يعود ملف تشكيل لجنة من المعارضة والنظام وممثلي المجتمع المدني لوضع دستور جديد لسورية، إلى واجهة الأحداث السياسية، مع الزيارة التي يقوم بها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى دمشق اليوم الأربعاء لبحث هذا الملف مع مسؤولي النظام، وذلك في ظل إصرار الأخير على نسبة مُرجّحة في هذه اللجنة المزمع تشكيلها، بما يهدد المساعي الأممية. لكن تطوراً آخر برز في الساعات الماضية، قد تكون له تبعات مهمة على هذا الملف، يتمثّل بدفع أميركي قوي لتشكيل هذه اللجنة، في ما تبدو صحوة أميركية تجاه الملف السوري بعد انكفاء سمح للروس بخلق وقائع سياسية وميدانية قد يكون من الصعب تجاوزها. من جهتها، تسعى المعارضة السورية إلى حث موسكو على ممارسة ضغوط أكبر على النظام، من خلال زيارة يجريها وفد من الهيئة العليا للتفاوض التي تمثّل المعارضة، إلى العاصمة الروسية موسكو، فيما تبدي هذه المعارضة قلقاً من المبعوث الأممي الجديد الذي سيخلف دي ميستورا، الساعي إلى إحداث اختراق على صعيد اللجنة الدستورية قبيل مغادرته منصبه أواخر الشهر المقبل.
ومن المقرر أن يجري دي ميستورا اليوم الأربعاء محادثات في دمشق مع مسؤولين في النظام حول اللجنة الدستورية المزمع تشكيلها من المعارضة والنظام، وممثلي المجتمع المدني لوضع دستور جديد للبلاد. ومن الواضح أن المبعوث الأممي يريد إحداث اختراق سياسي من شأنه تسهيل تشكيل اللجنة قبيل مغادرته لمنصبه أواخر الشهر المقبل لـ"أسباب شخصية" كما قال، في حين تؤكد الوقائع أن دي ميستورا وجد، كما من قبله كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي، أن المفاوضات تراوح مكانها وأنه ليس هناك أمل حقيقي بأن يغير النظام موقفه في ظل غياب ضغط دولي جاد عليه.
وأشارت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام إلى أن زيارة المبعوث الأممي إلى دمشق لـ"التشاور والوداع"، وفق تعبيرها، زاعمة أن دي ميستورا يبحث عن موافقة النظام على تدخّله في اختيار الثلث الثالث من أعضاء اللجنة وهم ممثلو المجتمع المدني، لافتة إلى أن النظام يرفض هذا التدخّل باعتبار مهمته تنحصر في "تسهيل الحوار وليس اختيار شخصيات وأسماء المتحاورين"، وفق الصحيفة. ونقلت عن مصادر دبلوماسية قولها إنه في حال لم يتوصل دي ميستورا لاتفاق مع النظام، فمن المرجح عقد مؤتمر سوتشي 2 منتصف نوفمبر/تشرين الثاني المقبل لينبثق عنه اتفاق جديد أو معدل حيال اللجنة الدستورية، مؤكدة أن النظام لن يقبل البدء في مفاوضات الدستور ما لم يكن يملك النصف زائداً واحد في اللجنة الدستورية.
ويُفترض أن تتألف اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور سوري جديد من 150 عضواً، ثلثهم من المعارضة، التي تمثّلها الهيئة العليا للتفاوض، وثلث آخر من النظام السوري، والثلث الأخير ممن يختارهم دي ميستورا، على أن يتم اختيار 15 عضواً منهم لصياغة دستور دائم للبلاد. وكانت المعارضة قدّمت، في يوليو/تموز الماضي، قائمة بمرشحيها إلى اللجنة الدستورية، وضمت ممثلين عن مكوّنات الهيئة العليا للتفاوض، من الائتلاف الوطني السوري، وهيئة التنسيق الوطنية التي ينظر إليها باعتبارها ممثلة لمعارضة الداخل السوري، ومنصتي موسكو والقاهرة، والفصائل العسكرية، ومستقلين.
اقــرأ أيضاً
وفي السياق ذاته، قفز إلى واجهة المشهد اهتمام أميركي مفاجئ بقضية تشكيل اللجنة الدستورية، فرضته تطورات سياسية في الملف السوري، إذ تدفع واشنطن دي ميستورا إلى إحداث إنجاز ما على هذا الصعيد قبيل مغادرة منصبه. وناقش وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مع دي ميستورا الوضع حول تشكيل اللجنة الدستورية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، للصحافيين الثلاثاء، إن الوزير ناقش مع المبعوث الأممي "التقدّم الذي حققه الأخير في مسألة عقد اللجنة الدستورية".
