اليوم، باتت جدران بيت العائلة مزيّنة بصور الشهيد رامز، منها صورة له في مسجد الأقصى قبل شهر من استشهاده وأخرى مع عائلته. وبعد استشهاده انتشر اسمه بشكل واسع في القرية. كما حافظ أهالي كفر مندا على تقليد سنوي في تاريخ الثالث من أكتوبر من كل سنة لإحياء ذكرى شهيدهم وبقية شهداء هبة أكتوبر 2000، عبر تنظيم مسيرة من دوار الشهيد رامز بشناق، تطوف البلدة حتى زيارة الضريح، وتختتم الفعالية بمهرجان سياسي ــ فني ملتزم.
أما الوالدة حليمة بشناق (80 عاماً)، فقد باتت أسيرة المرض، أثناء روايتها قصة استشهاد ابنها، لـ"العربي الجديد". فقالت "في يوم استشهاده خرج رامز وقال لي (أنا ذاهب إلى الناصرة للمشاركة بجنازة الشهيد إياد لوابنة). خرج فوجد البلدة مغلقة ومحاصرة من الشرطة. فرجع عند إخوته. لكن على الفور، سمعت ضجة وصراخ بناتي وهن يخرجن من البيت لأنهن سمعن دوي الرصاص في الخارج. قلتُ لزوجي بأنني سأذهب لأجلب بناتي، قال لي زوجي (قولي لا إله إلا الله)، سألته ماذا جرى، وخرجت من البيت ورأيت ابني حلمي يركض باحثاً عن مفاتيح السيارة، فلحقت به حتى وصلنا العيادة حيث وجدت ابني رامز مغطى بالدماء، وكان ابن عمي هو الطبيب الذي يعالجه من دون أن يعرف أن الذي يعالجه هو رامز".
وأضافت أنه "تم نقل رامز بسيارة إسعاف إلى مستشفى في الناصرة، وكانت البلدة مليئة بعناصر شرطة الاحتلال، فأوقفنا شرطي ومنعنا من المرور. قلت للشرطي (أنت الذي قتلت رامز)، ووقتها أمسكته بيدي ونفضت جسده. وبالفعل، عند مشاركتي في جلسات المحكمة أيام تحقيق لجنة أور (بأحداث هبة أكتوبر)، رأيته هناك مرة أخرى، كونه جاء للإدلاء في إفادته بجريمة قتل رامز".
أما حلمي بشناق، شقيق الشهيد، والذي يكبره بأربع سنوات، فقال إن "من بين ما كان يميز رامز بساطته والتزامه الديني، وكان يعمل في تجارة الخضر والفاكهة معي وبعد انتهاء دوام التجارة كان يفلح الأرض، كان يحب الرياضة ويمشي كل يوم عند ساعات المغرب خمسة كيلومترات. في أكتوبر 2000، لم يكن ممكناً أن يجلس أي منا في بيته، فقد استمرت المواجهات في البلدة ثلاثة أيام وأذكر أنها كانت أيام الأحد والاثنين والثلاثاء".
وأضاف أنه "يوم استشهاد رامز، عملنا سوية في سخنين وعدنا عند ساعات الظهيرة إلى البلدة. وكنا نسمع الأخبار التي كانت تتوارد من القدس وغزة والضفة الغربية عما يحدث بعد اقتحام (آرييل) شارون المسجد الأقصى وسقوط الشهداء في القدس والضفة وغزة. جئنا إلى البيت وشاهدنا الأخبار على التلفزيون وكان الأمر مؤلماً لنا، فنحن امتداد للشعب الفلسطيني رغم أنهم دائماً ما يحاولون سلخنا عن بقية أفراد شعبنا".
وصف حلمي لحظة سقوط الشهيد رامز بالقول: "جاء وجهاء البلد للحديث مع الشرطة ليطلبوا منهم الخروج من القرية. اصطف أكثر من 12 جندياً بشكل عرضي وركعوا على الأرض بوضعية قتالية. لا أعرف إذا كان الهدف من هذه الحركة هو إخافتنا. بعدها وقفوا وركضوا باتجاه المتظاهرين مع إطلاق رصاص حي عليهم. عندها حاولنا الاختباء والهرب من الرصاص قبل أن يتراجع الجنود إلى مواقع خلفية، وخَفّ دوي الرصاص، وفي هذه اللحظة استشهد رامز". وتابع حلمي تذكُّر وقائع ذاك اليوم الأليم قائلاً "وأنا أركض، سمعت صوت شقيقي الثاني، فنظرتُ إلى الخلف ورأيت رامز في حضنه. حاولت أن أمسك رامز من رقبته. كانت ملابس شقيقي رافي مضرجة بالدماء وبأشلاء جسد أخيه بسبب كثافة النيران التي استهدفته، فدخلت رصاصة متفجرة في رأسه من الخلف".
من جهتها، كشفت أمينة، الشقيقة البكر لرامز: "كان رامز يريد أن يبني بيتاً في أرضنا، وقبل أن يستشهد بأسبوع، أحضر الخريطة الهندسية لبيته وأطلعنا عليها وشرح لنا تفاصيلها. وقال حينها إنه سيبني بيتاً لا مثيل له. وقد صدرت رخصة البناء بعد مماته لبناء البيت". وختمت أمينة شهادتها باستذكار أنه "في اليوم الأخير قبل استشهاده، طلب من والدتي أن تطبخ له المقلوبة قبل أن يخرج من البيت من دون أن يعود".