وكشف دبلوماسي ليبي رفيع النقاب عما يشبه إجماعا دوليا على ضرورة توحيد الجهود الأمنية والعسكرية في البلاد وممارسة بعض الدول الكبرى ضغوطا كبيرة على كل من حكومة الوفاق
وحفتر، من أجل تقريب وجهات النظر وسط مساعي الطرفين لاستثمار هذا التقارب لصالحه.
وقال الدبلوماسي الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، إن "تلك الضغوط جاءت من الولايات المتحدة بشكل رئيس ودول أخرى على حفتر بضرورة قبوله إشراك حكومة الوفاق في حماية مواقع النفط، سواء في وسط البلاد أو جنوبها"، مشيرا إلى أن مساعي توحيد المؤسسة الأمنية الجارية بين حكومة الوفاق وحكومة مجلس نواب برلمان طبرق جاءت في السياق.
وتابع المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن "الجهود الآن تتجه لترجمة العمل على الواقع بعدما حصل الطرفان على ضمانات بأن يكون العمل مشتركا في مناطق التماس في وسط البلاد وفي الجنوب، دون أن تتدخل أي من الحكومتين في أعمال الأخرى في مناطق سيطرتها سواء في الغرب أو الشرق".
وكانت وزارة داخلية حكومة الوفاق قد أعلنت عن مبادرتها لتوحيد المؤسسة الأمنية، مشيرة إلى أن المبادرة سينبثق عنها "تشكيل غرفة أمنية مشتركة للمنطقة الوسطى والجنوبية، وفق منظومة عمل موحدة بشأن المركبات والبوابات وفرق النجدة".
إلى ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، في طرابلس، بشكل مفاجئ ولافت، عن لقاء جمع رئيسها، مصطفى صنع الله، برؤساء الشركات النفطية العاملة في ليبيا لمناقشة حماية الحقول والمواقع النفطية بمنطقة الهلال النفطي، وسط البلاد، لتمكين الشركات من إعادة تأهيل مواقع النفط بالمنطقة المتضررة من الهجمات التي شنت عليها في أوقات سابقة.
لكن اللافت في الإعلان أن الاجتماع، الذي انعقد مساء أمس الثلاثاء، بمقر شركة الخليج العربي للنفط في بنغازي، جمع صنع الله باللواء ناجي المغربي، آمر حرس المنشآت النفطية للمنطقة الوسطى والشرقية، ومعاونه اللواء عبد الله بوشيحه، وهما من ضباط قوات حفتر وعينهما
الأخير في منصبهما خلال يونيو/ حزيران من العام الماضي، بل أكثر من ذلك، إذ أكد إعلان المؤسسة أن اللقاء شارك فيه العميد خيري التميمي، وهو مدير مكتب حفتر الخاص وأحد أبرز الضباط المقربين منه.
وذكر الدبلوماسي الرفيع أن ضغط دول كبرى في هذا الاتجاه بدأ من أحداث حقل الشرارة النفطي في منتصف الشهر الماضي، وقال "تورط حفتر في أحداث إقفال الحقل حدا بمؤسسة النفط لطلب المساعدة الدولية لوضع حد للسيطرة على مواقع النفط، وخطورة الحدث وقتها أشار إليه تدخل فائز السراج شخصيا بزيارته التي قام بها للحقل ولقاء المحتجين مما يعكس انزعاجا دوليا، وعلى الرغم من ذلك ظل صنع الله مصراً على موقفه الرافض لإعادة فتح الحقل أمام حركة الإنتاج إلا بعد حل المسألة الأمنية بالحقول"، حسب المصدر.
وكانت المؤسسة قد أعلنت في بيان لها قبل أسبوع عن البدء في دراسة خطة طارئة من أجل فرض طوق على الحقول النفطية للحفاظ على استمرار إنتاج الخام حتى لا تتعرض لهجمات الجماعات المسلحة، مؤكدة في بيانها، أن صنع الله والسراج اتفقا على وضع الخطة التي تهدف إلى إنشاء "مناطق خضراء" حول مواقع النفط بهدف حمايتها ومنع أي شخص غير مرخص له من دخولها.
وأكد البيان أن صنع الله مستعد لإعادة فتح حقل الشرارة أمام حركة الإنتاج إذا "تم الإشراف بشكل سليم على جهاز حرس المنشآت النفطية المسيطر على الحقل".
وفي هذا الصدد، أشار الدبلوماسي إلى أن حفتر "لا يمكن أن ينصاع لطلب حكومة الوفاق بضرورة خضوع مسلحيه لإمرتها دون ضغط دولي، وهو الضغط الذي وقع عليه أثناء إعلانه نقل تبعية مواقع النفط لمؤسسة نفط تابعة له في يونيو الماضي وأجبر على التراجع عنه بعد بضعة أيام".
وأشار إلى أن إجراءات توحيد المؤسسة الأمنية الجارية حاليا "لن تتوسع بالشكل المأمول لتصل إلى حد توحيد المؤسسة بكاملها، بل سيكون العمل المشترك منصبا بالدرجة الأولى على حماية الحقول والحد من سيطرة حفتر بمفرده عليها واستثمارها لصالحه".
ومن جهة أخرى، يرى المصدر أن هذا التقارب "تتخذه حكومة الوفاق كدليل على نجاح جهودها في رأب صدع المؤسسات، وعلى رأسها مؤسسة النفط، بينما يتجه حفتر إلى إقناع الرأي الدولي بقبوله بالتقارب، لكنه يسعى (للشوشرة) على حكومة الوفاق من خلال إعادة عضوين مواليين له لعضوية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، حيث يمكن من خلالهما التأثير على قرار الحكومة، ولا سيما أن أحدهما، وهو فتحي المجبري، كان مسؤول الملف المالي بالحكومة، ويضم ملف النفط أيضا".
وإلى جانب استضافة بنغازي لاجتماع صنع الله برئيس حرس المنشآت النفطية ومدير مكتب حفتر، كان الأخير قد أعلن، الاثنين الماضي، عن دعمه للخطة الأمنية التي أعلنت عنها وزارة داخلية مجلس النواب لضبط الأمن في بنغازي، مشيرا خلال حديثه، إلى ضرورة العمل على توحيد الجهود الأمنية في كل البلاد، في إشارة لدعمه لخطط توحيد المؤسسة الأمنية الجاري حاليا.