زيارة مفاجئة للجبير إلى بغداد: تكريس تسوية بين البلدين

بغداد

براء الشمري

avata
براء الشمري
26 فبراير 2017
A2E7A835-F972-411F-9F5F-A8F4EAFAA3A9
+ الخط -
في زيارة مفاجئة لم يُعلن عنها مسبقاً، وصل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أمس السبت، إلى العاصمة العراقية بغداد. وفي الوقت الذي قالت فيه لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي إنها علمت بالزيارة من وسائل الاعلام، أكدت أن زيارة الجبير تمثّل جزءاً من التسوية الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، فيما كشفت مصادر سياسية عراقية عن وجود تنسيق أميركي بين بغداد والرياض سبق زيارة الوزير السعودي.
أولى نتائج الزيارة ظهرت سريعاً، مع ما كشفه مسؤول في وزارة الخارجية العراقية لوكالة "رويترز" من أن الجبير أبلغ مسؤولين عراقيين في بغداد أن السعودية تعتزم تعيين سفير جديد لدى العراق. وكانت بغداد قد طلبت من الرياض تغيير سفيرها ثامر السبهان، وهو ما استجابت له الرياض وعيّنته بمنصب وزاري.
وأكد مصدر حكومي عراقي رفيع، لـ"العربي الجديد"، أن الاتفاق على زيارة الجبير إلى بغداد تم منذ أيام عدة، لكن لم يجر الإعلان عنه كي لا يتم إسقاطه من قِبل بعض الأطراف السياسية المقربة من إيران، موضحاً أن مسؤولين أميركيين زاروا العراق في وقت سابق نسقوا الزيارة، ووضعوا كل الترتيبات اللازمة لها. وأشار المصدر إلى أن الزيارة تمثّل محاولة لتقريب العراق مع جيرانه، ولا سيما الخليجيين، لافتاً إلى أن السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة تقوم على لمّ شمل حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، من خلال إزالة خلافاتهم.
وأوضح المصدر أن الجبير، الذي التقى الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري، ناقش مع السلطات العراقية عدة ملفات مهمة، كالحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والتدخّل الإيراني في العراق، وأوضاع السجناء السعوديين في العراق، فضلاً عن ملفات خارجية كالصراع السوري، والأوضاع في اليمن والبحرين.
وأفاد بيان صدر عن مكتب العبادي، بأن الأخير التقى وزير الخارجية السعودي فور وصوله إلى بغداد. ونقل البيان عن الجبير تهنئته للعراقيين بالانتصارات المحققة على تنظيم "داعش"، والتعبير عن استعداد بلاده لدعم استقرار المناطق المحررة. من جهته، رحب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، بزيارة وزير الخارجية السعودي، مشدداً في بيان، على أهمية تطوير العلاقات الثنائية، وتعزيز أواصر التواصل والمحبة والأخوّة بين البلدين.
كما رحب الجعفري بالجبير، خصوصاً أنه أول وزير خارجية للسعودية يزور العراق بعد عام 2003، بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية. وقال الجعفري، إن "العراق حريص على إقامة أفضل العلاقات مع المملكة وتفعيل المصالح المشتركة ومواجهة المخاطر المشتركة". وأضاف "علينا أن نستحث الخطى ونستمر بالحوارات وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين لبناء علاقات قوية تكون مرتكزاً استراتيجياً لمعالجة التحديات التي تواجه المنطقة". وشدد الجعفري على أن "سياسة العراق تقوم على الانفتاح مع بلدان العالم ولا يسمح بالتدخل في شؤونه الداخلية ولا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما أنه لا يدخل في سياسة المحاور". من جهته، أكد الجبير أن زيارته تأتي لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح، مشدداً على أن السعودية تقف على مسافة واحدة من المكوّنات العراقية، وتدعم وحدة واستقرار العراق. وأعلن الوزير السعودي أن الحديث مع نظيره العراقي كان "مثمراً وبناء وإيجابياً جداً"، معرباً عن سعادته لقيامه بزيارته الأولى إلى العراق وتطلعه للقيام بزيارة ثانية قريباً، مؤكداً تطلّع السعودية لبناء علاقات مميزة بين البلدين. ولفت إلى أن "هناك روابط أسرية وقبلية وجغرافية وتاريخية ومصالح مشتركة سواء في مواجهة التطرف والإرهاب أو في فرص الاستثمار والتجارة بين البلدين".


