على الرغم من تمسك الكرملين بـ"شرعية" حليفه، الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، واعتباره ما يجري في فنزويلا بمثابة محاولة "اغتصاب للسلطة" في ظل ازدواجية الحكم بين رأس الدولة ورئيس البرلمان خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيساً انتقالياً مدعوماً بتأييد عدد من الدول أبرزها الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن ثمة إجماعاً بين الخبراء والمحللين السياسيين الروس على أن خيارات روسيا لدعم مادورو ستكون محدودة، ولن يتسنى لها التدخّل لفرض الأمر الواقع على غرار أوكرانيا وسورية.
وفي هذا الإطار، أشار مدير مجلس خبراء "معهد الدراسات الاجتماعية" في موسكو، غليب كوزنيتسوف، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن خيارات روسيا للتحرك في أميركا اللاتينية محدودة جداً، لا سيما في ظل نطاق الأزمة ووجود لاعبين أقوياء آخرين في المنطقة، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. وأضاف: "في الواقع، لا تستطيع روسيا القيام بشيء سوى الإدلاء بكلمات غاضبة في الأمم المتحدة وبث تقارير على قناة روسيا اليوم. الاستثمارات أو إمدادات القمح أو عمل الموظفين الحكوميين على وضع برامج اقتصادية، لن تأتي بنتائج، فمشاكل فنزويلا كبيرة جداً، والسلطة فاسدة جداً، ويصعب مساعدتها".
وحول مدى واقعية سيناريو استعانة روسيا بالشركات العسكرية الخاصة لدعم مادورو، قال كوزنيتسوف إنه "لن يتسنى تقديم دعم عسكري بواسطة الشركات الخاصة بسبب وجود عدد من اللاعبين الأقوياء في المنطقة، ويعني ذلك أنه سيتم تحديد مصير فنزويلا في شوارع مدنها، وليس على طاولة القوى الكبرى، ومن المؤكد أنه لن يكون سهلاً". وخلص إلى أن "فنزويلا اليوم هي نموذج لدولة فاشلة، إذ بات الجنرالات وأفراد أجهزة القوة متورطين في تجارة المخدرات والتستر على السوق السوداء، ولا تتم تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان"، مضيفاً "لم يعد من المهم من سينتصر اليوم، ولكن الفارق يكمن في أنه من المؤكد أن لا فرص لتعافي النظام في حال بقائه".
من جهته، وصف عضو لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، فرانتس كلينتسيفيتش، الوضع في فنزويلا بأنه "غير مسبوق"، مشيراً في الوقت نفسه إلى قلّة المسوغات القانونية لتقديم الدعم لمادورو، بالإضافة إلى البُعد الجغرافي. ومع ذلك، اعتبر كلينتسيفيتش في حديث لصحيفة روسية، أن "السلطة المنتخبة شرعياً في فنزويلا والمتمثلة بالرئيس مادورو يمكنها أن تعوّل على الدعم العسكري التقني الروسي في القريب العاجل"، أي توريد الأسلحة والمعدات العسكرية من دون مشاركة عناصر روس في أي أعمال على الأرض.
اقــرأ أيضاً
وفي السياق نفسه، قال الخبير في نادي "فالداي" الدولي للنقاشات، دميتري سوسلوف: "إذا وصل الحديث إلى التدخّل العسكري الأميركي المباشر، فعلينا اتخاذ موقف حازم. لكن على روسيا ألا تتدخّل بشكل مباشر وإرسال قوات أو مستشارين عسكريين إلى فنزويلا"، مضيفاً في حديث صحافي "هذا البلد بعيد جداً، وإذا اندلعت حرب أهلية، فلن يتسنى لنا تنفيذ عمليات عسكرية على غرار ما حصل في سورية. وليست لدينا مصالح حيوية هناك، على عكس سورية".
وفي سياق البحث عن أسباب أوصلت فنزيلا إلى حافة الهاوية، اعتبرت صحيفة "فيدوموستي" الروسية أن ما يجري في هذا البلد هو "نموذج لسرعة تدهور النظم الاستبدادية التي تراهن على هيمنة الدولة على الاقتصاد والشعبوية". وفي مقال بعنوان "مخاوف موسكو الفنزويلية"، ذكرت الصحيفة أن "احتمال تغيير السلطة في فنزويلا هو بالدرجة الأولى نتيجة للسياسات الشعبوية للغاية لقيادتها، ومأزق "الاشتراكية البوليفارية" التي سارت البلاد على طريقها على مدى آخر 20 عاماً تحت حكم هوغو تشافيز أولاً، ثم خليفته مادورو".
كما أوضح الباحث في معهد أميركا اللاتينية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، دميتري روزينتال، أن أزمة فنزويلا ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لأخطاء مادورو الذي واصل خط تشافيز الرامي إلى بناء "اشتراكية القرن الـ21"، بدلاً من إجراء الإصلاحات الاقتصادية الحازمة اللازمة.
