بالتزامن مع حالة السخط الشعبي في البصرة جنوبي العراق، منذ عدة أشهر، بسبب الأحوال الخدمية والمعيشية المتدهورة، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة رغم غناها بالنفط، فضلاً عن سوء الأوضاع الأمنية وتغوّل المليشيات، تشهد المحافظة أزمة سياسية عنوانها الصراع على منصب المحافظ.
ويعقد عدد من أعضاء مجلس محافظة البصرة، اليوم الجمعة، جلسة استثنائية لاختيار محافظ جديد، بعد شغور المنصب جراء فوز المحافظ السابق أسعد العيداني بعضوية مجلس النواب، وذلك وسط جدل واسع وانقسام واضح على مستوى الحكومة المحلية.
وقال مصدر في الحكومة المحلية بالبصرة، لـ"العربي الجديد"، إنّ أعضاء مجلس المحافظة الذين سيعقدون جلسة، اليوم الجمعة، يسعون للحيلولة دون استئثار تحالفي "سائرون" التابع للتيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، و"الحكمة" الذي يتزعمه عمار الحكيم، بمنصب المحافظ والمواقع الأخرى المهمة بالمحافظة.
وأشار المصدر إلى "وجود صراع كبير داخل مجلس المحافظة"، مرجّحاً أن يحضر الجلسة الاستثنائية ما بين 15 و18 عضواً، موضحاً أنّ "الجلسة لا يمكن أن تعقد في حال قل العدد عن 18 عضواً من أصل 35 هم عدد أعضاء الحكومة المحلية"، ولافتاً إلى أنّ رئيس المجلس بالوكالة وليد كيطان لن يحضر الجلسة.
وقال إنّ "اجتماع اليوم رد فعل على إعلان 18 عضواً بمجلس محافظة البصرة، عن تشكيل كتلة رفعت شعار إصلاح الأوضاع في المحافظة".
وأعلن عضو مجلس محافظة البصرة كريم شواك، أمس الخميس، عن تشكيل كتلة داخل المجلس حملت اسم "أباة البصرة"، مبيّناً أنّ هذه الكتلة تتألف من 18 عضواً.
وأضاف أنّ "هذه الكتلة أخذت على عاتقها تصحيح الأوضاع، وإجراء إصلاحات، واختيار رئيس جديد لمجلس المحافظة"، متهما الإدارة "السيئة" السابقة للمحافظة، بأنّها "هي التي تسبّبت بمشاكل البصريين".
وجاء الإعلان عن الكتلة متزامناً مع فتح رئيس مجلس محافظة البصرة بالوكالة وليد كيطان، باب الترشيح لمنصب المحافظ الجديد، وهو أمر لاقى اعتراضاً من قبل المحافظ المنتهية ولايته أسعد العيداني بسبب فوزه بعضوية البرلمان.
وأثار الصراع السياسي على مناصب مجلس محافظة البصرة، غضب قيادات بحركة الاحتجاج التي حذرت من موجة غضب شعبية، ما لم تتم الاستجابة الكاملة لمطالب المحتجين التي انطلقت قبل نحو خمسة أشهر.
وقال عضو "تنسيقيات حراك البصرة" علي المنصوري، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّه "منذ مطلع شهر يوليو/تموز الماضي، ونحن نتظاهر ونمارس مختلف أنواع الاحتجاج السلمي، بهدف الاستجابة لمطالبنا، والالتفات لوضع البصرة المتدهور"، مضيفاً أنّ "البصريين يتعرضون لصدمة جديدة اليوم، وهم يرون سياسييهم وممثليهم يتصارعون من أجل الكراسي".
وأكد المنصوري أنّ "الأيام المقبلة ستشهد عودة للاحتجاجات السلمية على نطاق واسع"، مضيفاً أنّ "التجربة علّمتنا أنّ جميع سياسيي العراق من صنف واحد، ولا يمكن أن يقدّموا للجماهير شيئاً سوى الوعود الكاذبة"، مشيراً إلى "وجود اتفاق بين قيادات الاحتجاجات على رفع سقف المطالب بالتزامن مع زيادة أسعار النفط، وقدرة الحكومة على تلبية جميع مطالب أهالي البصرة".
وتجدّدت تظاهرات البصرة، مطلع الشهر الحالي، بسبب عدم إيفاء السلطات العراقية بوعودها للمتظاهرين. وأحرق متظاهرون، يوم الجمعة الماضي، صوراً لمحافظ البصرة أسعد العيداني، قرب مبنى الحكومة المحلية، احتجاجاً على إقدامه على ضرب أحد المتظاهرين، حيث ترجّل من سيارته وسحب المتظاهر من وسط الشارع وقام بضربه، بينما برّر فعلته، في وقت لاحق، بالقول إنّ المتظاهر شتم عائلته.
وكانت شرارة التظاهر اندلعت في البصرة للمطالبة بالخدمات، في يوليو/تموز الماضي، قبل أن تتوقف نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفية اقتحام وحرق متظاهرين للقنصلية الإيرانية في المحافظة ومبان حكومية أخرى، وتعرّض قادة التظاهر، على أثر ذلك، لحملة اعتقالات واغتيالات.