حققت مليشيا "قوات سورية الديمقراطية (قسد)"، تقدماً جديداً في معاركها بمساندة "التحالف الدولي" ضد تنظيم "داعش" في ريف دير الزور الشرقي، من خلال سيطرتها على قرية الباغوز قرب مدينة دير الزور، ما أوقع عدداً من القتلى في صفوفها وفي صفوف التنظيم، فيما تتصاعد محنة المدنيين، خصوصاً داخل مخيمات النازحين التي أوجدتها المليشيا الكردية.
وذكرت شبكة "فرات بوست" أن عناصر مليشيا "قسد" وصلوا إلى جسر البوكمال من الجهة الشرقية للمرة الأولى، منذ سيطرة التنظيم على ريف دير الزور الشرقي، وتمكنت بذلك من ربط البادية بنهر الفرات من جهة بلدة الباغوز الفوقاني.
وبحسب الشبكة، فإن طيران "التحالف الدولي" استهدف اليوم مفخختين لتنظيم "داعش"، كانتا مجهزتين على الخطوط الأولى مع "قسد"، الأولى قرب جسر الباغوز، والثانية في حي الشيخ حمد، مشيرةً إلى أن الغارات أسفرت عن مقتل عددٍ من عناصر التنظيم. وأضافت أن عشرة من عناصر التنظيم ينحدرون من ريف حمص الشرقي، بينهم "قيادي كبير"، قتلوا في بلدة الباغوز الفوقاني بريف مدينة البوكمال، خلال الاشتباكات مع "قسد" أمس الخميس، فيما قتل عددٌ من عناصر القوات المشكل أغلبها من الكرد السوريين في المقابل.
كما أفادت مصادر محلية بأن أربعة من عناصر "قسد" قتلوا إثر هجوم مسلحين من "داعش" على إحدى نقاطهم قرب بلدة غرانيج في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، فيما قتل عنصر خامس إثر انفجار لغم به، زرعه مسلحون مجهولون في بلدة الكرامة بريف الرقة الشرقي.
وأعلنت "قسد" مساء أمس الخميس، سيطرتها على قرية الباغوز بعد اشتباكات مع "داعش". وتعدّ القرية أبرز المعاقل الأخيرة لتنظيم داعش في ريف محافظة دير الزور، فيما أشارت مصادر محلية إلى أن التنظيم ما زال يسيطر على بعض الأحياء في المنطقة.
وأعلنت "قسد" قبل أيام إطلاق المرحلة الأخيرة من حملة "عاصفة الجزيرة" للسيطرة على ما تبقى من مناطق ريف دير الزور، التي تشمل بلدات هجين، السوسة، الشعفة، مع القرى والمزارع التابعة لها.
وتقع مدينة هجين التي حوصر فيها التنظيم، على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتبعد مسافة 110 كيلومترات إلى الشرق من دير الزور، ونحو 35 كيلومتراً عن مدينة البوكمال.
من جهتها، قالت "قسد" في بيان لها إن الاشتباكات مع "داعش" في القرية ومحيط مدينة هجين المجاورة، أسفرت عن مقتل 31 عنصراً للتنظيم، وجرح ثلاثة من عناصرها، مع تنفيذ "التحالف الدولي" 15 غارة على المواقع العسكرية التابعة للتنظيم.
إلى ذلك، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن طائرات "التحالف الدولي" نفذت عملية إنزال في أطراف قرية المراشدة الواقعة في الجيب الخاضع لسيطرة تنظيم "داعش" عند الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث هبطت الطائرة في بساتين قرية المراشدة الواقعة بين بلدتي السوسة والباغوز، وعمدت إلى نقل عدد من الأشخاص يرجح أنهم قادة في "داعش"، وكانوا متعاونين مع "التحالف الدولي" في مجال المعلومات الاستخبارية.
وتترافق المعارك مع استمرار النزوح الجماعي للمدنيين، حيث افتتحت مليشيا "قسد" مخيماً للنازحين من مناطق سيطرة "داعش"، في بادية بلدة أبو الحسن، يعاني غياب الخدمات الأساسية، واستقبل رغم ذلك جرحى وعدداً من المدنيين القادمين من مناطق سيطرة التنظيم.