وكانت "المجموعة المصغرة" حول سورية، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والأردن ومصر والسعودية، قد أعلنت نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، أنها تصر على البدء السريع بعمل اللجنة الدستورية في جنيف، التي يقوم دي ميستورا بتشكيلها. وطلبت من الأخير أن يتحدث بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول الحالي عما أنجزه بهذا الشأن. لكن موسكو انتقدت ضغط هذه المجموعة على دي ميستورا، مشيرة إلى أن تحديد أي مواعيد معينة في هذا المجال خطأ كبير.
ويبدو أن سجالاً سياسياً روسياً أميركياً في طريقه للتصاعد حيال اللجنة الدستورية، إذ يريد كل طرف أن يكون الدستور المقبل بوابة لتحقيق مصالحه في سورية. فالروس يصرون على أن يكون للنظام نصاب في اللجنة الدستورية كافٍ لتمرير دستور يعيد تأهيل النظام ويسمح لرئيسه بشار الأسد بالترشح مرة أخرى في أي انتخابات مقبلة، ويرسخ الوجود الروسي في شرقي المتوسط. فيما يسعى الأميركيون ليكون الدستور الجديد بوابة حل ينهي نظام بشار الأسد، ويحجم الوجود الروسي المتعاظم في سورية.
ورأى نائب رئيس الهيئة العليا للتفاوض، جمال سليمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن واشنطن "عادت إلى الملف السوري بقوة، وبزخم كبير، وهي تضغط من أجل الانخراط في اللجنة الدستورية"، مضيفاً: "يبدو أن الأميركيين راجعوا سياساتهم في سورية ووجدوا أن انكفاءهم سمح لأطراف أخرى بفرض رؤية للحل في سورية لا تتناسب مع المصالح الأميركية في المنطقة". وأشار سليمان إلى أن الملف السوري جزء من المشهد السياسي الدولي "ومن يستطيع فرض رؤية معينة في هذا الملف يمكنه فرض رؤاه في ملفات أخرى، ومن هنا جاءت العودة الأميركية للملف السوري"، مبدياً خشية من أن يأخذ المبعوث الأممي الجديد أشهراً عديدة للتعامل مع القضية السورية "وهذا له نتائج سلبية"، مضيفاً: "لا نعلم إن كان سيأتي بمقاربة جديدة أم يبني على ما أنجزه دي ميستورا من قبل، خصوصاً على صعيد سلال التفاوض الأربع".
في موازاة ذلك، أكدت مصادر في الهيئة العليا للتفاوض أن وفداً من المعارضة يرأسه نصر الحريري، رئيس الهيئة، ويضم شخصيات تمثّل مكوناتها، سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الروسية موسكو في السادس والعشرين من الشهر الحالي. وأوضح المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض، يحيى العريضي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الوفد "سيقف على حقيقة الموقف الروسي تجاه منتجها (اللجنة الدستورية)، وارتباطها بمحاور القرار الدولي الأخرى"، إضافة إلى "حث روسيا على دفع النظام إلى الحل السياسي الذي تتطلع اليه ولا تنفك تتحدث عنه".
وأشار العريضي إلى أن زيارة المعارضة إلى موسكو "تهدف إلى تبيان وهم عودة اللاجئين وإعادة الإعمار من دون توفر الشروط المناسبة"، إضافة إلى "ثبات الاتفاق الروسي-التركي في إدلب"، مؤكداً أن الوفد سيتباحث مع الجانب الروسي حول "مخالفة وخرق التعهدات الروسية من قبل النظام، واستمرار الأخير في ممارسة الاضطهاد والجريمة بحق السوريين". ولفت إلى أن المباحثات مع الجانب الروسي "ستتطرق إلى مفاعيل رحيل ستيفان دي ميستورا، ومجيء مبعوث أممي جديد".
وعن اللجنة الدستورية، رأى العريضي أنها "منتج روسي"، مضيفاً: "كان اعتقاد الروس بأن المعارضة سترفض ذلك، إلا أن الهيئة بكل حنكة تفاعلت من المنتج واعتبرته بوابة لتطبيق القرارات الدولية، ومن هنا يأتي اهتمام أميركا باللجنة الدستورية لأن الأمر يضع روسيا في تناقض فاضح".
ومن المقرر أن يجري دي ميستورا اليوم الأربعاء محادثات في دمشق مع مسؤولين في النظام حول اللجنة الدستورية المزمع تشكيلها من المعارضة والنظام، وممثلي المجتمع المدني لوضع دستور جديد للبلاد. ومن الواضح أن المبعوث الأممي يريد إحداث اختراق سياسي من شأنه تسهيل تشكيل اللجنة قبيل مغادرته لمنصبه أواخر الشهر المقبل لـ"أسباب شخصية" كما قال، في حين تؤكد الوقائع أن دي ميستورا وجد، كما من قبله كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي، أن المفاوضات تراوح مكانها وأنه ليس هناك أمل حقيقي بأن يغير النظام موقفه في ظل غياب ضغط دولي جاد عليه.
