يتجه حزب "روسيا الموحدة" لتعزيز سيطرته على مجلس الدوما (النواب) الروسي، بعد فوزه في الانتخابات التشريعية بحصوله على أكثر من 54 في المائة من أصوات الناخبين بالقائمة النسبية، وتقدم 203 من مرشحيه بالدوائر الفردية، البالغ عددها الإجمالي 225. وبذلك يستعيد الحزب الحاكم الأغلبية الدستورية بشغل نوابه أكثر من ثلثي المقاعد، أي أكثر من 340 من أصل 450 مقعداً، مقابل 238 في المجلس المنتهية ولايته، بما يتيح له تعديل الدستور، باستثناء بعض المواد، وحتى تجاوز حق النقض (الفيتو) الرئاسي. ويعود هذا الاكتساح بشكل أساسي إلى العودة إلى الانتخابات بالنظام المختلط للمرة الأولى منذ عام 2003، إذ يكفي بالدوائر الفردية الحصول على الأغلبية البسيطة من الأصوات.
وفي نظام القائمة النسبية تجاوز "روسيا الموحدة" النسب المتوقعة وفق استطلاعات الرأي، والتي كانت تشير إلى أنه يحظى بتأييد نحو 40 في المائة من سكان البلاد، قبل أن يتجاوز حاجز الـ50 في المائة، ولكن وسط ضعف المشاركة التي بلغت قرابة 48 في المائة مقابل حوالي 60 في المائة في انتخابات عام 2011.
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ترأس الحزب الحاكم سابقاً، أن فوز "روسيا الموحدة"، رغم الصعوبات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، يعكس ثقة المواطنين ويأتي بمثابة ردهم على "محاولات الضغط الخارجي على روسيا والتهديدات والعقوبات وزعزعة الوضع في بلادنا من الداخل".
إلا أن نائب رئيس حزب "بارناس" المعارض إيليا ياشين يشير إلى أن هذا الفوز الكبير للحزب الحاكم يعود بالدرجة الأولى إلى أن نسبة المشاركة هذه المرة كانت الأدنى في تاريخ روسيا الحديث، معتبراً أن المعارضين قرروا البقاء في منازلهم بدلاً من الذهاب إلى مراكز التصويت. ويقول ياشين، في حديثه لـ"العربي الجديد": "حضر المؤيدون إلى مراكز الاقتراع، بينما عزف المعارضون عن المشاركة لعدم ثقتهم بإمكانية إحداث تغيير عن طريق الانتخابات، وبدلاً من التصويت الاحتجاجي قرروا المقاطعة. وتدل نسبة المشاركة الضعيفة على أن روسيا الموحدة يحظى بتأييد نحو ربع من يحق لهم التصويت". ويوضح أنه من مؤشرات عزوف المعارضين عن التصويت، أن أكبر المدن الروسية، وفي مقدمتها موسكو وسانت بطرسبورغ والمعروفة بأنها الأقل تأييداً للحزب الحاكم، سجلت أدنى نسب المشاركة، معتبراً أن البرلمان الجديد سيشكل "مجلس الحزب الواحد وله أربع كتل وبلا نواب مستقلين"، على حد وصفه.
وبلغت نسبة المشاركة في العاصمة موسكو 35.22 في المائة فقط، فيما لم يصوت سوى 37.7 في المائة منهم لمصلحة الحزب الحاكم، بما يقارب نسبة التأييد في العاصمة الشمالية سانت بطرسبورغ (حوالي 40 في المائة).
ومع ذلك، لا يعفي ياشين المعارضة الروسية وقيادة حزب "بارناس" من المسؤولية عن فشلها وأخطائها التي أدت إلى تفتيت أصوات الناخبين الليبراليين. ويقول: "كان الخطأ الأول هو تفكك الائتلاف الديمقراطي لإصرار زعيم حزب بارناس ميخائيل كاسيانوف (رئيس الوزراء الروسي الأسبق)، على تصدر قائمة الائتلاف بلا انتخابات تمهيدية، ما أدى إلى انسحاب بعض المعارضين مثل أليكسي نافالني". ويضيف: "أما الخطأ الثاني، فهو إدراج المرشح ذي التوجهات القومية، فياتشيسلاف مالتسيف، على قائمة الحزب، ما أثار رفض الناخبين الليبراليين ودفعهم للتصويت لحزب يابلوكو ("التفاحة")، ليجني الأصوات التي كان يمكن لبارناس الحصول عليها".
وعلى الرغم من مشاركة 14 حزباً في انتخابات الدوما هذا العام، وهو ضعف عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه لم يتسن لأي حزب من المعارضة "غير النظامية" تجاوز عتبة الـ5% للحصول على مقاعد بالقائمة النسبية، بل حتى الـ3 في المائة المطلوبة للاستفادة من التمويل من الميزانية الفيدرالية، كما كان حال حزب "يابلوكو" غير الممثل في البرلمان بعد الانتخابات السابقة.
يذكر أن انتخابات الدوما جرت خلال يوم التصويت الموحد، الذي صادف الأحد 18 سبتمبر/أيلول، وأسفرت عن فوز "روسيا الموحدة"، بينما جاء الحزب الشيوعي في المرتبة الثانية بحصوله، وفق البيانات شبه النهائية، على 13.5 في المائة من أصوات الناخبين، متفوقاً بفارق بسيط على الحزب الليبرالي الديمقراطي (13.3 في المائة)، ويليه "روسيا العادلة" (6.2 في المائة).