أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن مظاهر "الاستقبال الدافئ" التي حظي بها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عند لقائه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس الأربعاء، طغت على فشل عباس في الحصول على أي إنجاز حقيقي يمكن أن يقدمه للشعب الفلسطيني.
ورأى عدد من المعلّقين في تل أبيب أن ترامب سيحكم على مدى مصداقية عباس، من خلال مدى استجابته للمطالب التي قدمها خلال الاجتماع، والتي تضمنت توقف السلطة عن دفع مخصصات مالية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وعوائل الشهداء والجرحى الذين سقطوا بالرصاص الإسرائيلي، إلى جانب القيام بخطوات عملية لوضع حد لـ"التحريض" على إسرائيل.
وقال آفي سيخاروف، معلّق الشؤون العربية في موقع "وللا" الإسرائيلي، إن "عباس لم يفشل فقط في الحصول على أي إنجاز خلال اللقاء مع ترامب، بل إن هناك ما يدعوه للقلق في أعقاب هذا اللقاء".
وفي تحليل نشره الموقع، اليوم، أوضخ سيخاروف أنه لا يوجد ما يبرر "مظاهر الحماس" التي بدت على قيادات السلطة الفلسطينية في أعقاب اللقاء مع ترامب.
وعزا سيخاروف إطراء ترامب على عباس إلى إطلاعه على الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية "في الحفاظ على أمن إسرائيل"، مشيرا إلى أن "ترامب يدرك ما يدركه قادة الأمن الإسرائيلي، وهو أن السلطة الفلسطينية تمثل مركبا رئيسا من المركبات التي تضمن أمن إسرائيل، على الرغم من حملة التحريض التي يشنها اليمين في إسرائيل ضد عباس".
واستدرك المتحدث ذاته قائلا إنه "باستثناء الكلمات الدافئة الي أغدقها على أبو مازن، فإن ترامب لم يمنح رئيس السلطة الفلسطينية أي إنجاز يمكن أن يلوّح به بفخر أمام شعبه".
وبلهجة لا تخلو من السخرية، قال سيخاروف: "يجب على الفلسطينيين أن يأملوا فقط أن يحافظ ترامب على شعوره تجاه عباس حتى صباح الغد"، معدّداً مسوغات القلق التي "يمكن أن تؤرق أبو مازن".
وأشار إلى أن "ترامب لم يقل الكلمة الأخيرة بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلى جانب أن مجلس الشيوخ الأميركي يعكف على مشروع قانون يلزم الإدارة بوقف المساعدات للسلطة في حال لم توقف تمويل الإرهاب والتحريض". وخلص إلى القول إن "تمرير مثل هذا القانون يعني انتحارا سياسيا لعباس".
من ناحيته، لاحظ الكاتب إلئيور ليفي أن ترامب حرص، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع عباس، على عدم تجاوز تصور حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب لحل الصراع، إذ لم تصدر عنه أية إشارة تعكس التزاما بحل الدولتين، أو إقامة دولة فلسطينية.
وفي تحليل نشره موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" اليوم، أشار ليفي إلى أنه "في حال نجحت إدارة ترامب في إعادة السلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى طاولة المفاوضات، فإن هذا التطور لن تسفر عنه أية نتيجة"، مشيرا إلى أن "الفلسطينيين يدركون أن حل الدولتين ليس قابلا للتطبيق في ظل وجود نتنياهو على رأس الحكم في تل أبيب".
وأضاف ليفي أن نتنياهو يلوح بدفع السلطة المستحقات المالية للأسرى الفلسطينيين، لأنه يعلم أن "الجمهور الفلسطيني لن يسمح لأبو مازن بالمس بهذه المستحقات، على اعتبار أن هذا الجمهور يقدس هؤلاء الأسرى".
من ناحيته، رأى أساف جيبور، معلق الشؤون العربية في صحيفة "ميكور ريشون"، أن نتيجة اللقاء مع ترامب كانت جيدة من ناحية شخصية لعباس، بمعزل عن نتائجها السياسية.
وفي مقال نشرته الصحيفة اليوم، قال جيبور إن "كل ما يعني عباس هو الحفاظ على شرعيته كرئيس للسلطة في أعقاب العقوبات (الصامتة) التي فرضها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على السلطة الفلسطينية، بعد فشله في إقناع عباس بتهيئة الظروف أمام خصمه اللدود محمد دحلان ليحل مكانه".
واعتبر أن ترامب "أنقذ" عباس بعد أن اتصل به هاتفياً ودعاه للبيت الأبيض واجتمع به، مشيرا إلى أن هذا أهم ما كان يحلم به أبو مازن، مضيفاً "الانقسام الفلسطيني والخلافات الداخلية تلعب لصالح إسرائيل، لأنها تضمن أن يفاوض عباس إسرائيل من موقع ضعف في حال تم استئناف المفاوضات بين الجانبين".
واعتبر براك رفيد، معلق الشؤون السياسية في صحيفة "هارتس"، أن استقبال الرئيس الأميركي في البيت الأبيض يدل على أن ترامب يسير على نهج ثلاثة رؤساء سبقوه، حاولوا حل الصراع، وهم بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما.
وفي تحليل نشرته الصحيفة اليوم، استدرك رفيد أن ترامب، وبخلاف من سبقوه من الرؤساء، يحاول إسماع اليمين الإسرائيلي ما يروق له، من خلال حديثه عن "التوصل لاتفاق سلام" بدل الحديث عن "دولة فلسطينية"، وحديثه عن "كبح" البناء في المستوطنات بدلا من "تجميده"، ناهيك عن تعمده الحديث علنا عن مطالب صعبة من الفلسطينيين، مثل وقف المخصصات لعائلات "الإرهابيين" و"التصدي للتحريض".