ويُفترض أن تتألف اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور سوري جديد من 150 عضواً، ثلثهم من المعارضة، التي تمثّلها الهيئة العليا للتفاوض، وثلث آخر من النظام السوري، والثلث الأخير ممن يختارهم دي ميستورا، على أن يتم اختيار 15 عضواً منهم لصياغة دستور دائم للبلاد. وكانت المعارضة قدّمت، في يوليو/تموز الماضي، قائمة بمرشحيها إلى اللجنة الدستورية، وضمت ممثلين عن مكوّنات الهيئة العليا للتفاوض، من الائتلاف الوطني السوري، وهيئة التنسيق الوطنية التي ينظر إليها باعتبارها ممثلة لمعارضة الداخل السوري، ومنصتي موسكو والقاهرة، والفصائل العسكرية، ومستقلين.
وفي السياق ذاته، قفز إلى واجهة المشهد اهتمام أميركي مفاجئ بقضية تشكيل اللجنة الدستورية، فرضته تطورات سياسية في الملف السوري، إذ تدفع واشنطن دي ميستورا إلى إحداث إنجاز ما على هذا الصعيد قبيل مغادرة منصبه. وناقش وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مع دي ميستورا الوضع حول تشكيل اللجنة الدستورية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، للصحافيين الثلاثاء، إن الوزير ناقش مع المبعوث الأممي "التقدّم الذي حققه الأخير في مسألة عقد اللجنة الدستورية".
وكانت "المجموعة المصغرة" حول سورية، التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والأردن ومصر والسعودية، قد أعلنت نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، أنها تصر على البدء السريع بعمل اللجنة الدستورية في جنيف، التي يقوم دي ميستورا بتشكيلها. وطلبت من الأخير أن يتحدث بحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول الحالي عما أنجزه بهذا الشأن. لكن موسكو انتقدت ضغط هذه المجموعة على دي ميستورا، مشيرة إلى أن تحديد أي مواعيد معينة في هذا المجال خطأ كبير.
ويبدو أن سجالاً سياسياً روسياً أميركياً في طريقه للتصاعد حيال اللجنة الدستورية، إذ يريد كل طرف أن يكون الدستور المقبل بوابة لتحقيق مصالحه في سورية. فالروس يصرون على أن يكون للنظام نصاب في اللجنة الدستورية كافٍ لتمرير دستور يعيد تأهيل النظام ويسمح لرئيسه بشار الأسد بالترشح مرة أخرى في أي انتخابات مقبلة، ويرسخ الوجود الروسي في شرقي المتوسط. فيما يسعى الأميركيون ليكون الدستور الجديد بوابة حل ينهي نظام بشار الأسد، ويحجم الوجود الروسي المتعاظم في سورية.
ورأى نائب رئيس الهيئة العليا للتفاوض، جمال سليمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن واشنطن "عادت إلى الملف السوري بقوة، وبزخم كبير، وهي تضغط من أجل الانخراط في اللجنة الدستورية"، مضيفاً: "يبدو أن الأميركيين راجعوا سياساتهم في سورية ووجدوا أن انكفاءهم سمح لأطراف أخرى بفرض رؤية للحل في سورية لا تتناسب مع المصالح الأميركية في المنطقة". وأشار سليمان إلى أن الملف السوري جزء من المشهد السياسي الدولي "ومن يستطيع فرض رؤية معينة في هذا الملف يمكنه فرض رؤاه في ملفات أخرى، ومن هنا جاءت العودة الأميركية للملف السوري"، مبدياً خشية من أن يأخذ المبعوث الأممي الجديد أشهراً عديدة للتعامل مع القضية السورية "وهذا له نتائج سلبية"، مضيفاً: "لا نعلم إن كان سيأتي بمقاربة جديدة أم يبني على ما أنجزه دي ميستورا من قبل، خصوصاً على صعيد سلال التفاوض الأربع".
وأشار العريضي إلى أن زيارة المعارضة إلى موسكو "تهدف إلى تبيان وهم عودة اللاجئين وإعادة الإعمار من دون توفر الشروط المناسبة"، إضافة إلى "ثبات الاتفاق الروسي-التركي في إدلب"، مؤكداً أن الوفد سيتباحث مع الجانب الروسي حول "مخالفة وخرق التعهدات الروسية من قبل النظام، واستمرار الأخير في ممارسة الاضطهاد والجريمة بحق السوريين". ولفت إلى أن المباحثات مع الجانب الروسي "ستتطرق إلى مفاعيل رحيل ستيفان دي ميستورا، ومجيء مبعوث أممي جديد".
وعن اللجنة الدستورية، رأى العريضي أنها "منتج روسي"، مضيفاً: "كان اعتقاد الروس بأن المعارضة سترفض ذلك، إلا أن الهيئة بكل حنكة تفاعلت من المنتج واعتبرته بوابة لتطبيق القرارات الدولية، ومن هنا يأتي اهتمام أميركا باللجنة الدستورية لأن الأمر يضع روسيا في تناقض فاضح".