ومنح طلاب جامعات بغداد والمستنصرية والتكنولوجية والعراقية وكليات أهلية وحكومية مختلفة، وطلاب المدارس الثانوية، زخما كبيرا للتظاهرات، إذ تنوعت مشاركتهم بالنزول إلى الشارع، وعبر الإضراب داخل حرم الجامعة، ما دفع وزير التعليم قصي السهيل إلى التحذير من مغبة الانصياع لدعوات الإضراب والعصيان وضرورة معاودة الجميع دوامهم بانتظامهم.
ويأتي هذا في ظل تسريبات ومعلومات متضاربة داخل الأوساط السياسية حول مباحثات في البرلمان للبدء بتحضير استجواب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أملاً في التخفيف من نقمة الشارع، وهو ما ترفضه كتل أخرى وتعتبره خطوة مبكرة.
وقال نائب في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "لا شيء محسوماً حتى الآن، ولا يتوقع أيضاً من الحكومة تقديم مزيد من القرارات أو الوعود، وفي حال استمرت التظاهرات ما عليها سوى الاستقالة أو الإقالة على يد البرلمان"، مضيفاً أن "تصعيد القمع لن يكون حلا، وقد يزيد من تفاقم الشارع، خاصة في الجنوب التي يتحرك فيها زعماء القبائل نحو تأييد التظاهرات بسبب مقتل عدد من أبنائها على يد الأمن وفصائل مسلحة".
وقال علي فرحان، عضو الحزب الشيوعي في بغداد، وهو مشارك في التظاهرات، لـ"العربي الجديد"، إن "دخول مناطق جديدة في بغداد على خط التظاهر يعني الدخول في مرحلة جديدة، وقد تتطور أكثر"، مشيراً إلى أن "التظاهرات ما تزال مستمرة، واستمرار القمع من قبل القوات الأمنية ضد المتظاهرين في ساحة التحرير أدّى إلى تفاقم الغضب الشعبي، وزيادة عدد المحتجين".
وأكد أن "المتظاهرين يدرسون حالياً خيار الاعتصام العام، عبر اللجوء إلى وضع الخيم تحت نصب الحرية في ساحة التحرير، والإيعاز للمتظاهرين في الأحياء الأخرى وبقية المحافظات بالشروع بهذه الخطوة، فالاعتصام والبقاء في الشوارع سيؤديان إلى شلّ حركة الحكومة، وبالتالي ستخضع عاجلاً أم آجلاً"، مبيناً أن "ساحة التحرير في بغداد تحتوي حالياً على ثلاث خيم كبيرة، استخدمها المتظاهرون للنوم في الليالي الماضية، وقد نشهد زيادة في أعداد الخيم خلال الساعات المقبلة".
أما في مدينة بابل، جنوبي بغداد، فقد شيّع الأهالي 8 قتلى من المتظاهرين، قضوا بنيران مليشيا "بدر" في الحلة مركز المدينة، بعد أن تظاهر شبّان، ليلة أمس السبت، أمام مقر المليشيا.
في السياق، قال فاروق قاسم، وهو أحد المتظاهرين في الحلة، إن "مسلحين تابعين لمنظمة "بدر" فتحوا النار على المحتجين، ما أسفر عن مقتل 8 محتجين وإصابة أكثر من 50 آخرين، مع العلم أن المتظاهرين كانوا سلميين ولم يحملوا أي سلاح عدا العلم العراقي"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "محافظة بابل تشهد حالياً انعزالاً تاماً عن العالم الخارجي، فقد شرعت السلطات المحلية في قطع جميع الطرق الرابطة بين الأحياء، والأخرى الرئيسة مع المحافظات".
ويشهد الجنوب العراقي، حيث النجف والناصرية والقادسية وميسان والبصرة، توترا مستمرا، في ظل استمرار حظر التجوال، ومعه التحدي الجماهيري وخروج المتظاهرين في الشوارع والساحات، وهو ما حمل القوات الحكومية على شن حملات واسعة للاعتقالات، وهو ما تظهره مقاطع مصورة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت اعتقال العشرات من المتظاهرين مع الاعتداء عليهم بالضرب المبرح، وترهيبهم.
وقال محتجون في الفيديوهات المصورة إن "قوات مجهولة شاركت مع القوات النظامية في حملة الاعتقالات، وتحديداً من مليشيا بدر وعصائب أهل الحق، التي قتل القيادي فيها وسام العلياوي على يد ذوي المحتجين الذين قتلهم المليشيا مساء السبت".
أكرم عبد الرضا، وهو طالب في كلية الإعلام بجامعة بغداد، قال لـ"العربي الجديد" إن "مساندة المتظاهرين عبر شريحة الطلبة فكرة جاءت من تدوينات ومقترحات على "فيسبوك"، وفعلاً نجح الأمر عبر الاتفاق على البقاء على عهد التظاهر، وما نحن إلا مساهمون في المشاركة وسننسحب خلال ساعات".
وذلك مع أن وزارة التعليم العراقية نفت السماح بأي اعتصام أو تظاهرات سياسية في الجامعات، بحجة أنها لم تعط أي ترخيص لذلك، ودعت الطلبة والأساتذة إلى "الالتحاق بشكل طبيعي بالدوام يوم غد الاثنين"، محذرة من الانصياع لما سمتها "دعوات الاعتصام والإضراب غير القانونية"، إلا أن مراقبين أشاروا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى "خطورة مشاركة الطلبة، لاسيما أنهم شريحة كبيرة، وتكرار تجربة مشاركة الطلبة في محافظات أخرى إلى جانب بغداد، يعني أن الحكومة أمام أزمة كبيرة، قد تؤدي إلى استقالتها كاملة، نظراً لرسائل العالم الخارجي التي ستصل إلى العراق".