تصدّرت تركيا أمس الجمعة المشهد السوري، مع حرصها على الترويج لأهمية "المنطقة الآمنة" في الشمال السوري على حدودها، بالتوازي مع تقديمها شروطاً ونقاطاً حمراً تتمسك بها، سواء برفض أي وجود للنظام السوري في منطقة منبج، أو التحذير من فرض أمر واقع بعد الانسحاب الأميركي "يخدم الأجندة الانفصالية لتنظيم العمال الكردستاني والوحدات الكردية". بالتوازي مع ذلك، اتفقت أنقرة مع موسكو في قراءتها لخطورة الوضع في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سورية، وتحديداً في إدلب، بعد التحرك الأخير لـ"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وسيطرتها على مساحات واسعة من المنطقة، بما يشير إلى أن إدلب مقبلة على تصعيد جديد، وهو ما بدا من خلال تفجير استهدف أمس نقطة تفتيش للهيئة قرب إدلب، أسفر عن سقوط ضحايا.
ولا تزال تفاصيل "المنطقة الآمنة" المقرر إنشاؤها في الشمال السوري على الخط الحدودي مع تركيا غير واضحة، غير أنها محور مباحثات متعددة الأطراف أميركية تركية، وروسية تركية، كانت إحدى مراحلها أمس زيارة السيناتور الأميركي ليندسي غراهام إلى أنقرة، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، وتركز البحث حول الملف السوري. سبق ذلك زيارة أردوغان إلى موسكو الأسبوع المقبل، حيث يلتقي في 23 من الشهر الحالي نظيره الروسي فلاديمير بوتين. كذلك يزور وفد تركي يترأسه نائب وزير الخارجية سدات أونال، واشنطن في 5 فبراير/ شباط المقبل لإجراء محادثات، قبل أن يشارك جاووش أوغلو في 6 فبراير/ شباط في اجتماع وزراء خارجية التحالف الدولي لمحاربة "داعش" في العاصمة الأميركية.
واستبقت أنقرة هذه الاجتماعات بالتأكيد أنها "تتعاطى بإيجابية" مع مقترح إنشاء "المنطقة الآمنة"، وهي خطوة "ستكون تطوراً مهماً في السياق السوري، ونحن ندعمها"، بحسب المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أقصوي، الذي أعلن أن بلاده ستبحث مع روسيا مقترح إنشاء هذه المنطقة. وخلال مؤتمر صحافي في مقر الخارجية التركية في أنقرة، قال أقصوي إن أردوغان سيزور روسيا في 23 الحالي، ومن المنتظر أن يتناول هذا الموضوع مع نظيره الروسي، كاشفاً أن "المباحثات التقنية متواصلة أيضاً (بين الجانبين) على مستوى المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين، وسيتواصل بحث النماذج حول كيفية إنشاء هذه المنطقة". وذكر أن فكرة إنشاء المنطقة الآمنة كانت قد طُرحت في وقت سابق من قبل أردوغان، إلا أنها لم تلقَ قبولاً في تلك الفترة.
وشدّد أقصوي على أن "المنطقة الآمنة" لن تضمن فقط أمن الحدود التركية وإنما ستساهم في الوقت نفسه بضمان أمن وسلامة الأهالي في تلك المنطقة. وأعرب عن اعتقاده بأن هذه المنطقة ستكون عنصراً يساهم في "منع حدوث موجة هجرة جديدة، وتحقيق الاستقرار، وتشجيع السوريين المقيمين في تركيا على العودة إلى بلادهم".
كما أعرب عن رفض تركيا لوجود النظام السوري في مدينة منبج، قائلاً إن "جهود الوحدات الكردية لإدخال النظام إلى منبج لا يمكن السماح بها". وأشار إلى أن "هدف خارطة طريق منبج واضح"، وتنص على أن "تنسحب الوحدات الكردية من منبج وتتسلم الولايات المتحدة الأسلحة، ومنبج يحكمها المقيمون فيها". وتابع أنه "يجب ألا يُسمح للنظام بالقيام باستفزازات تجاه منبج"، معلناً أن "تطهير منبج من عناصر العمال الكردستاني والوحدات مسألة أمن قومي بالنسبة لنا". وشدد على أنه "ينبغي ألا يخدم الانسحاب الأميركي من سورية الأجندة الانفصالية لتنظيم العمال الكردستاني، ويتوجب ألا يحدث فرض أمر واقع على الأرض، ولقد أبلغنا هذا (لنظرائنا) بشكل حازم".