أما المحلل السياسي، أندريه ريابوف، فأرجع موقف موسكو الداعم لمادورو، إلى استعدادها للتعاون مع أي سياسيين وأنظمة معادية للولايات المتحدة، سواء أكانت يمينية أم يسارية. ورأى ريابوف في حديث صحافي أن الكرملين يتخوّف من تكرار أزمة "نظام استبدادي قائم على النفط" في روسيا، ولذلك يطالب بالاعتراف بحق الرئيس "الشرعي" في قمع المعارضة والاضطرابات. ومع ذلك، أشار إلى أن الاستمرار في دعم الأنظمة حتى النهاية أفسد مراراً علاقات روسيا مع دول انتصرت فيها المعارضة، ليخلص إلى القول إن الكرملين لا يتعلم من أخطائه.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أجرى مساء الخميس، اتصالاً هاتفياً بمادورو أعرب خلاله عن "دعمه للسلطات الشرعية الفنزويلية في ظروف تصاعد الأزمة السياسية الداخلية المثارة من الخارج"، معتبراً أن "التدخّل الخارجي الهدام ينسف بالأحكام الرئيسية للقانون الدولي"، في إشارة إلى موقف واشنطن الداعم للمعارضة. وسبق لموسكو أن أرسلت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مجموعة طيران روسية إلى فنزويلا على رأسها القاذفتان الاستراتيجيتان "توبوليف-160" (البجعة البيضاء)، وهو أمر اعتبرته الصحافة الروسية آنذاك بمثابة رسائل إلى واشنطن بشأن الوجود العسكري الروسي المحتمل في البحر الكاريبي.
اقــرأ أيضاً
وفي هذا الإطار، أشار مدير مجلس خبراء "معهد الدراسات الاجتماعية" في موسكو، غليب كوزنيتسوف، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن خيارات روسيا للتحرك في أميركا اللاتينية محدودة جداً، لا سيما في ظل نطاق الأزمة ووجود لاعبين أقوياء آخرين في المنطقة، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. وأضاف: "في الواقع، لا تستطيع روسيا القيام بشيء سوى الإدلاء بكلمات غاضبة في الأمم المتحدة وبث تقارير على قناة روسيا اليوم. الاستثمارات أو إمدادات القمح أو عمل الموظفين الحكوميين على وضع برامج اقتصادية، لن تأتي بنتائج، فمشاكل فنزويلا كبيرة جداً، والسلطة فاسدة جداً، ويصعب مساعدتها".
من جهته، وصف عضو لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، فرانتس كلينتسيفيتش، الوضع في فنزويلا بأنه "غير مسبوق"، مشيراً في الوقت نفسه إلى قلّة المسوغات القانونية لتقديم الدعم لمادورو، بالإضافة إلى البُعد الجغرافي. ومع ذلك، اعتبر كلينتسيفيتش في حديث لصحيفة روسية، أن "السلطة المنتخبة شرعياً في فنزويلا والمتمثلة بالرئيس مادورو يمكنها أن تعوّل على الدعم العسكري التقني الروسي في القريب العاجل"، أي توريد الأسلحة والمعدات العسكرية من دون مشاركة عناصر روس في أي أعمال على الأرض.
وفي السياق نفسه، قال الخبير في نادي "فالداي" الدولي للنقاشات، دميتري سوسلوف: "إذا وصل الحديث إلى التدخّل العسكري الأميركي المباشر، فعلينا اتخاذ موقف حازم. لكن على روسيا ألا تتدخّل بشكل مباشر وإرسال قوات أو مستشارين عسكريين إلى فنزويلا"، مضيفاً في حديث صحافي "هذا البلد بعيد جداً، وإذا اندلعت حرب أهلية، فلن يتسنى لنا تنفيذ عمليات عسكرية على غرار ما حصل في سورية. وليست لدينا مصالح حيوية هناك، على عكس سورية".
وفي سياق البحث عن أسباب أوصلت فنزيلا إلى حافة الهاوية، اعتبرت صحيفة "فيدوموستي" الروسية أن ما يجري في هذا البلد هو "نموذج لسرعة تدهور النظم الاستبدادية التي تراهن على هيمنة الدولة على الاقتصاد والشعبوية". وفي مقال بعنوان "مخاوف موسكو الفنزويلية"، ذكرت الصحيفة أن "احتمال تغيير السلطة في فنزويلا هو بالدرجة الأولى نتيجة للسياسات الشعبوية للغاية لقيادتها، ومأزق "الاشتراكية البوليفارية" التي سارت البلاد على طريقها على مدى آخر 20 عاماً تحت حكم هوغو تشافيز أولاً، ثم خليفته مادورو".
كما أوضح الباحث في معهد أميركا اللاتينية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، دميتري روزينتال، أن أزمة فنزويلا ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لأخطاء مادورو الذي واصل خط تشافيز الرامي إلى بناء "اشتراكية القرن الـ21"، بدلاً من إجراء الإصلاحات الاقتصادية الحازمة اللازمة.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أجرى مساء الخميس، اتصالاً هاتفياً بمادورو أعرب خلاله عن "دعمه للسلطات الشرعية الفنزويلية في ظروف تصاعد الأزمة السياسية الداخلية المثارة من الخارج"، معتبراً أن "التدخّل الخارجي الهدام ينسف بالأحكام الرئيسية للقانون الدولي"، في إشارة إلى موقف واشنطن الداعم للمعارضة. وسبق لموسكو أن أرسلت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مجموعة طيران روسية إلى فنزويلا على رأسها القاذفتان الاستراتيجيتان "توبوليف-160" (البجعة البيضاء)، وهو أمر اعتبرته الصحافة الروسية آنذاك بمثابة رسائل إلى واشنطن بشأن الوجود العسكري الروسي المحتمل في البحر الكاريبي.