لا يزال مصير منطقة شرق الفرات السورية يتصدر اهتمام أطراف الصراع، في ظل سعي كل طرف للدفع بحلول تحقق مصالحه على المدى الطويل، بعد قرار أميركي فاجأ الجميع بالانسحاب التدريجي من المنطقة التي يعتبرها كثر "سورية المفيدة"، إذ تضم ثروة البلاد الاقتصادية. وكثُرت في الآونة الأخيرة السيناريوهات المطروحة من مختلف القوى، من أجل التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف، خصوصاً الجانبين الكردي، والتركي الذي يصر على وضع حد نهائي لآمال "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تعتبرها أنقرة، نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني المصنف في خانة التنظيمات الإرهابية، بإنشاء إقليم ذي صبغة كردية في شمال سورية.
وبدأت المعارضة السورية أخيراً تحركاً جاداً لتكون جزءاً من معادلة الحل في منطقة شرق الفرات، بالسعي لإقناع أطراف مؤثرة بنشر قوات البشمركة السورية (روج آفا) التابعة للمجلس الوطني الكردي المنضوي في الائتلاف الوطني السوري، وهو أمر لا يزال يجد رفضاً واسعاً من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يتخذ من "الوحدات" الكردية ذراعاً عسكرية له، كون أحزاب هذا المجلس منافسة لهذا الحزب في الشارع السوري الكردي. وفي هذا السياق، زار رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، نصر الحريري، إقليم كردستان العراق، الداعم الرئيسي للبشمركة السورية، على رأس وفد من الهيئة، والتقى الرئيس السابق لإقليم كردستان وزعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مسعود البارزاني، في مدينة أربيل. وبحسب بيان صادر عن مكتب البارزاني فقد جرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول آخر المستجدات السياسية في الوضع السوري. وأكدت مواقع إخبارية كردية أن الاجتماع تطرق إلى قرار سحب القوات الأميركية من شمال سورية، الذي أعلنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أواخر العام الماضي، والذي خلط كل الأوراق السياسية والعسكرية في منطقة شرق الفرات، التي تشكل نحو ثلث مساحة سورية وتسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تمثل "الوحدات" الكردية عمودها الفقري.
وتعد منطقة شرق الفرات بمثابة "سورية المفيدة" بنظر كثر، كونها تضم الثروات الاقتصادية للبلاد فضلاً عن موقعها الاستراتيجي. ويجري الحديث أخيراً عن تحالف "الضرورة" بين البشمركة السورية (قوات كردية سورية موجودة في إقليم كردستان العراق) وقوات "النخبة" التابعة إلى "تيار الغد" السوري الذي يرأسه رئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق أحمد الجربا، لسد الفراغ الأمني في شرق الفرات، أو على الأقل في "المنطقة الآمنة" التي يحاول أطراف النزاع الاتفاق على ماهيتها وحدودها من حيث العمق والعرض، وذلك لطمأنة الجانب التركي الرافض لأي دور لـ"الوحدات" الكردية، وتبديد مخاوف الأخيرة من عمل عسكري تركي ينتهي بالقضاء عليها كما حدث في منطقة عفرين شمال غربي حلب بداية العام الماضي.
ونقلت قناة "روداو" الكردية عن عضو الهيئة العليا للمفاوضات وأحد أعضاء الوفد الذي زار أربيل، قاسم الخطيب، قوله "أكدنا خلال لقائنا مع مسعود البارزاني أن يكون هناك أكراد سوريون متمثلون في البشمركة، بالإضافة إلى قوة عربية متمثلة بتيار الغد السوري. نتمنى أن يكون هناك تحالف". وتضم "قوات النخبة" المئات من المقاتلين، لكنهم بلا تأثير عسكري على الأرض نتيجة تحجيم "وحدات حماية الشعب" الكردية لهم، كونهم من الغالبية العربية. وكانت بدأت هذه القوات بداية العام الحالي عملية تجنيد لعناصر من ريف محافظة دير الزور ومناطق في شرق الفرات، ضمن قواتها "على ألا يكونوا ذوي ميول طائفية أو عنصرية" بحسب بيان لـ"النخبة"، استعداداً كما يبدو للعب دور ما في منطقة شرق الفرات. أما البشمركة السورية، التي تأسست أواخر العام 2012 في إقليم كردستان العراق، فتضم الآلاف من العناصر والضباط من أصول كردية انشقوا عن قوات النظام السوري واختاروا كردستان العراق ملاذاً لهم، حيث وجدوا دعماً من مسعود البارزاني الذي أيّد مطالب السوريين في التغيير مع بدء الثورة في العام 2011، وفتح حدود الإقليم أمام اللاجئين السوريين. ووصف الناطق الرسمي باسم هيئة المفاوضات السورية، يحيى العريضي، نتائج زيارة الوفد إلى أربيل بـ "الطيبة"، مشيراً إلى أن الهيئة "لا تملك قوات على الأرض في منطقة شرق الفرات"، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الهيئة التي نالت ثقة دولية تتمسك بالحق السوري، ومن المؤكد سيكون لها دور في منطقة شرقي الفرات على الأقل أكبر من دور النظام الذي تحوّل إلى أداة".
