وقال عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، عادل البرينصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ النتائج تبعث على التفاؤل، موضحاً أنه في ظرف 26 يوما تقريباً، كان هناك أكثر من 30 ألف طلب تسجيل يومياً، وهو رقم يدل على الإقبال الكثيف على التسجيل للاقتراع في الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والرئاسية في 10 أكتوبر، مؤكداً أن "هذا الأمر يعود إلى الاستراتيجية التي اعتمدتها الهيئة، وهي استهداف الفئات غير المسجلة، وذلك بعد تحديدها، خصوصاً الشباب". وأوضح البرينصي أنّ الهيئة خصصت إمكانات مالية ولوجستية لم تُخصص سابقاً، وهو ما يفسر تحسن مؤشرات التسجيل، مشيراً إلى أن الارقام التي تحققت في الداخل ليست ذاتها في الخارج، لأن الهيئة لم تنتدب الأعوان وتخصص نفس الإمكانات اللوجستية للتشجيع على التسجيل خارج تونس، إذ تم الاعتماد فقط على أعوان القنصليات. وأوضح أنه في محاولة لزيادة عمليات الإقبال، تم فتح باب التسجيل عن بُعد للمواطنين في الخارج، وهي من الحلول التي قد تساعد على تحسين المؤشرات.
وأشار البرينصي إلى أنّه يؤمل الوصول إلى تسجيل ما بين 300 ألف و400 ألف تونسي في الخارج، في حين تم تسجيل نحو 700 ألف شخص داخل البلاد. وأوضح أن 5.7 ملايين شخص سجلوا أسماءهم، فيما هناك 3.4 ملايين شخص غير مسجلين، من أصل نحو 8 ملايين مؤهلين للانتخاب، مضيفاً أنه "تم تجاوز 60 في المائة من الجسم الانتخابي، ما يمكّن من خوض الانتخابات". وأضاف أن "الحديث عن عزوف التونسيين عن التسجيل غير صحيح، إذ إن هناك اليوم نجاحا نسبيا في التسجيل، خصوصاً في الداخل"، موضحاً أن "التسجيل في الخارج لا يزال دون المأمول، ولكن سيكون هناك عمل أيضاً لتشجيعهم على القيام بهذا الأمر".
هذا الإقبال المكثف وغير المنتظر أربك المشهد السياسي التونسي، إذ تقوم غالبية القراءات الحزبية على ثبات الجسم الانتخابي، لكن دخول 700 ألف ناخب جديد، في انتظار من سيلتحقون بهم، يمكن أن يغير كثيراً من المعادلات والحسابات. ولئن لم تفسر هيئة الانتخابات أسباب هذا الإقبال المفاجئ، الذي تم في أقل من شهر واحد، بعد سنوات من العزوف والحديث عن ابتعاد التونسي عن السياسة، فإن مراقبين وضعوا هذا الأمر في إطار قرار التونسيين العودة من جديد للأخذ بزمام الأمور بعد تدهور أوضاعهم المعيشية، فيما أن هناك من يعتبر أن الحراك الجزائري أشعل من جديد جذوة المشاركة في الحياة السياسية، خصوصا لدى فئة الشباب.
وتعليقاً على هذه المعطيات الجديدة، اعتبر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، في كلمة إلى التونسيين بمناسبة دخول شهر رمضان، أن البلاد تعيش حمى انتخابية وأن الأرقام الجديدة يمكن أن تغير موازين القوى. وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "يمكن للمسجلين الجدد إحداث تغييرات في المعادلة السياسية، خصوصاً أن غالبيتهم من فئة الشباب. لكن تدهور الوضع السياسي وخيبة الأمل قد تكون من العوامل التي دفعت بأكبر عنصر عازف عن العمل إلى التحرك والانخراط في العمل السياسي"، مبيناً أن كتلة الـ700 ألف ناخب جديد، تعتبر حالياً قوة مجهولة الانتماءات، وبالتالي يمكن أن تؤثر، ولكن في أي اتجاه؟ لا أحد يعرف ويصعب التكهن. واعتبر الشابي أن "المؤكد هو أن التأثير لن يكون في الاتجاه السائد حالياً والحاكمين اليوم، لأنها قوة جديدة جاءت للتغيير، ومطلبها هو التجديد"، مؤكداً أن "ما قد يفسر الإقبال الكبير على التسجيل هو الشعور بأن الأوضاع وصلت إلى حد من التدهور الذي بات يقتضي التغيير والدخول إلى معترك الحياة السياسية بعيداً عن القوى التي تتحكم في المشهد". وأعرب عن أمله في أن "تكون المشاركة على قدر التسجيل، لأن التسجيل لا يعني المشاركة يوم الاقتراع، ولأن الارتفاع في الإقبال على الانتخابات يُسهم في التغيير والخروج من بوتقة السائد وقلب المعادلة".
من جهته، أكد القيادي في الجبهة الشعبية زهير حمدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ارتفاع عدد المسجلين هو لمصلحة العملية الانتخابية وتونس، لأن الإشكال أن الائتلاف الحاكم استفاد من المسجلين السابقين، وحركة النهضة هي تقريباً الحزب الوحيد الذي لا يعنيه كثيراً المسجلون، لأن لديها كتلتها" الانتخابية، معتبراً أنه "ورغم الصعوبات والإشكاليات في السجل الانتخابي، إلا أنه كلما زاد العدد، كان ذلك أفضل للمسار ككل". وقال إن "إقبال الشباب على التسجيل، وارتفاع عدد المسجلين، يعود إلى جهود هيئة الانتخابات والأحزاب التقدمية خصوصاً، لأنها أكبر متضرر من العزوف"، مضيفاً أن "تشجيع الشباب وتوعيته في الجامعات ساهم في ارتفاع عدد الذين تسجلوا" للاقتراع.