في سياق متصل، قال نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي محمد نوري، إن زيارة الجبير إلى العراق تمثّل جزءاً من التسوية الإقليمية والعالمية التي تشهدها المنطقة، لافتاً في تصريح صحافي إلى أنه فوجئ من عدم إطلاع الجمهور عليها، والسماع بها من خلال وسائل الإعلام. وأضاف أن "زيارة الجبير مرحب بها ونتمنى أن تكون الزيارة في مصلحة البلدين"، مشدداً على ضرورة تجاوز جميع الخلافات، وإنهاء حالة الخصومة التي لا ينتفع منها أي طرف. وأشار إلى أن المصالح العليا للدول، قد تدفع الكثير من الفرقاء في العالم نحو الجنوح إلى الحوار والتهدئة، كالعلاقة بين روسيا وتركيا.
أما مواقف القوى السياسية العراقية بشأن زيارة الجبير فكانت متضاربة، ففي الوقت الذي رحبت فيه بعض الأطراف كـ"تحالف القوى العراقية"، بالزيارة، وصفها نواب آخرون بـ"المشبوهة". ووصف "تحالف القوى العراقية" الزيارة بأنها تجسيد لعمق العلاقة التي تربط العراق والسعودية، ودورهما الرائد في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكداً في بيان، أن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة نظراً للمكانة الكبيرة التي تحتلها السعودية، ودورها المحوري المؤثر على الساحتين العربية والإسلامية، وما تبذله من جهود في مكافحة الإرهاب، وإزالة بؤر التوتر والاحتقان في المنطقة. وأضاف أن "توقيت هذه الزيارة مهم كونه يأتي في وقت يخوض فيه العراق حرباً مقدسة على الإرهاب نيابة عن العالم"، معتبراً أن التعاون بين البلدين يمكن أن يعجّل بالقضاء على الإرهاب، ويعيد الأمن والسلام للمنطقة.
في سياق متصل، قال عضو "تحالف القوى العراقية" محمد المشهداني، إن التقارب العراقي السعودي أصبح أمراً لا بُد منه في ظل تعزيز سياسة المحاور التي تعكسها تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الإدارة الأميركية الجديدة تسعى لإعادة إبراز دور حلفائها الخليجيين، مشيراً إلى أن هذا الأمر لن يتم من دون دور محوري للعراق. ورجّح المشهداني أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من التعاون العراقي السعودي، لا سيما في ملف الحرب على الإرهاب، وتحديد مستقبل المناطق الغربية بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
مقابل ذلك، رفض عضو البرلمان العراقي عن "جبهة الإصلاح" إسكندر وتوت، زيارة وزير الخارجية السعودي إلى العراق، واصفاً الزيارة في تصريح صحافي بـ"المشبوهة".
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن وصول وزير الخارجية السعودي إلى بغداد بشكل مفاجئ يمثل خطوة إيجابية على طريق تعزيز العلاقات بين البلدين التي تدهورت بسبب التدخّلات الإيرانية، لافتاً إلى أن زيارة الجبير، أعقبت زيارة سابقة لمسؤولين أميركيين، "ما يشير إلى وجود رغبة أميركية للملمة حلفائها في الشرق الأوسط، لمواجهة التمدد الإيراني". ولفت إلى أن استقبال الجبير من قِبل العبادي، في هذا الوقت الذي يجري فيه الحديث عن تسوية سياسية عراقية لمرحلة ما بعد "داعش"، يبعث برسالة تشير إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد الكثير من المفاجآت، مرجحاً زيارة مسؤولين عرب آخرين إلى العراق خلال المرحلة المقبلة.
وتمثل زيارة وزير الخارجية السعودي إلى العراق انفراجة في العلاقات الخارجية بين البلدين التي تدهورت بشكل كبير خلال فترة حكم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي (2006-2014) الذي كان يتهم السعودية بدعم جماعات إرهابية.

ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.
المساهمون