ألمانيا: "معركة مستقبل أوروبا بدأت اليوم"

عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الجمعة، من برلين، عن صدمتها من قرار البريطانيين مغادرة الاتحاد الأوروبي وحذرت في الوقت ذاته من استنتاجات سريعة وسهلة.

واعتبرت المستشارة أن ما حصل هو نقطة تحول بالنسبة لأوروبا، مؤكدة من أنه يجب عدم النسيان بأن تأسيس الاتحاد الأوروبي�كان فكرة من أجل السلام بعد فترة من إراقة الدماء، وأعلنت عن اجتماع أزمة سيعقد في برلين يوم الإثنين، وسيضم رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي.

وفتح  تصويت البريطانيين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المجال لتحذيرات ألمانية من التداعيات السلبية المتوقعة لخروج لندن من التكتل الأوروبي، مع دعوات إلى استخلاص الدروس والعبر من هذا الاستفتاء.

ووصف نائب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ووزير الاقتصاد، سيغمار غابريال، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بـ"اليوم المشؤوم لأوروبا"، فيما اعتبرت الصحف الألمانية الصادرة صباحا أن "معركة مستقبل أوروبا بدأت اليوم". 

ويتوقع مراقبون أن تكون لخروج بريطانيا تداعيات على دول الاتحاد الأوروبي، خصوصا في ظل بروز مطالب بإجراء استفتاء مماثل في دول عدة كهولندا وإيطاليا والدنمارك.

ويرى متتبعون أيضا أن الاستفتاء "ناقوس خطر بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي لتصحيح أخطاء الماضي والبحث عن طرق أفضل للتعاون أكثر من أي وقت مضى، من دون وجود بريطانيا، وجعل مؤسسات الاتحاد الأوروبي أكثر شفافية وديمقراطية وتقديم مزيد من المعلومات والحقائق مع التقليل من الدعاية".

وتسود توقعات بأن تتجه لندن وبروكسل إلى إبرام اتفاقيات ثنائية لمواصلة تعاونها التجاري، خاصة أن بريطانيا خامس أكبر اقتصاد عالميا.

وينتظر أن تؤثر نتيجة الاستفتاء أيضا على نحو 370 ألف موظف ألماني يعملون في بريطانيا، بالنظر إلى أن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي ستؤثر سلبا على تجارتها مع دول الاتحاد.

ومن المتوقع أيضا أن تزيد ألمانيا مساهمتها في الاتحاد الأوروبي لتعويض خسارة مساهمة بريطانيا البالغة 5 مليارات يورو سنويا، علما أن مساهمة ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، تناهز حاليا 15.5 مليار دولار.

وفي هذا الإطار، وصفت العديد من الصحف الألمانية الصادرة اليوم نتائج الاستفتاء بـ"الكارثة"، معتبرة أن "المعركة من أجل مستقبل أوروبا بدأت اليوم، وما حصل في لندن قد يكون الدرس الأول وربما الأكثر أهمية، الذي يجب على أساسه محاسبة المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، الذي يتطلب تكامله مبررات جادة وأساسا متينا".

وشددت على ضرورة تحرير السياسات الأوروبية من حملات التخويف، التي يقودها الشعبويون والمعارضون للاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن "الاتحاد في حاجة اليوم إلى الثقة أكثر من أي وقت مضى".

وطالبت بالعمل وفق رؤية أكثر وضوحا في ظل تنامي المشاكل والتناقضات داخل الاتحاد الأوروبي، متحدثة عن الحاجة إلى مجلس أوروبي للعلاقات الخارجية لتطوير بعض الأفكار المثيرة للاهتمام بالنسبة للاتحاد.

ورأت أنه "حان الوقت للاستماع إلى الحكمة الأوروبية باعتبارها الطريقة الوحيدة للتغلب على "القومية التافهة" التي سادت في المملكة المتحدة، أمس، في ظل الخوف من أن تنتشر في أرجاء أوروبا".