رغم وعود سابقة من قبل رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، وكذلك رئيسي الجمهورية والبرلمان برهم صالح ومحمد الحلبوسي، بوقف جميع أشكال الملاحقات للناشطين والمدونين، ورفض التهديدات التي طاولت الصحافيين في العراق مؤخرا، لاتزال حملات المطاردة والاعتقال تطاول الناشطين والصحافيين.
ووفق مصادر إعلامية في بغداد، فإن قوة أمنية مجهولة قامت باعتقال الناشط والمدون العراقي شجاع الخفاجي، مدير صفحة "الخوة النظيفة" على فيسبوك، إحدى أشهر الصفحات التي تحظى بمتابعة ملايين العراقيين على الموقع، حيث قامت القوة باقتياده إلى جهة مجهولة حتى الساعة.
وفيما قالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن "القوة التي اعتقلت الخفاجي في بغداد كانت ترتدي الزي الأسود، وتستقل سيارات دفع رباعي سوداء اللون، لا تحمل أي لوحات، كما قامت القوة بأخذ (الهارد) لكاميرات المراقبة، وقامت بأخذ هاتف الخفاجي الشخصي، بالإضافة إلى بعض هواتف عائلته".
Facebook Post |
في المقابل، أكدت مصادر محلية في منطقة الحسينية وحي البلديات ببغداد اعتقال ناشطين اثنين، أحدهما يدعى علي عبد الحسين الرحماني، كما سجل اختفاء شاب آخر من الذين شاركوا في التظاهرات بساحة التحرير وسط بغداد.
من جانبه، قال الخبير الأمني هشام الهاشمي، على صفحته بـ"فيسبوك"، إنه "#عيب_الكذب يا رئيس الوزراء، أعطيت وعدا بإنهاء الملاحقة والمتابعة للإعلاميين والمدونين، وفجر اليوم قوة تعتقل المدون شجاع الخفاجي صاحب صفحة الخوة النظيفة، وتأخذه الى مطار المثنى، بدون أوامر قبض أو بطريقة مستهترة، إن أخطر عيب ليس، كما اعتقدنا هو أن لا يعرف الرئيس ان كلامه لا يطاع، بل أن يعد ثم يقوم بنكران وعوده".
Facebook Post |
أما الصحافي (ع،ج) فقد قال، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد أيام من انطلاق تظاهرات 1 أكتوبر، تعرض الكثير من الزملاء إلى الملاحقة الأمنية، وبعضهم تم اعتقالهم والإفراج عنهم بشرط عدم مشاركتهم بأي تظاهرة مستقبلية أو أي تغطية إعلامية أو صحافية للتظاهرات والاحتجاجات الشعبية".
وبين أن "العشرات من الزملاء غادروا العاصمة بغداد، كما هناك الكثير من الناشطين في المحافظات الأخرى تركوا منازلهم، وذهبوا نحو إقليم كردستان، وبعضهم إلى خارج العراق، خوفاً من الاعتقال، كما بعضهم تم تهديده بالتصفية الجسدية".
بدوره، اعتبر المحلل السياسي محمد التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، عمليات مطاردة الناشطين والمدونين بأنها "تخبط من قبل الحكومة وأجهزة الأمن"، مبينا أن اعتقال الصحافيين والناشطين والشخصيات العامة "سوف يزيد الغضب الشعبي عليها، عكس ما تتصور هي"، موضحا أن "الحكومة تريد إسكات أي صوت عال ضدها، ولهذا هي تلاحق الصحافيين والناشطين، الذين لهم قاعدة جماهيرية على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً الذين يروجون ويدعون إلى تظاهرات 25 أكتوبر".
وأضاف التميمي أن "الحكومة العراقية خائفة وقلقة، جداً من تظاهرات 25 أكتوبر، ولهذا هي تريد إخافة المواطنين، باعتقال شخصيات عامة، لها أسماؤها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن في الواقع هذه الأعمال سوف تزيد من إصرار الشعب على التظاهر، والمطالبة بالحقوق المشروعة، التي كفلها الدستور والقانون".
في المقابل، دعا النائب العراقي علي البديري الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحقوقية إلى التدخل العاجل، من أجل الضغط على الحكومة العراقية لإيقاف حملات الاعتقال والملاحقة والترهيب ضد الصحافيين والناشطين.
وقال البديري، لـ"العربي الجديد"، إن "ما تقوم به الحكومة العراقية من حملات اعتقال وملاحقة للصحافيين والناشطين في بغداد، وباقي المحافظات، مؤشر خطير على حرية التعبير والديمقراطية في العراق، وهذا الأمر له تبعات خطيرة مستقبلية، فهذا الأمر ينذر بعودة الدكتاتورية".
وشدد على أن "هذا الأمر بحاجة إلى تدخل الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الحقوقية وغيرها، من أجل الضغط على الحكومة العراقية، لإيقاف حملات الاعتقال والملاحقة والترهيب ضد الصحافيين والناشطين، بل يجب عليها توفير الحماية لهم، وإعطاؤهم مساحة كبيرة للتعبير عن الرأي".
واستغرب النائب العراقي أن "الرئاسات العراقية الثلاث أطلقت وعودا بأنها مع حرية التعبير والتظاهر، ودعم الإعلام الحر، لكن في الواقع الجهات الحكومية مازالت حتى الساعة، تحاول تكميم الأفواه، خوفاً من كشفت حقيقتها أكثر أمام الشعب العراقي والرأي العام العالمي".