ويأتي هذا في وقت تختتم ميركل، الأوفر حظاً في الانتخابات، وكذلك منافسها الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز اليوم، حملتيهما الانتخابيتين في معقليهما، بعد حملة مضنية ترافقت نهايتها مع صعود اليمين القومي.
ويحق لنحو 62 مليون شخص من أصل 82 مليوناً هم إجمالي تعداد البلاد، المشاركة في الاقتراع غداً، وانتخاب أعضاء البوندستاغ (البرلمان) الـ 630 من بين أربعة آلاف و828 مرشحاً يمثلون 42 حزباً في البلاد.
وسجلت المشاركة الحزبية في انتخابات، هذا العام، رقماً قياسياً، إذ لم يسبق أن شارك 42 حزباً في الانتخابات منذ توحيد شطري البلاد عام 1991، حسب مجلة "دير شبيغل" الألمانية.
ويشارك في انتخابات هذا العام 16 حزباً جديداً، تخوض تحدياً صعباً مع العديد من الأحزاب الصغيرة القديمة، من أجل حصد 5% من الأصوات، وهي عتبة دخول البرلمان.
وعادة لا تنجح الأحزاب الصغيرة في الحصول على هذه الأصوات ومن ثم دخول البرلمان، وتنحصر الأصوات بين الأحزاب الكبيرة وهي "الاتحاد المسيحي" (يمين وسط)، والاشتراكيون الديمقراطيون (يسار وسط)، واليسار، والخضر (يسار)، بالإضافة إلى حزبي البديل (يمين متطرف)، والديمقراطي الحر (يمين وسط)، واللذين لم ينجحا في دخول البرلمان الذي انبثق عن 2013، لكن يملكان حظوظاً كبيرة في انتخابات هذا العام.
وتتبع ألمانيا نظام انتخاب مختلطاً، حيث يصوّت كل ناخب مرتين، أولاهما لاختيار سياسي يمثل دائرته الانتخابية، وثانيهما لاختيار قائمة الحزب الذي يؤيّده. ويتم انتخاب نصف مقاعد البرلمان بشكل مباشر، فيما يتم انتخاب النصف الآخر عبر قوائم الأحزاب.
ورجحت آخر استطلاعات للرأي، نشرت اليوم السبت، وأمس الجمعة، فوز الاتحاد المسيحي بأكثرية الأصوات، بفارق كبير عن الاشتراكيين الديمقراطيين، فيما أحرز حزب البديل مفاجأة وحل في المركز الثالث.
وتوجهت ميركل (63 عاماً) صباح اليوم إلى مقر حملتها ببرلين، وقالت لأنصارها "كل صوت له قيمة" في سعيها لولاية رابعة بعد 12 عاماً من حكم ألمانيا.
أما الاشتراكي الديمقراطي، مارتن شولتز، المتأخر كثيراً في استطلاعات الرأي، فسيعقد آخر اجتماعاته الانتخابية في إكس-لا-شابيل (غرب) قرب مسقط رأسه.
ومع تردد ثلث الناخبين وتراجع المحافظين في آخر الاستطلاعات، يحتفظ الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي (61 عاماً) بأمل الفوز.
وقال إن "السنوات الأربع القادمة لا يجب أن تكون سنوات جمود وسبات"، مندداً بـ"سياسة التنويم" التي تنتهجها ميركل، برأيه. لكن خطاب شولتز لم يبد فعالاً طوال الحملة لحزبه الذي يحكم مع حزب ميركل منذ 2013. ولم يلق خطابه من أجل مزيد من العدالة الاجتماعية صدى في بلد مزدهر جداً مع بطالة متدنية.
ولئن كان الفوز شبه محسوم لميركل فإنها ستجد نفسها أمام تحدي تشكيل ائتلاف حاكم. فقد استبعدت الحكم مع حزبين متشددين. والخيار الأسهل نظرياً هو الاستمرار في التحالف مع الاشتراكيين الديمقراطيين.
لكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي المهدد في وجوده يمكن أن يختار البقاء في المعارضة. والخيار الآخر الممكن لميركل هو التحالف مع الحزب الديمقراطي الحر (ليبرالي)، إضافة إلى الخضر.
غير أن الخلافات بين أنصار البيئة والليبراليين حول مستقبل الديزل أو ملف الهجرة قد تجعل إدارة التحالف أمراً بالغ التعقيد.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابرييل، اليوم، إن المستشارة الألمانية، ووزير ماليتها فولفغانغ شويبله، يمارسان السياسة على طريقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي مقابلة مع صحيفة "هافنغتون بوست" النسخة الألمانية، قال غابرييل المتحدر من حزب الاشتراكيين الديمقراطيين، إن "ميركل وشويبله يمارسان السياسة وفق نموذج ترامب". وأضاف "لسوء الحظ، فإن المستشارة وشويبله ينويان تنفيذ رغبة ترامب، في زيادة الإنفاق العسكري".
الصراع على المركز الثالث
وبعد أن ضمن الحزبان التقليديان الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي المركزين الأول والثاني، احتدم الصراع على المركز الثالث بين الأحزاب الأربعة الأخرى المرشحة للوصول إلى الندوة البرلمانية، بعد أن تجاوزت عتبة الخمسة في المائة.
وفي اليوم الأخير، برز الشحن من قبل أنصار مرشحي حزب "البديل اليميني" الشعبوي، بهدف تسخين مزاج الناخبين قبل ساعات من الاستحقاق لانتخاب البرلمان الاتحادي 19 للبلاد. هذا الأمر دفع برئيس المركز الاتحادي للتربية السياسية، توماس كروغر، للقول إن "ما تظهره الحملة الانتخابية، وبالأخص في الولايات الشرقية، يقلقني كثيراً لما يحمل من الغضب والكراهية، وهذا ينم عن عجز، وآمل في أن لا تواجه ألمانيا في يوم الانتخاب معجزة زرقاء". في إشارة منه إلى حزب "البديل"، الذي يحمل اللون الأزرق. علما أنه، ووفقاً لآخر استطلاعات الرأي، يحل البديل ثالثاً بنسبة تتراوح بين 11و12%، والخوف من يصبح الحزب الثالث الأكثر قوة في البرلمان المقبل، الذي يدخله لأول مرة حزب يميني شعبوي منذ الحرب العالمية الثانية.
في المقابل، تسعى الأحزاب الأخرى، بينها الليبرالي الديمقراطي ( 9,5%) و"الخضر" (7%) واليسار (10%)، لحشد الناخبين، وسجلت اليوم جولات لعدد من زعماء تلك الأحزاب على عدد من المدن للقاء ناخبيهم.
في ديسلدورف، عبر زعيم "الليبرالي"، كرسيتيان لندنر، عن انتقاده للائتلاف الكبير الحاكم، وبخاصة في موضوع المعاشات التقاعدية وسياسته المتعلقة بالهجرة.
كما شارك زعيم اليسار، ديتمار بارتش، في فعالية في مدينة روستوك، وعبر عن تفاؤله بنتائج الانتخابات، ولفت إلى أن "التركيز على العدالة الاجتماعية خلال الحملة الانتخابية كان صحيحاً، خاصة وأن الناس تشعر بالقلق بشأن دفع تكاليف الإيجار والرعاية والصحة"، فيما عمد زعيما حزب "الخضر"، كاترين غورينغ ايكاردت، وجيم اوزدمير، إلى القيام بعدة جولات انتخابية لحث الناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم.
وكتب اوزدمير، أن غداً سيكون "حول مستقبل أوروبا، وينبغي أن يكون تجديداً إيكولوجيا واجتماعياً للقارة".
(العربي الجديد، وكالات)