وبحسب الصحيفة، فقد بنى بن سلمان سجلاً من التصرفات العدوانية تجاه خصومه في الداخل والخارج. كما أنه أعلن، على الأقل مرة واحدة، أن نظامه قد يسعى للحصول على الأسلحة النووية. ولذلك، قد يكون من البدهي للولايات المتحدة أن تتجنب نقل أي تكنولوجيا نووية لبن سلمان، من دون ضمانات صارمة بأنه لن يستخدمها لإنتاج قنابل نووية.
ورغم ذلك، فقد رأت "واشنطن بوست"، أن إدارة ترامب تواصل الإصرار على بحث مقترحات في هذا الشأن، ويعود ذلك في جزء منه إلى الضغوط التي يمارسها مسؤولون كبار في الإدارة، وجماعات ضغط، بمصالح متضاربة ومقلقة.
ويوم الثلاثاء الماضي، قال النواب الديمقراطيون في الكونغرس إنهم سيباشرون تحقيقاً شاملاً بشأن مدى تورط البيت الأبيض في شراكة مقترحة لتزويد السعودية بمنشآت للطاقة النووية، بعدما تناهى إلى علمهم أن الشراكة يرافقها تضارب محتمل في المصالح، وهو ما قد يجعل الأمن القومي الأميركي محط تهديد.
وأوضح الديمقراطيون في تقرير من 24 صفحة، أن مخاوفهم تتركز على بعض القرارات التي تمّ اتخاذها في الأيام الأولى لإدارة ترامب، بغية ضمان دعم الحكومة لبرنامج بناء سلسلة من الوحدات لإنتاج الطاقة النووية بالسعودية.
وفي التفاصيل، فإن ما كشفه أحد "مطلقي صافرات الإنذار" ووثائق البيت الأبيض، يوضح أن الشركة التي تدعم الشراكة النووية مع السعودية "أي بي 3" أرسلت مسوّدة مذكرة تدعم الاتفاق لمستشار ترامب السابق في الأمن القومي، مايكل فلين، بعد أيام فقط من تنصيب الإدارة الأميركية. وأوضحت أن فلين اشتغل لفائدة "أي بي 3" لتطوير المخطط خلال حملة ترامب الرئاسية، وأثناء فترة الانتقال بالبيت الأبيض.
كذلك أشارت الوثائق إلى تضارب مصالح محتمل آخر يرتبط كذلك بأحد المقربين من ترامب، وهو توماس باراك، الذي ترأس لجنة تنصيب الرئيس الأميركي. وبحسب ما جاء في الوثائق، فإن ترامب عيّن باراك كممثله الشخصي من أجل تنفيذ المخطط، الذي حمل اسم "مخطط مرشال للشرق الأوسط". وبحسب المذكرة التي بعثتها الشركة، فإنها توجه تعليمات إلى الوكالات الأميركية بتسهيل جهود باراك ودعمه.
ورغم أن هذا المخطط لمجلس الأمن القومي الأميركي قد تمّ سحقه من قبل أتس آر ماكماستر الذي خلف فلين، فإن المفاوضات مع السعودييين تواصلت بصمت، بإشراف وزير الطاقة الأميركي ريك بيري.
Twitter Post
|
والأسبوع الماضي، عقد ترامب اجتماعاً مع مديرين تنفيذيين لشركة نووية، لمناقشة مبيعات محطات توليد طاقة للسعودية. ونظمت اللقاء الشركة التي تعاونت سابقاً مع فلين، فيما ظلال تضارب المصالح لا تزال متواصلة. واحدة من هذه الشركات النووية، "ويستنغهاوس ألكتريك"، تملكها شركة اشترت حصة في برج في مانهاتن تملكه عائلة جاريد كوشنر، صهر ترامب. ويذكر أن الأخير، المعروف بتواصله الدائم والمباشر مع بن سلمان، سيزور المملكة مرة جديدة الأسبوع المقبل.
وتمسك الشركات الأميركية التي تسعى للتعاون مع السعودية بالحجّة ذاتها: إذا كانت الرياض مصممة على امتلاك محطات نووية، فمن الأفضل أن تحصل عليها من الشركات الأميركية، عوضاً عن أن تتعاون مع المنافسين للولايات المتحدة في هذا القطاع في الصين وروسيا. لكن، بحسب "واشنطن بوست"، فإن هذه الحجّة مقنعة فقط إذا كانت الإدارة الأميركية تتفاوض مع السعودية على اتفاق يفرض ضمانات صارمة على التكنولوجيا. وفي حالة المملكة، فإن اتفاقاً "مسؤولاً" سيكون مبنياً على منع النظام السعودي من تخصيب اليورانيوم، أو إعادة معالجة الوقود المستنفذ، وهي التقنيات التي تساعد لإنتاج أسلحة نووية.
ولفتت الصحيفة إلى أن بن سلمان "الأمير المغرور"، كما وصفته، يرفض الموافقة على هذه الشروط، وهو ما اعتبرته "أمراً غير مفاجئ"، لأنه على الأرجح يأمل الحفاظ على "خيار السلاح النووي".
ورغم أن القانون الفدرالي يتطلب أن تفاوض الولايات المتحدة على بروتوكول حول شروط نقل التكنولوجيا النووية وتقديمه للكونغرس، إلا أنه لا يفرض ذلك. لذا، على الكونغرس أن يصرّ على أن أي اتفاق مع السعودية يجب أن يؤمن هذا "الشرط الذهبي"، لأن العمل بخلاف ذلك لن يؤدي سوى إلى تعزيز الخطر الذي يشكله بن سلمان.