وقال كيري، في أحد التسجيلات، إن إسرائيل تتحمل المسؤولية المطلقة عن الفشل الذي انتهت إليه الجهود التي بذلتها إدارة الرئيس باراك أوباما لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ووجه في أحد التسجيلات انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منوهًا إلى أنه تولّد لديه انطباع خلال المفاوضات غير المباشرة التي أدارها بين عامي 2013 و2014 بأن "إسرائيل تدار بدون قيادة، فحكومتها لم تكن معنية بتسوية الصراع".
وكشف كيري في تسجيل آخر، بأن الأردن قبل عرضًا أميركيًا بمرابطة قوات عسكرية إسرائيلية على أراضيه من أجل تسهيل فرص تحقيق تسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وقال إن العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني وافق على عرض أميركي بأن يدشن على أرض أردنية مطارًا يخدم الدولة الفلسطينية، منوهًا إلى أن الملك فاجأه بالموافقة على أن تتمركز قوات عسكرية إسرائيلية في المطار للمشاركة في مراقبة الترتيبات الأمنية هناك. وكشف كيري بأن الولايات المتحدة عرضت أن تحتفظ الولايات المتحدة بسلاح نوعي في الضفة الغربية لاستخدامه في حال تعرضت إسرائيل لخطر وجودي من الجبهة الشرقية.
وأشار كيري إلى أن المقترحات التي قدمتها الولايات المتحدة كانت تضمن أن تكون الحدود الفاصلة بين الضفة الغربية والأردن هي الحدود "الأكثر تأمينًا في العالم"، مشيرًا إلى أن المقترحات الأميركية منحت الأجهزة الأمنية التابعة للدولة الفلسطينية فترة 3-4 دقائق فقط لكي تقوم بإحباط أية عملية تسلل تتم عبر هذه الحدود، وفي حال لم تقم بذلك أو فشلت في تحقيق هذا الهدف، فإنه يحق للقوات الإسرائيلية التدخل وإحباط عملية التسلل. وأضاف: "بإمكاني أن أؤكد أن الفلسطينيين كانوا معنيين بالتوصل لاتفاق، في حين تملص الإسرائيليون ولم يتعاملوا مع ذلك بجدية، لقد جلب عباس البضاعة في حين رفض نتنياهو ذلك".
وامتدح كيري، بشكل خاص، سلوك السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية لدى "اندلاع انتفاضة العمليات الفردية أواخر 2015"، مشيرًا إلى أن السلطة "قامت بعمل رائع ودللت على التزامها بعدم السماح بالعنف".
وأبدى كيري تفهمه لعدم اهتمام الجمهور الفلسطيني بالجهود الهادفة لتحقيق التسوية، عازيًا ذلك إلى تجذر القناعة لدى الشارع الفلسطيني بأن إسرائيل غير معنية بتسوية الصراع. وأضاف أن الفلسطينيين كانوا يسمعون أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن في إسرائيل وهم يتعهدون بأنه "لن تقوم دولة فلسطينية".
وحذر كيري من أن إسرائيل تقف على عتبة تهديدات غير مسبوقة، متسائلًا: "تخيلوا عندما يتوجه 40 ألف شاب فلسطيني كل يوم نحو جدار الفصل الذي تقيمه إسرائيل وهم يرفعون يافطات مكتوب عليها: امنحونا حقوقنا الوطنية، فأنا لا اعتقد أن فلسطين ستكون محصنة من ولادة حركات حقوقية تتشبث بالمطالبة بحقوق الإنسان الأساسية، فهذه الحركات عملت وتعمل في كثير من البقاع في العالم. إن إسرائيل تتجاهل هذه المخاطر، لأنه أصلًا لا توجد ثمة قيادة حقيقية في إسرائيل"، على حد تعبيره.
وحذّر كيري، في تسجيل آخر، إسرائيل من تبعات مرحلة ما بعد عباس، قائلًا: "إن كان لا يوجد لديكم قادة معنيون بتحقيق السلام، وفي حال لم تتغير هذه المعادلة، فإنه سيظهر شاب يتولى القيادة في غضون عقد ويقول: لقد جربنا أسلوب اللاعنف على مدى 30 عامًا وهذا لم يقدمنا نحو أي إنجاز". وبدا كيري في أحد التسجيلات مراهنًا على إمكانية أن يلعب زعيم حزب العمل السابق، يستحاك هرتسوغ دورًا في إنجاز هذا الهدف، "ويسير على خطى زعماء إسرائيل السابقين، الذين آمنوا بفكرة التوصل لتسوية، مثل: أولمرت، باراك، رابين، بيريس".
وفي ردّ على ما ورد في التسجيلات، قال ديوان نتنياهو: "رئيس الحكومة نتنياهو سيواصل الإصرار على تحقيق المصالح الأمنية والقومية لدولة إسرائيل، حتى لو لم يعجب هذا الموقف أولئك الذين حاولوا أن يضغطوا عليه لتقديم تنازلات خطيرة وفشلوا في تحقيق مراميهم". وواصل نتنياهو مهاجمًا كيري: "لم يتحقق السلام لأن الفلسطينيين لم يكونوا مستعدين للاعتراف بإسرائيل في حدود آمنة، وخير دليل على ذلك أنهم يرفعون دعاوى ضد بريطانيا بسبب وعد بلفور، من المؤسف أن كيري لم يدرك هذا الأمر حتى الآن".
ويستدل من التسجيلات، وردود نتنياهو عليها، أنها تتعلق باللقاءات السرية التي عقد بعضها بمشاركة نتنياهو وكيري والملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة العقبة الأردنية في يناير/كانون الثاني 2016، وفي الاجتماع السري الذي جمع السيسي بكل من نتنياهو وهيرتسوغ في القاهرة في مارس/آذار 2015.