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، لا يزال الطرف الكردي السوري يحاول توسيع دائرة الأمان، بالبحث عن ضمانات من واشنطن بعد الانسحاب الأميركي، بعدم تركه لمصيره أمام الرغبة التركية بالقضاء على "الوحدات" الكردية للحيلولة دون قيام إقليم كردي في شمال سورية. وقالت رئيسة اللجنة التنفيذية لـ"مجلس سورية الديمقراطي"، إلهام أحمد، إنها عبّرت للرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال لقائها معه منذ أيام، عن "الهواجس والمخاوف الكردية، جرّاء قراره سحب القوات الأميركية من سورية"، مشيرة إلى أن ترامب طمأنها بقوله إنه "يحب الأكراد، لا تقلقوا سيكون لكم منطقة في الأيام المقبلة". ورفضت أحمد في لقاء خاص مع تلفزيون "سورية" من واشنطن تشكيل منطقة يكون لتركيا دور أساسي أو كبير فيها، معتبرةً أن ذلك "لن يكون مقبولاً من الأكراد"، وأن هذه المنطقة ستكون "مستنقعاً للإرهابيين" في حال كانت تحت إشراف تركي. وأكدت أن "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) ليس ضد الحوار مع الجانب التركي، مضيفة "لكن قبل ذلك، يجب حل جميع القضايا بشكل جذري ما يضمن الأمان للطرفين" التركي والكردي. وانتقدت أحمد المعارضة السورية "التي عملت منذ البداية على إقصاء قسد من العملية السياسية، رغم ما تمثله هذه القوات من نفوذ وحضور على مساحة تقدّر بنحو 30 في المائة من الأراضي السورية". واعترفت أن "قسد" تتلقى دعماً سعودياً - إماراتياً في إطار "مكافحة الإرهاب"، ويأتي عن طريق أميركا.
من جانبه، أعرب الباحث السياسي المقرّب من "الإدارة الذاتية" الكردية، إدريس نعسان، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن "السيناريو الأكثر ترجيحاً، عقب التطورات الأخيرة التي أعقبت قرار الانسحاب الأميركي من سورية خصوصاً في ظل التهديدات التركية ووعيدها بدفن المقاتلين الأكراد في حفرهم، هو ما يقال حول مشاورات أميركية أوروبية بهدف إقامة منطقة آمنة ومحظورة الطيران يشرف عليها التحالف الدولي، جواً وبراً". وأضاف "الغرب والعالم لم يعد يثق بنوايا تركيا والمجموعات المسلحة السورية الموالية لها، خصوصاً مع الفظائع التي يرتكبونها في عفرين". وأشار نعسان إلى أنه "لا يمكن في هذا السياق إبعاد قوات سورية الديمقراطية لتحل محلها قوات كردية وعربية لم تتشكل على هذه الأرض ولا تمتلك الخبرة الكافية حول حساسية التكوينات المجتمعية فيها، ولا ديمغرافيتها المعقدة التي تبلورت بموجبها قوات سورية الديمقراطية"، مضيفاً "أما السيناريوهات الأخرى فهي لا تتعدى نقاشات الأطراف المطالبة بها أو المؤيدة لها تطلعاً لكسب ما".
بموازاة ذلك، تحدثت مصادر إعلامية عن خلافات بين تركيا وأميركا حول طبيعة وعمق وعرض المنطقة الآمنة المتفق عليها بين العاصمتين، إذ يبحث الاتراك عن عمق يصل في بعض المناطق إلى 60 كيلومتراً، فيما يصر الأميركيون على عمق 35 كيلومتراً، فيما لا يزال الروس يرون أن تفعيل اتفاق أضنة بين النظام السوري والحكومة التركية، والموقع في العام 1998، هو السيناريو الأفضل. لكن اتفاق أضنة لا يلبي مصلحة أنقرة، كونه يعطي الجيش التركي حرية الحركة بعمق 5 كيلومترات فقط، كما أن موسكو تسعى ليكون تطبيق الاتفاق مدخلاً لحوار تركي مع النظام السوري ترفضه أنقرة.
وبدأت المعارضة السورية أخيراً تحركاً جاداً لتكون جزءاً من معادلة الحل في منطقة شرق الفرات، بالسعي لإقناع أطراف مؤثرة بنشر قوات البشمركة السورية (روج آفا) التابعة للمجلس الوطني الكردي المنضوي في الائتلاف الوطني السوري، وهو أمر لا يزال يجد رفضاً واسعاً من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يتخذ من "الوحدات" الكردية ذراعاً عسكرية له، كون أحزاب هذا المجلس منافسة لهذا الحزب في الشارع السوري الكردي. وفي هذا السياق، زار رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، نصر الحريري، إقليم كردستان العراق، الداعم الرئيسي للبشمركة السورية، على رأس وفد من الهيئة، والتقى الرئيس السابق لإقليم كردستان وزعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مسعود البارزاني، في مدينة أربيل. وبحسب بيان صادر عن مكتب البارزاني فقد جرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول آخر المستجدات السياسية في الوضع السوري. وأكدت مواقع إخبارية كردية أن الاجتماع تطرق إلى قرار سحب القوات الأميركية من شمال سورية، الذي أعلنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أواخر العام الماضي، والذي خلط كل الأوراق السياسية والعسكرية في منطقة شرق الفرات، التي تشكل نحو ثلث مساحة سورية وتسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تمثل "الوحدات" الكردية عمودها الفقري.