واعتبر المسؤول التركي أن حزم أنقرة دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاتخاذ قرار الانسحاب من سورية، لافتاً إلى أن هناك مقاومة من قبل موظفين أمنيين بارزين في الولايات المتحدة حيال قرار ترامب، مؤكداً أهمية الحوار والتنسيق في تطبيق قرار الانسحاب.
اقــرأ أيضاً
في سياق آخر، أكد أقصوي أن أنقرة لن تسمح للاستفزازات بزعزعة التفاهم القائم مع روسيا بشأن منطقة إدلب، مؤكداً أن تركيا تعمل من أجل إدامة وقف إطلاق النار عبر تفاهم إدلب، لافتاً إلى أن النظام قام ببعض الاستفزازات خلال الفترة الأخيرة، معتبراً أن النظام يهدف إلى تقويض اتفاقية إدلب. كذلك لفت إلى أنه "في الأيام الأخيرة قامت هيئة تحرير الشام باستهداف المعارضة المعتدلة، ونحن نواصل اتخاذ التدابير اللازمة ضد الاستفزازات"، مضيفاً "لن نسمح للاستفزازات بزعزعة تفاهم إدلب ونتطلع إلى أن يدعم المجتمع الدولي الجهود التركية". وأشار إلى أن نظام بشار الأسد يسعى وراء نصر عسكري، "إلا أن الحل السياسي هو الممكن في سورية".
وفي الإطار نفسه، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، إن بلاده لن تتوقف حتى تجفيف مستنقع الإرهاب قرب حدودها شمالي سورية. وفي سلسلة تغريدات نشرها ألطون، على حسابه في موقع "تويتر"، قال إن الإرهابيين قتلوا أكثر من ألفي إنسان بريء في تركيا منذ 2015، لافتاً إلى أن غالبية الهجمات الإرهابية التي شهدتها تركيا خُطط لها في الشمال السوري.
في موازاة ذلك، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعرب عن "قلق موسكو إزاء الانتهاكات لنظام منطقة خفض التوتر في إدلب من قبل جبهة النصرة، وسيطرتها على 70 في المائة من أراضي المحافظة بما يخالف الاتفاق الروسي التركي حول إدلب"، معتبراً أن الطريقة الوحدة لمنع عودة الإرهاب إلى سورية هي انتقال أراضي البلاد لسيطرة النظام. لافروف، وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني هايكو ماس في موسكو أمس، ذكر أنه سيلتقي المبعوث الأممي الجديد إلى سورية، غير بيدرسن، في موسكو يوم الإثنين المقبل، وأضاف: "نريد سماع رأي بيدرسن حول كيفية إطلاقه عمل اللجنة الدستورية السورية". وكان بيدرسن قد التقى أمس الهيئة العليا للتفاوض التابعة للمعارضة السورية، في العاصمة السعودية الرياض، وذلك بالتوازي مع إعلان روسيا أنّ موعد الجولة المقبلة من محادثات أستانة، سيكون في النصف الثاني من شهر فبراير/ شباط المقبل.
هذا الكلام السياسي ترافق أمس مع تطور عسكري لافت، إذ أفادت وكالة "الأناضول" التركية بأن القوات الروسية تنفذ دوريات منفردة، وأخرى مشتركة مع "مجلس الباب العسكري"، التابع للوحدات الكردية، في محيط منبج. في وقت واصلت فيه تركيا إرسال تعزيزات عسكرية لنشرها على الحدود مع سورية.
اقــرأ أيضاً
ولا تزال تفاصيل "المنطقة الآمنة" المقرر إنشاؤها في الشمال السوري على الخط الحدودي مع تركيا غير واضحة، غير أنها محور مباحثات متعددة الأطراف أميركية تركية، وروسية تركية، كانت إحدى مراحلها أمس زيارة السيناتور الأميركي ليندسي غراهام إلى أنقرة، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، وتركز البحث حول الملف السوري. سبق ذلك زيارة أردوغان إلى موسكو الأسبوع المقبل، حيث يلتقي في 23 من الشهر الحالي نظيره الروسي فلاديمير بوتين. كذلك يزور وفد تركي يترأسه نائب وزير الخارجية سدات أونال، واشنطن في 5 فبراير/ شباط المقبل لإجراء محادثات، قبل أن يشارك جاووش أوغلو في 6 فبراير/ شباط في اجتماع وزراء خارجية التحالف الدولي لمحاربة "داعش" في العاصمة الأميركية.
