كشفت تصريحات صحافية لوزير خارجية حكومة الوفاق، محمد سيالة، النقاب عن خلافات مصرية مع حكومة الوفاق أثناء التحضير لجلسات القمة العربية في البحر الميت في عمان، بشأن بعض النقاط التي احتوتها المذكرة المقدمة من حكومة الوفاق من أجل صياغة قرار عربي بشأن الأزمة الليبية.
وبحسب تصريحات سيالة، فإن الخلافات تركزت "على التطورات العسكرية الجارية في الهلال النفطي"، وتحديدا حول تبعية المنشآت النفطية الليبية لمؤسسة النفط في طرابلس، باعتبارها المؤسسة الشرعية الوحيدة، وليس أيا من المؤسسات الموازية الموجودة مؤخرا"، في إشارة إلى قرار حكومة البرلمان الموالية لقائد جيشها خليفة حفتر، والذي أعلنت فيه أن إدارة المؤسسة في بنغازي هي الشرعية، بعد إعادة سيطرة قوات حفتر على منطقة الهلال النفطي.
ويبدو أن ما شهدته كواليس التحضير للقمة العربية حول الملف الليبي يكشف عن استمرار موقف القاهرة في دعمها لحراك حفتر العسكري، وإن أبانت بعض التصريحات المصرية مؤخرا عن تغيّر في مواقفها السابقة وإمكانية اقترابها أكثر من دعم جهود التسوية السياسية المبنية على اتفاق الصخيرات.
ويبدو أن المساعي التي بذلتها دول عربية كتونس بشكل كثيف لدعم مذكرة مشروع القرار العربي بشأن ليبيا باءت بالفشل، فحكومة الوفاق اكتفت بالقليل، من خلال إشادتها بلقاء رئيسها فايز السراج، بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على هامش القمة، فقد نشر المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق ملخصا لما دار بين الرئيسين حول ضرورة المضي في دعم العملية السياسية، وبذل مصر جهودها للعودة إلى الحوار بين الأطراف الليبية.
لكن اللافت في منشور المكتب إشارته إلى "اقتراح السراج خلال المحادثات توحيد حرس المنشآت النفطية، ليتولى حراسة المنشآت تحت إشراف وإدارة المؤسسة الوطنية للنفط"، وتأكيده "تفهّم السيسي للاقتراح، وأنه لن يألو جهداً من أجل توفير البيئة الملائمة للحوار بين الليبيين ومساعدتهم في تحديد ومعالجة القضايا الجوهرية"، مما يشير إلى قناعة السراج بأن مفاتيح قرار حفتر وحلفائه في البرلمان بشأن النفط بيد القاهرة.
ويبدو أن القمة العربية جاءت مخيبة لآمال حكومة الوفاق، فبحسب المذكرة التي تقدمت بها خارجيتها والمكونة من 15 بندا، لم يتضمن البيان الختامي للقمة سوى نتف منها تتعلق بدعم عملية الحوار السياسي وجهود الليبيين في مكافحة الإرهاب.
وتضمن إعلان عمان المكون من 13 بندا الملف الليبي في المرتبة الخامسة، بعد ملفات فلسطين وسورية والعراق واليمن، حيث أشار في بنده الخامس إلى ضرورة الاستمرار في دعم جهود الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، والتركيز على قضية المصالحة الوطنية، على أن يكون اتفاق الصخيرات أساسا لكل الجهود، من خلال المبادرة الثلاثية (مصر وتونس والجزائر) التي تسعى إلى إطلاق حوار ليبي - ليبي من أجل الوصول إلى تفاهمات حول النقاط الخلافية في الاتفاق السياسي.
لكن المذكرة الليبية، التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، أوضحت أنها تضمنت 15 طلبا لتكون مشروعا لقرار عربي منفصل وحازم، كان أبرزها في البند الأول التأكيد "على رفض أي تدخل خارجي أيا كان نوعه، ما لم يكن بناء على طلب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وبالتنسيق معه"، وفي البند الثاني إشارة للتأكيد على "الرفض القاطع للحسم العسكري في البلاد"، وفي البند الخامس "الدعوة إلى إلغاء التجميد عن الأموال الليبية في البنوك الأجنبية وكافة الموجودات الليبية المجمدة".
وفي البند السادس المطالبة بدعم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بـ"اعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا، والامتناع عن الدعم والتواصل مع مؤسسات موازية". وفي المادة السابعة التي يبدو أن تجاهلها كان واضحا، الدعوة إلى "توحيد القوات الليبية تحت القيادة المدنية للمجلس الرئاسي".
ورغم حصول حكومة الوفاق على قرار عربي باعتمادها الممثل الوحيد لليبيا في اجتماعاتها، إلا أن القرار الذي تفاءلت به الحكومة لم يمكنها، على ما يبدو، من الوصول إلى طموحاتها، مقابل حضور كثيف بالوكالة عن أحلاف خصومها في الشرق الليبي، ممثلا في القاهرة العضو الرسمي في جامعة الدول العربية، وروسيا العضو الشرفي في الدورة الحالية للقمة.