وعلم "العربي الجديد" من مصادر من المنظمات الإغاثية العاملة في مدينة حلب، أن كلاً من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي قد اتصل بشركائه المحليين في حلب، من المنظمات والمؤسسات الإغاثية العاملة في المدينة، ليطرح اقتراحاً يفيد بتحويل طريق الكاستلو، والذي تسيطر عليه قوات النظام السوري شمال حلب، إلى ممر إنساني تدخل عبره المساعدات إلى مناطق سيطرة النظام والمعارضة في حلب، وذلك بشكل أسبوعي لأربعة أسابيع مبدئياً قابلة للتمديد لاحقاً.
وعلم "العربي الجديد" من مصادر المعارضة في حلب أن الأخيرة تواصل مشاورتها بشأن اختيار طريق الكاستلو كممر إنساني لإيصال المساعدات إلى المدينة، مع ترجيح رفضها مثل هذا الاقتراح. ويتعزز هذا الاتجاه بعد إعلان المجلس المحلي لمدينة حلب، التابع للمعارضة، في بيان أمس الأربعاء، رفضه الكامل لاختيار طريق الكاستلو، داعياً إلى اعتماد طريق الراموسة-خان طومان الذي يصل مناطق سيطرة المعارضة في حلب بمناطق سيطرتها بريف المدينة كممر إنساني لإيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة. وأكد أن اعتماد أي طريق آخر غير طريق الراموسة-خان طومان سيؤدي إلى إعطاء شرعية وغطاء دولي لاعتبار منطقة الراموسة غير آمنة، وبالتالي المشاركة في فرض طوق عسكري حول مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب.
وتتمحور مخاوف المعارضة حول كون طريق الكاستلو الذي يجري الإعداد لاستخدامه لإيصال المساعدات هو نفسه الممر العسكري الوحيد لقوات النظام السوري الموجود في حلب. ويعني هذا الأمر أنه في حال قبول المعارضة تحويل الطريق إلى ممر انساني، فإنه سيتم تقديم حماية أممية لخط إمداد قوات النظام، في الوقت الذي تستمر فيه هجمات قوات النظام على طريق الراموسة – خان طومان، جنوب حلب، والذي يعد حالياً خط إمداد قوات المعارضة الوحيد إلى مناطق سيطرتها في حلب.
كما أن تفاصيل أخرى في الاقتراح الأممي، والذي تسرب من المنظمات الإغاثية إلى المعارضة، أثارت مخاوف شديدة. ووفقاً لمعلومات "العربي الجديد"، تخشى المعارضة أن تتحول هدنة الثماني والأربعين ساعة أسبوعياً إلى وسيلة ضغط لدى النظام على المعارضة. ويعزز مضمون الاقتراح الأممي هذه المخاوف، إذ يقضي بدخول المساعدات الإغاثية إلى مناطق سيطرة المعارضة في حلب عبر طريق الكاستلو، آتية من الحدود التركية. ويعني هذا الأمر أن قوافل المساعدات المنتظرة ستمرّ على حواجز قوات النظام قبل دخولها مناطق المعارضة، الأمر الذي سيمنح الأخيرة إمكانية التحكم في القوافل ووقت عبورها وما تحمله من مواد، في مقابل مرور المساعدات إلى مناطق النظام عبر طريق الكاستلو نفسه على أن تأتي من دمشق ثم حماة وصولاً إلى مناطق النظام شرق حلب ومن ثم طريق الكاستلو. أي أن المساعدات التي ستصل مناطق النظام لن تمر على مناطق المعارضة، بالتالي ستتمتع قوات النظام على هذا الأساس بأفضلية على حساب المعارضة تتمثل في إمكانية التحكم وربما الإعاقة في ما يخص مرور المساعدات إلى قسمي مدينة حلب.
وبناء على كل ما سبق، يبدو أن المعارضة تفضل أن تصل المساعدات الإغاثية إلى مناطقها في مدينة حلب عبر طريق خان طومان–الراموسة الذي سيطرت عليه أخيراً، إذ يمكن أن تدخل القوافل الإغاثية من الأراضي التركية لتصل ريف حلب الغربي ومن ثم مناطق سيطرتها في مدينة حلب عبر طريق خان طومان-الراموسة. إلا أن المعارك الطاحنة، المستمرة في محيط هذا الطريق، والناتجة عن هجمات النظام وحلفائه المستمرة بهدف قطعه، قد تحول دون إمكانية موافقة الأمم المتحدة على هذا الطريق.
وكان ممثل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، قد طالب منذ يومين خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع الإنساني في سورية، بالعمل سياسياً لوقف القصف والغارات الجوية في البلاد. كذلك كرّر مناشدته بوقف إطلاق النار لثمانٍ وأربعين ساعة في حلب، قائلاً إنّ "الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ومبعوثه إلى سورية ستيفان دي ميستورا، طالبا بذلك منذ أيام، ويجب ألا يكون هذا الأمر رهاناً لتكتيك تفاوضي بل هو ضرورة قصوى".
من جانبها طالبت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، يوم الإثنين، الأمم المتحدة، بـ"تسريع إجراءات الهدنة التي اقترحها المبعوث الدولي الخاص بسورية، ستيفان دي ميستورا"، مشيرةً إلى "ضرورة أن تشمل الهدنة جميع أرجاء سورية ولا تقتصر على مدينة حلب فقط". ودعت، في بيان، الأمم المتحدة إلى "تحمل مسؤولياتها في حماية المدنيين من الهجمات الإرهابية التي يقوم بها نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وحلفاؤه ضد السكان المحليين"، رافضة "مبدأ تجزئة التهدئة زمانياً أو مكانياً".