وشدّد أقصوي على أن "المنطقة الآمنة" لن تضمن فقط أمن الحدود التركية وإنما ستساهم في الوقت نفسه بضمان أمن وسلامة الأهالي في تلك المنطقة. وأعرب عن اعتقاده بأن هذه المنطقة ستكون عنصراً يساهم في "منع حدوث موجة هجرة جديدة، وتحقيق الاستقرار، وتشجيع السوريين المقيمين في تركيا على العودة إلى بلادهم".
كما أعرب عن رفض تركيا لوجود النظام السوري في مدينة منبج، قائلاً إن "جهود الوحدات الكردية لإدخال النظام إلى منبج لا يمكن السماح بها". وأشار إلى أن "هدف خارطة طريق منبج واضح"، وتنص على أن "تنسحب الوحدات الكردية من منبج وتتسلم الولايات المتحدة الأسلحة، ومنبج يحكمها المقيمون فيها". وتابع أنه "يجب ألا يُسمح للنظام بالقيام باستفزازات تجاه منبج"، معلناً أن "تطهير منبج من عناصر العمال الكردستاني والوحدات مسألة أمن قومي بالنسبة لنا". وشدد على أنه "ينبغي ألا يخدم الانسحاب الأميركي من سورية الأجندة الانفصالية لتنظيم العمال الكردستاني، ويتوجب ألا يحدث فرض أمر واقع على الأرض، ولقد أبلغنا هذا (لنظرائنا) بشكل حازم".
واعتبر المسؤول التركي أن حزم أنقرة دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاتخاذ قرار الانسحاب من سورية، لافتاً إلى أن هناك مقاومة من قبل موظفين أمنيين بارزين في الولايات المتحدة حيال قرار ترامب، مؤكداً أهمية الحوار والتنسيق في تطبيق قرار الانسحاب.
في سياق آخر، أكد أقصوي أن أنقرة لن تسمح للاستفزازات بزعزعة التفاهم القائم مع روسيا بشأن منطقة إدلب، مؤكداً أن تركيا تعمل من أجل إدامة وقف إطلاق النار عبر تفاهم إدلب، لافتاً إلى أن النظام قام ببعض الاستفزازات خلال الفترة الأخيرة، معتبراً أن النظام يهدف إلى تقويض اتفاقية إدلب. كذلك لفت إلى أنه "في الأيام الأخيرة قامت هيئة تحرير الشام باستهداف المعارضة المعتدلة، ونحن نواصل اتخاذ التدابير اللازمة ضد الاستفزازات"، مضيفاً "لن نسمح للاستفزازات بزعزعة تفاهم إدلب ونتطلع إلى أن يدعم المجتمع الدولي الجهود التركية". وأشار إلى أن نظام بشار الأسد يسعى وراء نصر عسكري، "إلا أن الحل السياسي هو الممكن في سورية".
وفي الإطار نفسه، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، إن بلاده لن تتوقف حتى تجفيف مستنقع الإرهاب قرب حدودها شمالي سورية. وفي سلسلة تغريدات نشرها ألطون، على حسابه في موقع "تويتر"، قال إن الإرهابيين قتلوا أكثر من ألفي إنسان بريء في تركيا منذ 2015، لافتاً إلى أن غالبية الهجمات الإرهابية التي شهدتها تركيا خُطط لها في الشمال السوري.
هذا الكلام السياسي ترافق أمس مع تطور عسكري لافت، إذ أفادت وكالة "الأناضول" التركية بأن القوات الروسية تنفذ دوريات منفردة، وأخرى مشتركة مع "مجلس الباب العسكري"، التابع للوحدات الكردية، في محيط منبج. في وقت واصلت فيه تركيا إرسال تعزيزات عسكرية لنشرها على الحدود مع سورية.