ونقلت قناة "روداو" الكردية عن عضو الهيئة العليا للمفاوضات وأحد أعضاء الوفد الذي زار أربيل، قاسم الخطيب، قوله "أكدنا خلال لقائنا مع مسعود البارزاني أن يكون هناك أكراد سوريون متمثلون في البشمركة، بالإضافة إلى قوة عربية متمثلة بتيار الغد السوري. نتمنى أن يكون هناك تحالف". وتضم "قوات النخبة" المئات من المقاتلين، لكنهم بلا تأثير عسكري على الأرض نتيجة تحجيم "وحدات حماية الشعب" الكردية لهم، كونهم من الغالبية العربية. وكانت بدأت هذه القوات بداية العام الحالي عملية تجنيد لعناصر من ريف محافظة دير الزور ومناطق في شرق الفرات، ضمن قواتها "على ألا يكونوا ذوي ميول طائفية أو عنصرية" بحسب بيان لـ"النخبة"، استعداداً كما يبدو للعب دور ما في منطقة شرق الفرات. أما البشمركة السورية، التي تأسست أواخر العام 2012 في إقليم كردستان العراق، فتضم الآلاف من العناصر والضباط من أصول كردية انشقوا عن قوات النظام السوري واختاروا كردستان العراق ملاذاً لهم، حيث وجدوا دعماً من مسعود البارزاني الذي أيّد مطالب السوريين في التغيير مع بدء الثورة في العام 2011، وفتح حدود الإقليم أمام اللاجئين السوريين. ووصف الناطق الرسمي باسم هيئة المفاوضات السورية، يحيى العريضي، نتائج زيارة الوفد إلى أربيل بـ "الطيبة"، مشيراً إلى أن الهيئة "لا تملك قوات على الأرض في منطقة شرق الفرات"، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الهيئة التي نالت ثقة دولية تتمسك بالحق السوري، ومن المؤكد سيكون لها دور في منطقة شرقي الفرات على الأقل أكبر من دور النظام الذي تحوّل إلى أداة".
إلى ذلك، لا يزال الطرف الكردي السوري يحاول توسيع دائرة الأمان، بالبحث عن ضمانات من واشنطن بعد الانسحاب الأميركي، بعدم تركه لمصيره أمام الرغبة التركية بالقضاء على "الوحدات" الكردية للحيلولة دون قيام إقليم كردي في شمال سورية. وقالت رئيسة اللجنة التنفيذية لـ"مجلس سورية الديمقراطي"، إلهام أحمد، إنها عبّرت للرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال لقائها معه منذ أيام، عن "الهواجس والمخاوف الكردية، جرّاء قراره سحب القوات الأميركية من سورية"، مشيرة إلى أن ترامب طمأنها بقوله إنه "يحب الأكراد، لا تقلقوا سيكون لكم منطقة في الأيام المقبلة". ورفضت أحمد في لقاء خاص مع تلفزيون "سورية" من واشنطن تشكيل منطقة يكون لتركيا دور أساسي أو كبير فيها، معتبرةً أن ذلك "لن يكون مقبولاً من الأكراد"، وأن هذه المنطقة ستكون "مستنقعاً للإرهابيين" في حال كانت تحت إشراف تركي. وأكدت أن "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) ليس ضد الحوار مع الجانب التركي، مضيفة "لكن قبل ذلك، يجب حل جميع القضايا بشكل جذري ما يضمن الأمان للطرفين" التركي والكردي. وانتقدت أحمد المعارضة السورية "التي عملت منذ البداية على إقصاء قسد من العملية السياسية، رغم ما تمثله هذه القوات من نفوذ وحضور على مساحة تقدّر بنحو 30 في المائة من الأراضي السورية". واعترفت أن "قسد" تتلقى دعماً سعودياً - إماراتياً في إطار "مكافحة الإرهاب"، ويأتي عن طريق أميركا.
بموازاة ذلك، تحدثت مصادر إعلامية عن خلافات بين تركيا وأميركا حول طبيعة وعمق وعرض المنطقة الآمنة المتفق عليها بين العاصمتين، إذ يبحث الاتراك عن عمق يصل في بعض المناطق إلى 60 كيلومتراً، فيما يصر الأميركيون على عمق 35 كيلومتراً، فيما لا يزال الروس يرون أن تفعيل اتفاق أضنة بين النظام السوري والحكومة التركية، والموقع في العام 1998، هو السيناريو الأفضل. لكن اتفاق أضنة لا يلبي مصلحة أنقرة، كونه يعطي الجيش التركي حرية الحركة بعمق 5 كيلومترات فقط، كما أن موسكو تسعى ليكون تطبيق الاتفاق مدخلاً لحوار تركي مع النظام السوري ترفضه أنقرة.