تحت عنوان "صفقة العصر مشروع لتصفية القضية الفلسطينية"، عقد "صندوق القدس - المركز الفلسطيني" في واشنطن مؤتمره السنوي، أمس الجمعة، بحضور جمع من أفراد الجالية الفلسطينية والعربية، وعدد من الأنصار والأساتذة الجامعيين والصحافيين والناشطين الأميركيين واليهود المؤيدين لحل الدولتين.
وقد توزعت الندوات والكلمات على محاور عدة، تناولت موضوع اللاجئين وحق العودة والسياسات الأميركية والإسرائيلية، بخصوص المفاوضات وحلّ الدولتين، إضافة إلى حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية المصنعة في المستوطنات، والإهمال الإعلامي الذي يتولى دور التعتيم على الممارسات والتعديات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وقد توزعت الندوات والكلمات على محاور عدة، تناولت موضوع اللاجئين وحق العودة والسياسات الأميركية والإسرائيلية، بخصوص المفاوضات وحلّ الدولتين، إضافة إلى حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية المصنعة في المستوطنات، والإهمال الإعلامي الذي يتولى دور التعتيم على الممارسات والتعديات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وقد جرى التطرق إلى هذه الأمور في إطار جمع بين استعراض تاريخ الموقف الأميركي، ونقد الوضع الفلسطيني الرسمي، والواقع المسدود الذي بلغته تجربة المفاوضات.
وفي هذا السياق، جرى التوقف بإسهاب عند الدور الأميركي الذي لم يكن جاداً من البداية في موضوع الدولتين، لأنه انطلق من العمل بما تقبل به اسرائيل وليس مما تتطلّبه تسوية قابلة للحياة. وكان كيسنجر أول من وضع هذه القاعدة للتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما قال أسامه خليل، أستاذ التاريخ في جامعة سيراكيوز بولاية نيويورك، وذلك في مقولته الشهيرة بأن واشنطن "ليست معنية (آنذاك) بفتح حوار مع منظمة "التحرير" الفلسطينية، لأننا لا نستطيع تلبية الحد الأدنى من مطالبهم"، أي إقامة دولة فلسطينية.
وكلامه كان واضحاً لجهة أن أميركا ليست في وارد فرض هذه الصيغة على إسرائيل. ومنذ ذلك الوقت، صارت عبارة "لا نريد فرض تسوية"، ركيزة سياسات الإدارات المتعاقبة. "ما يمكن الحديث عنه هو أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي للفلسطينيين"، كما قال جيمس باكر، وزير خارجية إدارة بوش الأب، التي بدت في الظاهر على الأقل أكثر ميلاً لتسوية سياسية، لكنها لم تتجاوز هذه الحدود تحت ستار "ترك أمر التوافق للطرفين".
نفض يد التزمت به واشنطن باستمرار، وكان في النهاية أحد أهم أسباب الانسداد الذي بلغته تجربة أوسلو، التي انتهت إلى "لا دولة ولا مفاوضات"، كما قال خليل. وفي اعتقاده، أنه على الرغم من إدراك الجانب الفلسطيني لهذه الحقيقة، إلا أنه واصل رهانه على مسيرة المفاوضات، ليبقي على استمرارية السلطة، كما على تواصل الدعم المالي الذي بدا وكأنه "ثمن للاحتلال"، تدفعه أميركا وغيرها، مشدداً على حالة الفساد السياسي في الوضع الفلسطيني، "في الضفة كما في القطاع ".
إلى جانب ذلك، حظي موضوع التساهل الاعلامي مع إسرائيل بقسط وافر من النقاش، لجهة غضّه النظر عن انتهاكاتها الفاقعة لحقوق الإنسان، والتي تغيب سيرتها عن الصفحات والعناوين، "إما بالتواطؤ، وإما بالتحدي للإخراس"، كما قالت الناشطة اليهودية لارا فريدمان التي شاركت في الندوة الثانية.
وأضافت أن "معاداة السامية" هي من الأساليب التي تلجأ اليها إسرائيل لتحييد أضواء وسائل الإعلام عن تعدياتها، لكنها أعربت عن تفاؤلها بهزيمة هذه الطرق، من خلال "وسائل التواصل الاجتماعي"، التي بدأت تحتل مكانة إعلامية تستعصي على الضبط، كما من خلال منظمات مخصصة لجمع المعلومات ورصد الانتهاكات في الأراضي المحتلة مثل مؤسستي "شبكة" و"الحق"، اللتين تعملان على متابعة المخالفات وخروقات حقوق الإنسان الفلسطيني.
وفي هذا السياق، يُذكر أن سيرة الأراضي المحتلة وما تشهده من تجاوزات إسرائيلية فاقعة، تراجعت على الصعيدين الرسمي والإعلامي الأميركي منذ القطيعة بين السلطة الفلسطينية وإدارة ترامب، على أثر نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وقطع المساعدات على أنواعها (ما عدا الأمنية)، وإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن ربيع 2018.
لكن في المقابل، يتزايد الحراك في صفوف فئات معينة مثل الطلبة الجامعيين، خصوصاً في الحزب الديمقراطي ضد الممارسات الإسرائيلية، كما أخذت حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية زخماً حمل الكونغرس على سن قانون لمعاقبة المشاركين فيها، والذي قضت المحاكم في عدد من الولايات بعدم دستوريته. يُضاف إلى ذلك أن الموضوع الفلسطيني دخل مؤخراً في برامج عدد من مرشحي الحزب "الديمقراطي" للرئاسة.