من جهة أخرى، ذكرت شبكات محلية تغطي أخبار المنطقة الشرقية أن عناصر "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) يقومون بابتزاز مخيم "إيواء هجين" في ريف دير الزور الشرقي، ممن خرجوا حديثاً من مناطق سيطرة تنظيم "داعش"، ليتم حجزهم داخل المخيم، ورفض إطلاق سراحهم، قبل دفع مبلغ ألف دولار عن كل شخص.
وذكرت شبكة "فرات بوست" أن بعض المدنيين الذين تم احتجازهم عقب خروجهم من منطقة هجين الخاضعة لسيطرة التنظيم، تم اقتيادهم مباشرة إلى أحد مخيمات الإيواء المخصصة للخارجين بهدف التحقق من هوياتهم كما جرى مع من سبقهم، لكن مع مرور الأيام وانتهاء عمليات التحقيق، أخبر عناصر "قسد" الموجودين في المخيم بأن كل من يرغب بالخروج عليه دفع ألف دولار، وإلا فسيبقى في مكانه من دون السماح لهم بمتابعة طريقهم نحو مناطق البحرة والشعيطات القريبة، أو غيرها من المناطق.
وأوضحت الشبكة أن التجاوزات بحق المدنيين في مخيم هجين الذي أنشئ منذ نحو ثلاثة أسابيع، لا تقتصر على الابتزاز المادي لتمتد إلى المعاملة السيئة، وسط حالة من شبه انعدام للخدمات خصوصا الصحية منها، ما يعكس صورة مخالفة لما تروجه "قسد" في وسائل الإعلام السورية والغربية عن واقع النازحين القابعين في مخيماتها.
وكانت "قسد" قد عمدت قبيل انطلاق عمليتها العسكرية الأخيرة الهادفة إلى طرد "داعش" مما تبقى من مناطق خاضعة له أقصى شرق دير الزور، إلى إنشاء مخيمات إيواء للنازحين المدنيين، وتوزعت هذا المخيمات في المناطق المجاورة لدرنج، أبو حمام، ذيبان، الشحيل، هجين، والأخير تقطنه أكثر من 60 عائلة حالياً.
إلى ذلك، قالت "قسد" إنها تحتجز ألف مقاتل وشخص أجنبي كانوا يعملون سابقاً في صفوف "داعش" في المنطقة الشرقية من سورية.
وقال الرئيس المشارك في هيئة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية، عبد الكريم عمر، في تصريح صحافي إن الإدارة تحتجز نحو 500 مقاتل أجنبي و500 شخص آخرين من نحو 40 دولة، بعد هزيمة التنظيم الإرهابي العام الماضي على كل الأراضي التي كانت تحت سيطرته في العراق وسورية تقريباً.
وأضاف عمر لوكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، "بالنسبة إلينا هذا عدد كبير جداً، لأن هؤلاء الدواعش خطرون، وارتكبوا مجازر ووجودهم لدينا في المعتقلات فرصة بالنسبة للمجتمع الدولي ليقوم بمحاكمتهم". وأضاف أن الإدارة "لا تستطيع احتجاز الأسرى الأجانب إلى الأبد" وأن "على دولهم استعادتهم".
ويتخوف المسؤولون الأميركيون من أن اكتظاظ منشآت الاعتقال قد تؤدي إلى انتشار "الأفكار المتطرفة وزيادة حدة التشدد"، بحسب الوكالة.
وكان دبلوماسيون سودانيون قادمون من دمشق إلى القامشلي قد تسلموا أمس الخميس، امرأة سودانية الجنسية، كانت في صفوف تنظيم "داعش".
وبحسب عمر، فإن الإدارة في المنطقة تفتقر للموارد لتعيد تأهيل الكثير من السجناء بشكل ملائم، وستقدم المقاتلين السوريين للمحاكمة، لكنها لن تحاكم الأجانب كما لن تعدم أحداً لأنها لا تطبق عقوبة الإعدام.
ويقيم داخل ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرة "داعش" شرق دير الزور نحو 50 ألف مدني، إضافة إلى نحو أربعة آلاف مقاتل من التنظيم، يعمدون إلى التضييق على المدنيين، ويمنعونهم من المغادرة.