كشف مسؤول عراقي بارز في بغداد، اليوم الإثنين، عن خلافات جديدة بين رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وقيادات في مليشيات "الحشد الشعبي"، إثر مغادرة نحو 400 مقاتل منها إلى سورية لدعم نظام بشار الأسد، رغم تعهّد مسبق من العبادي لأطراف غربية بضبط حركة انتقال المقاتلين من العراق إلى سورية.
ويتواجد نحو 9 آلاف مسلح من الجنسية العراقية في سورية، يقدمون الدعم لقوات نظام الأسد، منذ عدة سنوات، في مناطق عدة من البلاد، ويعملون ضمن فصائل مختلفة، من أبرزها "أبو الفضل العباس" و"النجباء" و"جند الإمام" و"العباس القتالية" و"العصائب" و"حزب الله العراقي"، تورّط غالبيتهم في جرائم تطهير عنصرية وطائفية ضد الشعب السوري، ويقدّر مجموع من قُتل منهم بنحو ألف عنصر حتى الآن، طيلة السنوات الخمس الماضية.
ويتلقى غالبية هؤلاء المقاتلين مرتبات من الحكومة العراقية، باعتبارهم ضمن ما يُعرف بهيئة "الحشد الشعبي"، وكذلك منحا مالية شهرية من قبل الجانب الإيراني.
وقال مسؤول عراقي في أمانة مجلس الوزراء العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "نحو 400 مقاتل عراقي من مليشيات عدة وصلوا إلى سورية قبل أيام، للمشاركة في عمليات قرب دير الزور والتنف شرق دمشق"، مبينا أن "المسلحين غادروا بشكل طبيعي، والحكومة لم يكن لها علم بذلك، وهو ما أدى إلى ظهور الخلاف الجديد بين العبادي وقيادات بعينها داخل مليشيا "الحشد الشعبي"".
ولفت المصدر إلى أن "خطوة العبادي التي قد يتخذها هي قطع مرتبات من توجّه منهم إلى سورية".
من جانبه، علّق القيادي في مليشيا "أبو الفضل العباس" في العراق، الشيخ نعمة البهادلي، على مغادرة مسلحين إلى سورية للقتال إلى جانب بشار الأسد، بأنها "غير جديدة"، مضيفا، في حديث عبر الهاتف مع "العربي الجديد" من بغداد: "نعم غادرت دفعة جديدة من الإخوة المجاهدين. لا أدري لماذا الحكومة منزعجة من مقاتلة "داعش" والإرهابيين الآخرين في سورية؟"، مؤكدا أن "المئات غادروا في الأسبوعين الماضيين وبشكل علني، وليس عبر التهريب"، على حد وصفه.
وأعلن، في يونيو/حزيران الماضي، زعيم مليشيا "العصائب" (إحدى فصائل مليشيات "الحشد")، قيس الخزعلي، عن أن وجهتهم المقبلة بعد انتهاء معارك الموصل ستكون سورية، مبينا، في كلمة له أمام وسائل إعلام محلية، أنهم سيقاتلون "داعش" في سورية.
من جهته، أكد نائب قائد مليشيات "الحشد"، أبو مهدي المهندس، في الشهر نفسه، أن "الحشد الشعبي" سينتقل إلى سورية لقتال من وصفهم بـ"التكفيريين".
وأعلنت الحكومة العراقية، في أكثر من مناسبة، عدم قدرتها على ضبط من يغادر للقتال في سورية من المليشيات، إلا أنه رغم ذلك لا تعترض طريق مغادرتهم عبر مطاري بغداد والنجف، حيث يشرف الحرس الثوري الإيراني على عملية انتقالهم من العراق إلى سورية، ومن ثم توزيعهم على مناطق القتال.
وطالبت كتلة "متحدون" البرلمانية، إحدى أبرز كتل البرلمان العراقي، في وقت سابق، حكومة العبادي بسحب المليشيات العراقية من سورية، معتبرة، في بيان لها، أن "مشاركة المليشيات في جرائم بسورية أمر مخجل، وجرح مشاعر كل عراقي وعربي ومسلم".
وتقضي المادة الثامنة من الدستور العراقي للعام 2005 بأن "يراعي العراق مبادئ حسن الجوار، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويسعى إلى حل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقات على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل، ويحترم التزاماته الدولية، وألا يسمح بأي تهديد لدولة مجاورة ينطلق من أراضيه أو سمائه"، إلا أن تلك الفقرة من الدستور باتت بحكم الملغاة مع استمرار توافد المليشيات المسلحة لدعم نظام الأسد، واستخدام إيران وروسيا العراق ممرا لقصف المدن والبلدات السورية بموافقة الحكومة، وسكوت مطبق من قبل البرلمان العراقي.
وبدأت مشاركة الميليشيات العراقية القتال مع النظام السوري مع أول أسابيع اندلاع الثورة السورية المطالبة بالحرية والديمقراطية، وتغيير النظام، من خلال مليشيا واحدة أطلقت على نفسها اسم "أبو الفضل العباس"، وأسسها المرجع الديني المقيم في النجف، قاسم الطائي، لتتسع بشكل أكبر بمشاركة فصائل أخرى، بلغت حتى مطلع العام الجاري 13 مليشيا مسلحة تحت إشراف قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وهي كل من "لواء أبو الفضل العباس" و"لواء أسد الله الغالب"، و"كتائب حزب الله العراقي" و"كتائب سيد الشهداء" و"فيلق الوعد الصادق" و"لواء كفيل زينب" و"حركة النجباء" و"قوات الشهيد محمد باقر الصدر" و"لواء ذو الفقار" و"لواء الإمام الحسين" و"لواء المؤمل" و"كتائب الثأر".
وعرض ناشطون سوريون وعراقيون تسجيلات وثقت وقوع عشرات المقاتلين من المليشيات العراقية في قبضة فصائل المعارضة السورية، خلال الأشهر الماضية، وثقت شهاداتهم حول تورطهم في إعدامات ميدانية لمدنيين سوريين، وعمليات قصف للمدن السورية التي يحاصرها النظام السوري.