اتهامات بالفساد
يُعدّ جمعة شخصية مثيرة للجدل دائماً وتلاحقه بشكل مستمر اتهامات بالفساد المالي وسوء استخدام السلطة. وكشفت مصادر حكومية أن جمعة كان قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة به خارج الوزارة، والقبض عليه إبان قضية وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال المتورط في قضية رشوة كبرى. وقتها تم استدعاء جمعة من قِبل جهاز أمني، وفُتح تحقيق موسع معه بشأن تورطه في القضية المتهم فيها رجل الأعمال أيمن الجميل، إلى جانب وزير الزراعة الأسبق، ووُجّهت تهمة تقاضي رشوة لجمعة مقابل تسهيله الاستيلاء على أراضٍ مملوكة للوزارة. قبل ذلك، كانت قيادات في هيئة الأوقاف قد قامت بتسريب مستندات تكشف قضية فساد أخرى لجمعة، إذ قام من خلال موقعه كوزير للأوقاف، بتكليف شركة المحمودية التابعة لهيئة الأوقاف المصرية، إحدى الهيئات التابعة للوزارة، بتنفيذ عمليات صيانة وتجهيز لشقة الوزير، في منطقة المنيل، وتحمّلها التكاليف كاملة، وهي الشقة التي تحوم حولها شبهات بحصوله عليها عن طريق المجاملة. وأوضحت الوثائق التي حصل عليها "العربي الجديد"، أن هيئة الأوقاف كلّفت شركة المحمودية، القيامَ بتجهيز الشقة للسكان على حساب الهيئة بتكلفة تجاوزت 750 ألف جنيه مصري (نحو 41 ألف دولار).
أما آخر الشبهات التي تحوم حول وزير الأوقاف، فهي ما كشفت عنها أخيراً، قيادات في وزارة البترول عن سوء استخدام السلطة، بتعيين ابنة جمعة في الوزارة، على الرغم من صدور قرار داخلي في شركات البترول بوقف التعيينات، في وقت كشف فيه رئيس الهيئة العامة للبترول، في تصريحات صحافية، أنه غير مسؤول عن تعيين ابنة جمعة، وأن تعيينها جاء بقرار مباشر من وزير البترول طارق الملا.
معارك ضد الطيب
يشير مراقبون وقيادات في وزارة الأوقاف إلى أن جمعة يسعى للحصول على منصب الإمام الأكبر، شيخاً للأزهر، وهو ما دفعه لقيادة معارك خاسرة ضد شيخ الأزهر أحمد الطيب. وأجرى جمعة أخيراً، عدداً من المداخلات الهاتفية في مجموعة من البرامج الحوارية للرد على مشايخ وزارته، الذين قاموا بتفسير آيات القرآن. ولم يتورع جمعة في الانقلاب على الطيب، الذي كانت تربطه به علاقة جيدة خلال تولي جمعة منصب عميد كلية دراسات إسلامية، بحسب مصادر في جامعة الأزهر. ففي محاولة لمساندة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المعركة بين الأخير ومشيخة الأزهر، وإمامها أحمد الطيب، فجّر جمعة معركة "الخطبة الموحّدة"، مشدداً على خطباء المساجد إلقاء خطبة الجمعة مكتوبة، وموزعة من الوزارة، وهو القرار الذي رفضته مشيخة الأزهر والطيب. في بداية المعركة خرج جمعة مشدداً على إنفاذ القرار وملوّحاً أنه مدعوم من أعلى سلطة في الدولة، في المقابل صعّدت مشيخة الأزهر، مصرة على عدم تنفيذه بدعوى عدم جدواه. وفي أول جمعة كان مقرراً خلالها تنفيذ القرار، ضرب به الخطباء عرض الحائط، وهو ما دفع جمعة للتراجع عنه.
المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" قالت إن "جمعة كان عين الطيب داخل مجلس جامعة الأزهر، وخلال أزمة تسمم طلاب المدينة الجامعية لجامعة الأزهر في مدينة نصر، إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، انعقد مجلس جامعة طارئ بحضور جمعة، الذي كان الطيب قد رشحه في وقت سابق لتولي منصب نائب رئيس الجامعة، وبعد انتهاء الاجتماع توجّه جمعة إلى مكتب شيخ الأزهر وحكى له تفاصيل الاجتماع بكل ما جاء فيه".
جمعة الذي يقول عن نفسه دائماً خلال حواراته الخاصة أو العامة إنه عدو لـ"الإخوان المسلمين"، وسيكون دائماً شوكة في ظهورهم، كان خلال فترة تولي مرسي الحكم، دائم التودد لأساتذة "الإخوان" في الجامعة على أمل الحصول على موقع هام في الدولة، وكثيراً ما كان يثني على حكم مرسي في إدارة الأمور وتقديره لأساتذة الجامعة، بحسب المصادر، التي تشير إلى علاقته الجيدة بالأجهزة الأمنية التي كانت تبحث عن عودة دورها إلى الجامعات مرة أخرى في أعقاب ثورة 25 يناير 2011.