لم تنتهِ قضية جزيرتي تيران وصنافير، على الرغم من توقيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عصر السبت على اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية، بعد موافقة مجلس النواب عليها، ورغم إعلانه قبل أيام أن "قضية الجزيرتين انتهت"، إذ كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" عن أن "هناك ضغوطاً بطرق مختلفة من داخل مجلس النواب المصري، وأجهزة سيادية وأمنية في الدولة، لمنع أية استقالات جماعية من البرلمان، على خلفية رفض عدد من أعضاء البرلمان، الموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية". وسعى النظام الحالي لتفكيك الجبهة البرلمانية التي تشكلت على خلفية رفض التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، لما فيها من تبعات على صورة مجلس النواب، فضلاً عن تأثيرات سلبية على النظام ككل، بعد فقدان المعارضة "الشكلية" التي تستكمل الديكور، وسط أغلبية شكّلتها أجهزة الدولة.
وأرسل 115 نائباً مذكرة للسيسي، لمطالبته بعدم التصديق على التنازل عن تيران وصنافير، وإرجاء الأمر لحين صدور حكم المحكمة الدستورية العليا وبناء على هذا الحكم تكون إما الاتفاقية منعدمة فلا علاقة للبرلمان بها أو إعادتها للمجلس لتصبح في ولايته. لكن الأمر لم يجد إذ وقع السيسي بالفعل على الاتفاقية عصر السبت، رغم أن مركز بصيرة الحكومي نفسه، أعلن أن 11 في المائة فقط من المصريين يصدقون بأن الجزيرتين تتبعان السعودية، وهي النسبة التي يشكك مراقبون في أنه مُبالغ فيها بشكل كبير.
وقال النائب لـ"العربي الجديد" إنه "تلقى اتصالات عديدة من نواب مؤيدين للاتفاقية، يحاولون إقناعه بعدم الاتجاه للاستقالة من مجلس النواب على خلفية الموافقة على التنازل عن تيران وصنافير". وأضاف أن "الاتصالات التي تلقاها حذرت من الاصطفاف في صف تكتل (25 ــ 30) البرلماني، والذي يضم شخصيات هي في الأساس تتخذ موقفاً معارضاً من السيسي".
وتابع النائب قائلاً إن "الانضمام أو التنسيق مع تكتل (25 – 30) تحت القبة، أمر يغضب الأغلبية البرلمانية ممثلة في ائتلاف (دعم مصر)، خصوصاً أن الأخير تعرّض لحملة تخوين وتشويه من قبل نواب الائتلاف". وأشار إلى أن "التحذيرات تطرقت إلى ضرورة عدم السير في نفس اتجاه تكتل (25 ــ 30)، بتقديم استقالات جماعية من مجلس النواب، إثر الإصرار على تمرير اتفاقية تيران وصنافير. وهو ما قد يترتب عليه من أزمات خاصة لهؤلاء النواب في دوائرهم".
وشدّد على أن "عدداً من نواب الأغلبية حاولوا طرح عدد من السلبيات إذا ما قرر عدد من الرافضين للاتفاقية تقديم استقالات جماعية من البرلمان، تحديداً في ما يتعلق بضياع الأموال التي أنفقوها في الانتخابات". ولفت إلى أن "السلبيات التي عرضها نواب الأغلبية تتعلق بفقدان ثقة الشارع في هؤلاء النواب الذين يدرسون الاستقالة، إذ إنهم بذلك يخذلون كل من انتخبهم من أبناء الدوائر المختلفة، بما يهدد إمكانية نجاحهم في أي دورات برلمانية مقبلة".
من جهته، قال الخبير السياسي محمد عز، إن "محاولات النظام الحالي لإفشال الاستقالات الجماعية من مجلس النواب، أمر متوقع، لما يترتب عليه من ضياع المعارضة الشكلية في البرلمان". وأضاف في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، بأن "النظام الحالي يرغب في بقاء المعارضة الشكلية لاستكمال ديكور مجلس النواب، وكأن به معارضة في حين أن الأجهزة الأمنية والسيادية بقيادة نجل السيسي تسيطر على المجلس تماماً".
وتابع أنه "بخلاف ضياع المعارضة الشكلية، فإن هذه الخطوة قد تكون لها انعكاسات سلبية على صورة النظام داخلياً، تحديداً مع تراجع شعبية السيسي بين مؤيديه بسبب التنازل عن الجزيرتين وتردي مستوى المعيشة، وخارجياً بوضعه في موقف محرج ويفتح الباب أمام هجوم إعلامي غربي على ممارسات النظام الحالي". واستبعد أن "تكون هناك استقالات جماعية موسعة كما يعتقد البعض، خصوصاً أن أغلب النواب يستفيدون من عضويتهم في البرلمان، فضلاً عن إنفاق مبالغ طائلة للوصول لمقعد المجلس، وليس من السهولة فقدانه وبالتالي تراجع الامتيازات التي حصلوا عليها".