قاطع نواب المعارضة بمجلس نواب الشعب اليوم الأربعاء، الجلسة العامة المخصصة للنظر في مشروع قانون المصالحة الذي كانت قد طرحته رئاسة الجمهورية وشهدت الجلسة تشنجاً وشجاراً غير مسبوقٍ حيث بادرت المعارضة بأداء النشيد الوطني للاعتراض على تمرير هذا المشروع، ليتم رفع الجلسة.
وسارع نواب المعارضة إلى تنظيم لقاء صحافي، معتبرين أن محاولة تمرير هذا القانون خرق للإجراءات المعمول بها، وتتضمن مغالطات في جدول أعمال الدورة البرلمانية الاستثنائية، مشيرين إلى أنه تم تعمّد تأجيل النظر في سد المناصب الشاغرة في هيئة الانتخابات مقابل تمرير قانون المصالحة.
وأكد الأمين العام لحزب "حراك تونس الإرادة"، النائب عماد الدايمي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن ما حصل اليوم تحت قبة البرلمان هو محاولة لتمرير مشروع قانون المصالحة بالقوة، حيث حضر أعضاء الديوان الرئاسي ونواب الائتلاف الحكومي بكثافة في الوقت الذي يجد فيه هذا المشروع معارضة من الرأي العام.
وأوضح الدايمي أن من أسباب التوتر الذي حصل اليوم عدم احترام الإجراءات الشكلية للجلسة الاستثنائية وللنظام الداخلي بالمجلس، مبيناً أنه حصل مناخ من التشنج داخل البرلمان، ومؤكداً أن الغيابات التي حصلت لجلسة أمس كانت متعمدة، وأن الهدف منها إسقاط عملية إتمام تركيبة هيئة الانتخابات.
وأضاف أن نواب المعارضة قرروا التصدي لهذه المحاولات ومنع تمرير هذا المشروع، معتبراً أن رئيس المجلس، محمد الناصر، كان منحازاً في إدارة الجلسة وأيضاً لأحزاب الائتلاف الحاكم، كما أنه كان حريصاً على تمرير مشروع قانون المصالحة وهو ما أثار حفيظتهم كنواب.
وبين أن أحزاب المعارضة هي أقل من أحزاب التحالف الحكومي ولكن موقفهم الأخلاقي اليوم سيكون أقوى وأنه حتى وإن مرر هذا المشروع فإنه سيكون دون أدنى شرعية وفاقداً لأي مشروعية، معتبراً أن ما حدث اليوم في الجلسة سيكون وصمة عار وهي سابقة لم يشهدها المجلس.
وقال النائب عن الجبهة الشعبية، الجيلاني الهمامي، إنه لم يتم احترام الإجراءات والتراتيب المعمول بها ومنها الرجوع إلى الرأي الاستشاري للمجلس الأعلى للقضاء، معتبراً الدعوة إلى جلسة استثنائية من أجل تمرير هذا القانون غير مقبولة.
وبيّن أنه حصل تلاعب كان هدفه عدم سد الشغور في مراكز الهيئة العليا للانتخابات مقابل محاولة تمرير مشروع قانون المصالحة.
وأضاف الهمامي لـ"العربي الجديد" أن من أسباب التوتر الحاصل في جلسة اليوم مطالبة المعارضة من أحزاب الائتلاف الحكومي احترام القانون، ولكن تم المرور مباشرة إلى الجلسة في محاولة تمرير مشروع قانون المصالحة، معتبراً أن نواب المعارضة سيعترضون وسيتصدون لهذا المشروع، وأنهم سيطالبون بضرورة احترام القانون.
واعتبر النائب عن حزب "صوت الفلاحين"، فيصل التبيني، أن قانون المصالحة الذي عُرض ضمن جلسة استثنائية لا يعتبر قانوناً عاجلاً خاصة وأنه مطروح منذ العام 2015 ويواجه صداً كبيراً من الرأي العام.
واعتبر التبيني أن نواب المعارضة يحمّلون رئيس الجمهورية مسؤولية ما حصل باعتباره مؤمناً على الأمن القومي، مبيناً أن محاولة تمرير هذا القانون بالقوة هو تبييض للفساد، مشيراً إلى انهم سيتصدون لمثل هذا القانون وأنهم حريصون لإبراز الخروقات التي حصلت.
وأفاد أن مجلس نواب الشعب مدعو إلى احترام السلطة القضائية وأن تمرير هذا المشروع لن يكون على حساب المصلحة الوطنية، داعياً الشعب التونسي إلى اليقظة ففي الظاهر المشروع يحمل عنوان المصالحة الإدارية، ولكنه يعتبر في الأصل مصالحة شاملة للفاسدين.
وبالتوازي مع الجدل الذي حصل داخل قبة البرلمان حول مشروع قانون المصالحة، نفذ عدد من مكونات المجتمع المدني وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب اليوم الأربعاء، للمطالبة بعدم تمرير المشروع. وطالب المحتجون بسحب مشروع قانون المصالحة دون قيد أو شرط، داعين إلى احترام القانون.