وقال مصدر مُطلع باللجنة الاقتصادية في البرلمان إن اختيار رئيسها السابق، علي المصيلحي، لتولي حقيبة التموين في التعديل الوزاري الأخير "وضع أعضاءها في حرج بالغ، وصعّب على النواب التقدم بطلبات الإحاطة ضد زميلهم، الذين يقدرون رؤيته في إدارة أزمة الخبز"، وهو الذي تولى ذات الحقيبة لسنوات بعهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، الذي أسقطته ثورة شعبية قبل 6 سنوات.
وأضاف المصدر، في تصريح خاص، أن اللجنة الاقتصادية هي المعنية بملف نقص السلع التموينية، وفعّلت دورها الرقابي بشكل جيد خلال فترة وزير التموين المُقال، محمد علي، إلا أنه جرى تعطيل أعمال اللجنة، بشكل عمدي، بعد إصرار ائتلاف دعم مصر (ممثل الأغلبية) على الدفع برئيس لها من خارج أعضائها، ونقل عدد نواب أكبر من أعضائها الأصليين من اللجان الأخرى، لقطع الطريق على أي منافسين من خارج الائتلاف المدعوم أمنياً، بحد قوله.
الأعراف البرلمانية الراسخة في مصر جرت على انعقاد مجلس الشعب أسبوعاً، ومجلس الشورى أسبوعاً، إلا أن إلغاء الغرفة الثانية للبرلمان في دستور 2014، جعل مجلس النواب أمام اختبار حقيقي تجاه ناخبيه عند وضع لائحته الداخلية، إلا أنه انحاز لمصالحه، واختار الانعقاد أسبوعاً بعد أسبوع، بدعوى انعقاد اللجان النوعية في غير أيام الجلسات، وهو ما لم يحدث منذ انعقاد المجلس قبل أربعة عشر شهراً.
وباتت اللجان البرلمانية لا تجتمع إلا في أيام الجلسات (6 أيام شهرياً)، وتأخذ "إجازة" طوال الأيام الأخرى، بحجة سفر النواب إلى دوائرهم، من دون اكتراث بمشكلات المواطنين، ومعاناتهم خلال الفترة الأخيرة من جراء ارتفاع الأسعار المتصاعد، وغياب السلطة التنفيذية عن مراقبة الأسواق، وتمرير نظيرتها التشريعية لقوانين زيادة الرسوم والضرائب، التي ترفع من أعباء محدودي الدخل من المواطنين.
واقتصرت الأدوات النيابية خلال أيام أزمة الخبز على تقدم النائب هشام والي بسؤال إلى وزير التموين بشأن "الفئات التي سيتم حذفها من بطاقات التموين، والمعايير التي بناء عليها يتم الحذف أو عدمه، ومتى سيتم الانتهاء منها، والخطة الزمنية للوزارة لتحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي"؟
وقال والي إن الدعم النقدي سيوفر للدولة، بعد تخفيض عدد المستفيدين، نحو 36 مليار جنيه سنوياً، ويضمن وصول الدعم لمستحقيه، مشيراً إلى أنه وفقاً لبيانات وزارة التموين يبلغ عدد البطاقات التموينية حالياً 20.8 مليون بطاقة مدرج عليها قرابة 68.9 مليون مستفيد، وأن هناك أسماء لمتوفين أو تكراراً للأسماء أو مواطنين خارج البلاد محسوبين على النظام التمويني مخصصا لهم حصة لكنها لا تصرف، ما يؤثر على محدودي الدخل.
وتظاهر الآلاف من المصريين في أنحاء متفرقة من البلاد، يوم الثلاثاء، قاطعين الطرق ومحاصرين أبنية حكومية، وذلك للاحتجاج على التغيير في طريقة إدارة منظومة الخبز المدعوم.
وبدأت الاحتجاجات، الاثنين بعد تغييرات في منظومة دعم الخبز جعلت بعض الناس لا يحصلون على حصصهم. وتزايدت تجمعات الحشود الغاضبة في مدينة الإسكندرية الساحلية وفي أحياء العاصمة القاهرة وبضع مدن أخرى في أرجاء مصر.
وأصبح وسم «#انتفاضة_التموين» من بين الأكثر تداولاً على موقع تويتر بينما بث المصريون صوراً لأناس وقد استبدّ بهم القلق خارج مخابز وفي الشارع.
وأعلنت وزارة التموين خفض البطاقات الذهبية للمخابز إلى 500 رغيف يومياً، بذريعة أن الكثير من المخابز كانت تستولي على دعم غير مستحق، بعد أن صدرت تعليمات لمديري التموين باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مخبز يمتنع عن البيع للمواطنين.
وأصدرت وزارة التموين بياناً، الاثنين، نفت فيه تخطيطها لخفض دعم الخبز بعد أن قالت وسائل إعلام محلية إن الحصص ستنخفض من خمسة أرغفة في اليوم إلى ثلاثة.
وقال وزير التموين، علي المصيلحي، في مؤتمر صحافي إن حصص الخبز المخصصة للمواطنين لن تتقلص في ظل الإلغاء التدريجي للبطاقات الورقية وإحلال البطاقات الذكية محلها.
وأضاف "أعتذر لكل مواطن لم يحصل على رغيف العيش وثقوا أنه لن يمرّ 48 ساعة من دون ضبط هذا الموضوع... لكل مواطن الحق في الخبز".