وتأتي هذه التأكيدات ضمن لقاء إعلامي انتظم، اليوم، في مقرّ الهيئة، أي قبل يوم واحد من الجلسة العلنية المخصصة مساء الجمعة، لتقديم اعترافات ووثائق تخص عيد الاستقلال وضحايا الانتهاكات التي حصلت في 1956 و1957.
وقال عضو هيئة الحقيقة والكرامة، خالد الكريشي، لـ"العربي الجديد"، إنّ نتائج العدالة الانتقالية في تونس بدأت تعطي أُكلها وتحقق أهدافها، مبينا أنّه يجب الابتعاد عن محاولات تسييس وتحزيب مسار العدالة الانتقالية في تونس، لأن هذا المسار يهم جميع التونسيين بكل انتماءاتهم السياسية والحزبية، وهو مسار انتقالي وليس انتقاميا.
وأكد الكريشي أن العديد من رموز النظام السابق بصدد الاستفادة من العدالة الانتقالية في تونس، لأنهم أيضا ضحايا انتهاكات ما بعد 14 يناير/كانون الثاني 2011، مبينا أن الباب لا يزال مفتوحا أمام العديد من الرموز لتقديم ملفاتهم إلى لجنة التحكيم والمصالحة في الهيئة، معتبرا أن كل من تعلقت به شبهة فساد في أي مجال من المجالات، بإمكانه اللجوء إلى الهيئة وتقديم ملفه، وخاصة أن أجل 15 يونيو/ حزيران 2016 كان يهم الضحايا ولم يشمل مرتكبي الانتهاكات.
وأكد أن الهيئة تعمل على تفعيل المصالحة لفائدة كل التونسيين دون أي انتقاء أو انتقام، معتبرا أن التونسيين قادرون اليوم على كشف حقائق وتقديم اعترافاتهم العلنية دون أي تشفٍ أو انتقام، مشيرا إلى أنّ العديد من الأطراف المحسوبين على النظام السابق قدموا أيضا ملفاتهم إلى الهيئة التي تنكب على دراستها وإرسالها إلى المكلف العام بنزاعات الدولة.
وقال الكريشي إنه وردت إلى الهيئة العشرات من الملفات تخص رموز النظام السابق ومرتكبي الانتهاكات، وسيتم الفصل فيها على أقصى تقدير نهاية هذه السنة، مبينا أن الدولة تقدمت أيضا بـ685 ملفا باعتبارها ضحية من ضحايا النظام السابق.
وشدد عضو الهيئة على أن تونس ليست في حاجة إلى سن قوانين جديدة تثقل التشريعات الموجودة وتكون بمثابة مؤسسة موازية للعدالة، ما يعتبر إهدارا للمال العام.
وأضاف أنه لم يبق إلا عام واحد على انتهاء مهام الهيئة، وأنه عوض تركيز البعض على هدم مسار العدالة الانتقالية الذي يكفله الدستور التونسي، فإنه يجب دعم الهيئة وتشجيع الأطراف المعنية على تقديم ملفاتهم للجنة التحكيم والمصالحة، قبل فوات الآوان.
وأشار إلى أنه تم تحقيق 3 قرارات تحكيمية نافذة، منها ما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان لسجناء سياسيين وإرجاع الحقوق لأصحابها، والقرار الثاني يتعلق بفساد مالي، وقد تم الصلح بين الدولة ومرتكب الانتهاكات وجبر الضرر للدولة، وضخ مبلغ مالي هام في الخزينة العامة.
وأضاف الكريشي أنه سيتم في القريب العاجل تحقيق قرارات تحكيمية جديدة في ملفات كبرى بالتعاون مع المكلف العام بنزاعات الدولة ووزير الشؤون العقارية في تونس، معتبرا أن الهيئة وسيط بينهما.
وحول الاستشارة الوطنية التي تعتزم الهيئة إطلاقها لجبر ضرر الضحايا، قالت رئيسة "جبر الضرر وردّ الاعتبار" بهيئة الحقيقة والكرامة، حياة الورتاني، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاستشارة ستنطلق غدا، 24 مارس/آذار، وستكون في مرحلة أولى موجهة إلى المجتمع المدني بمثابة ورشات عمل مع مختلف المنظمات لاستشارتهم، والخروج بتوصيات حول جبر الضرر، معتبرة أن هذه المرحلة ستعقبها مرحلة أخرى تهم الضحايا للاستئناس برأيهم في آليات جبر الضرر.
وأكدت الورتاني أن رد الاعتبار وجبر الضرر لن يكن ماديا فقط، وإنما معنويا من حيث الاعتذار وتخليد ذكرى الضحايا، مبينة أن القانون حدد جبر الضرر، ولكن عمل الهيئة في حد ذاته جبر للضرر لكي لا يتم تكرار ما حصل من انتهاكات.
وأشارت إلى أن رئاسة الحكومة قدمت مشروع قانون لإحداث صندوق لجبر الضرر، وأن الهيئة بصدد النظر فيه، وأنه يجب أن يستجيب لبرنامج الهيئة وتطلعات الضحايا، مبينة أن الهيئة لديها 65 ألف ملف، جل أصحابها معنيون بجبر الضرر، مشيرة إلى أن الضحية ليست بالضرورة فردا بل قد تكون جماعة وقد تكون منطقة بأكملها تعرضت إلى الإقصاء الممنهج.