انطلقت الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية المنتظر إجراؤها في الجزائر في الرابع من مايو/أيار المقبل، "محتشمة" إلى حدّ ما؛ ففي وقت لم تتهيأ بعض الأحزاب لإلصاق صور مترشحين في اللافتات التي خصصت لذلك عبر مختلف بلديات الجزائر الموزعة على 48 ولاية، وجدت الأحزاب والمترشحون ضالتهم في الاستنجاد بلغة "الوعود"، وإشعار المواطن بأهمية الذهاب إلى مكاتب الاقتراع أولًا، واقتناص صوته عبر خطابات يبدو للوهلة الأولى أنها تستعطف الشعب الجزائري.
واختارت الأحزاب السياسية إطلاق برامجها الانتخابية من أماكن مختلفة ذات رمزية بالنسبة لجبهة القوى الاشتراكية، التي ارتأى مترشحوها البدء من عاصمة القبائل الكبرى، ولاية تيزي وزو، وتحديدًا من قرية آيت يحي، مسقط رأس الزعيم التاريخي والثوري الراحل، رئيس الجبهة السابق، حسين آيت أحمد، لإقناع سكان المنطقة بالتوجه لمكاتب الاقتراع حفاظًا على استقرار البلاد.
وأكد الأمين العام للجبهة، عبد المالك بوشافع، أهمية المشاركة في التغيير من أجل تحسين الوضع الاجتماعي للمواطن الجزائري في ظل الأزمة الاقتصادية، داعيًا إلى أن ذلك لن يتحقق دون برنامج اقتصادي يرفع من مستوى التنمية وتوسيع المشاريع التي توفر العمل لفئة الشباب.
من جهته، أكد رئيس "الجبهة الوطنية الجزائرية"، موسى تواتي، اليوم الأحد، أن "العزوف ومقاطعة الانتخابات ليسا حلًّا"، داعيًا الهيئة الناخبة إلى المشاركة في التغيير، والقيام بدورها الانتخابي.
وقال تواتي، في تجمع له من الشلف غرب الجزائر، أن المواطن الجزائري "مطالب بالاضطلاع بدوره، وتفعيل سلطته الانتخابية، والمشاركة في الخروج من الأزمة الجزائرية باعتباره قوة التغيير".
ودافع عن برنامج حزبه في الانتخابات الذي يركز على "إقامة نظام اجتماعي ديمقراطي بأبعاده العميقة، وبما يضمن كرامة الإنسان الجزائري".
من جانبه ، دعا رئيس "الحركة الشعبية الجزائرية"، عمار بن يونس، الجزائريين إلى الذهاب إلى مراكز الاقتراع وممارسة حقوقهم، قائلًا إن "المشاركة القوية تهدف إلى تقوية مؤسسات الدولة، وترقية وبناء ديمقراطية هادئة باعتبارها الحل الوحيد لدوام السلم والاستقرار، وبالتالي تحقيق التنمية".
كما انتقد بن يونس "بشدة" دعاة مقاطعة الانتخابات التشريعية، قائلًا: "أنتم تريدون انتفاضة الشارع، والجيش لن ينقلب أبدًا على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأنه مؤسسة دستورية".
ومن جانبه، أكد الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني"، جمال ولد عباس، من ولاية خنشلة، أهمية الانتخابات التي من شأنها أن تحقق طموحات الجزائريين، والمساهمة في استقرار البلاد، داعيًا إلى عدم الاستماع لدعاة المقاطعة.
ومن ولاية الطارف، في أقصى الشرق الجزائري، شدّد رئيس "التجمع الوطني الديمقراطي"، أحمد أويحي، على ضرورة التمسك بالأمن والاستقرار للجزائر تفاديًا، كما قال، للعودة إلى "العشرية السوداء"، لافتًا إلى الوضع الذي تعيشه ليبيا وسورية. كما أكد أويحي، في اليوم الأول من الحملة الانتخابية، أن أولويات برنامج الحزب هي الاستقرار والأمن، معتبرًا أنهما "أولى من الخبز"، لأنه "بدون أمن الدولة تكون منشغلة بالأمن، وبدون وحدة وطنية سندخل في حرب أهلية، وبدون استقرار ستهرب الاستثمارات الأجنبية" بحسب قوله.
أما رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، عمار غول، فدعا إلى ضرورة المساهمة في التنمية المحلية، من خلال استغلال المساحات الواسعة في المجال الفلاحي والصناعي، والاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية لكل ولاية من ولايات الجزائر.
واختار غول ولاية تيارت، غرب الجزائر، في أول يوم من حملته الانتخابية، حيث شدد على أن الجزائر أمام تحد اقتصادي كبير، والتفكير في ما بعد البترول، مشددًا على أن الجانب الاقتصادي محور هام في برنامج حزبه، إذ يهدف إلى تقوية الاقتصاد الوطني، معتبرًا أن "تخطي الأزمة الاقتصادية يتم من خلال عدم تمركز الجغرافيا الاقتصادية بشمال الوطن، وتوسيعها نحو الجنوب والهضاب العليا".
وتجرى الانتخابات البرلمانية في الرابع مايو/أيار المقبل، ويشارك فيها 50 حزبًا سياسيًّا، فضلًا عن قوائم الأحرار (المستقلين) الذين يتنافسون على 462 مقعدًا في البرلمان، كما يقاطع هذه الانتخابات حزبان هما "طلائع الحريات"، بقيادة رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، وحزب "التجديد الجزائري"، بقيادة المعارض سفيان جيلالي، إضافة إلى ناشطين سياسيين، يعترضون على ما يصفونه "مسرحية سياسية"، بسبب رفض السلطة إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، وسحب تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية.
وتستمر الحملة الدعائية، التي بدأت في التاسع من إبريل/نيسان الجاري وتستمر حتى 28 من الشهر ذاته، لتبدأ بعدها فترة الصمت الانتخابي، حتى موعد الاقتراع في الرابع من مايو/أيار المقبل.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات برلمانية تحت إشراف هيئة مستقلة دستورية لمراقبة الانتخابات تضم 410 أعضاء، نصفهم قضاة، والنصف الثاني من الكوادر والشخصيات المستقلة.