصادر صحافية أميركية أخيراً، التقى بيل كلينتون بعدد من قادة المنظمات اليهودية الأميركية في جنوب الولاية، وقدّم لهم وعوداً بإيصال العلاقة التحالفية مع إسرائيل إلى أوثق مما كانت عليه في أي وقت مضى.
وقالت المصادر الصحافية إنّ اللقاء تم في غرفة جانبية مغلقة على هامش فعالية أوصدت الأبواب أمام الصحافيين لمنعهم من تغطيتها. لكن المعلومات تسربت لاحقاً بأنّ بيل كلينتون تعهّد نيابة عن زوجته بتنقية العلاقة مع إسرائيل مما شابها في عهد الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما من خلافات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وكانت كلينتون قد أعلنت في وقت سابق أنها في حال فوزها بالرئاسة ستعمل على تفهُّم مخاوف إسرائيل من الاتفاق النووي مع إيران. وتعهّدت المرشحة الديمقراطية بإبقاء العلاقات مع إيران في حدود منع طهران من صنع السلاح النووي واستمرار الضغط على الجمهورية الإسلامية في المجالات الأخرى.
وجاء تحرّك كلينتون الداعم لزوجته، وفقاً لمراقبين، تحسباً منه على ما يبدو من أن تذهب أصوات يهود أميركا إلى منافسها الديمقراطي، السيناتور اليهودي الأميركي بيرني ساندرز من باب التعاطف مع أصله العرقي والديني. وتحرص حملة ساندرز على عدم ربطه بيهود أميركا، لكن وقوفه مع إسرائيل لم يكن محلّ شك في أي وقت حتى وإنْ نشبت خلافات مع نتنياهو.
على الجانب الجمهوري، تردّد ذكر إسرائيل أكثر من خمسين مرة خلال المناظرة الأخيرة بين المتنافسين الخمسة على ترشيح الحزب لهم. وعلى الرغم من هيمنة القضايا الداخلية على وقائع المناظرة التي جرت، الخميس الماضي، في مدينة هيوستن بولاية تكساس، حرص جميع المتنافسين على تأكيد وقوفهم القوي مع إسرائيل. كما تراشقوا التهم في ما بينهم بشأن مدى صدق الانحياز لإسرائيل من عدمه. ومن المفارقات، أنّ أكثر من أبدى اعتدالاً بين المتنافسين، هو المرشح الثري المثير للجدل، دونالد ترامب.
اقرأ أيضاً الانتخابات الأميركية: مواقف طريفة تسود المناظرة الجمهورية بين المرشحين
واتهم السيناتور ماركو روبيو زميله ترامب بأنه لا يستطيب فكرة الانحياز لإسرائيل ضد الفلسطينيين بل ينوي التعامل مع طرفَي النزاع من مسافة واحدة. واعتبر روبيو أن مثل هذا الحياد مثير للقلق. وسخر روبيو من ترامب قائلاً، إنه يظن أن "توقيع الاتفاق مع الفلسطينيين شبيه بصفقة عقارية"، مضيفاً أن "ترامب لم يجرب التعامل مع الإرهابيين". ويظهر روبيو، المعروف بأنه المرشح المفضّل لدوائر القرار في تل أبيب، عداءً شديداً ضد الفلسطينيين قائلاً، إنهم "يتصرفون دائماً بسوء نية. والسلطة الفلسطينية أضاعت فرصاً عديدة لتحقيق السلام ورفضت عروضاً سخية جداً من إسرائيل". وأضاف أنّ الفلسطينيين "يعلّمون أطفالهم منذ أن يبلغ الفرد منهم الأربع سنوات، أنّ قتل اليهود هو الفعل المجيد. وحركة حماس تطلق الصواريخ وتنفّذ الهجمات الإرهابية على إسرائيل بشكل متكرر".
وينهي روبيو وجهة نظره قائلاً، إن "الاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، نظراً لوضع الأخيرين الحالي، غير ممكن". واعتبر روبيو أن الرئيس المقبل للولايات المتحدة يجب أن يكون شخص مثله يقف بحزم إلى جانب إسرائيل، "لأنها الدولة الوحيدة الديمقراطية بين جميع حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط".
لكن ترامب برّر موقفه بالقول إن "إحلال السلام يتطلب من الوسيط ألا يعلن هوية الطرف السيئ أو الجيد"، موضحاً أنه لا يرى فائدة من "إذلال الجيران إذا أردنا الانخراط في مفاوضات صعبة لتحقيق السلام لما فيه مصلحة إسرائيل ومصلحة جيرانها في آن معاً". واستدرك ترامب حديثه قائلاً إن "هذا لا يعني أني لست من المناصرين جداً لإسرائيل". ودلل على مناصرته للأخيرة بأنّه تلقّى العديد من الجوائز من تل أبيب. واعتبر أن العمل على تحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها، سيكون واحداً من أعظم إنجازات رئاسته.
من جانبه، علّق السيناتور الأكثر تطرفاً تيد كروز على ما قاله ترامب قائلاً، إن "متصدر قائمة الترشيح الجمهورية يلتقي في هذا الرأي مع المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون"، مشيراً إلى أنّه لا يتفق مع كليهما في سعيهما للحياد بين إسرائيل والفلسطينيين. وتابع: "دعوني أكون واضحاً، إذا أصبحت رئيساً، لن أتردد في الانحياز لإسرائيل في كل الظروف". يشار هنا، إلى أنه عندما علّقت هيئة الطيران الفيدرالية الأميركية رحلات الطيران إلى مطار اللد في فلسطين المحتلة عام 1948 لفترة وجيزة أثناء حرب 2014 على غزة، هاجم كروز إدارة أوباما بشدة متهماً إياها باتخاذ قرار مقاطعة إسرائيل.
بدوره، تحدث حاكم ولاية أوهايو، جون كاسيك عن تأييده القوي لإسرائيل، مشيراً إلى أنه لا يملك مالاً بالقدر الذي يملكه ترامب ليعطي إسرائيل، لكنّ سجلّه في الوقوف إلى جانبها طويل. أما الطبيب الجراح المتقاعد بن كارسون، حاول إثبات تأييده لإسرائيل عن طريق إقحام الحديث عن زيارته إليها قبل أشهر عدة. وقال إنّه تحدث مع كثيرين هناك ولم يجد فرداً واحداً لا يعتقد أن الولايات المتحدة قد أدارت ظهرها لإسرائيل. وأضاف محذراً أنّ "آخر شيء يتعين علينا القيام به هو رفض إسرائيل"، مستدركاً كلامه، "لكن هذا لا يعني أننا لا يمكن أن نكون عادلين مع الآخرين"، مفرّقاً بين إسرائيل والآخرين بتشبيه الأولى بـ"طفل يجب إعطاؤه اهتماماً خاصاً مع تحري العدالة مع بقية أطفال العالم".
اقرأ أيضاً تصفيات الانتخابات الأميركية: كلينتون تستميل اللوبي اليهودي