على الرغم من السيطرة الكاملة للفصائل السورية المدعومة من تركيا، على عفرين ومحيطها، منذ مارس/آذار 2018، عقب عملية "غصن الزيتون"، إلا أن "وحدات حماية الشعب" الكردية ما زالت تنشط بعملياتٍ هجومية هناك، تستهدف الفصائل العسكرية المنضوية ضمن "غصن الزيتون"، ودوريات الجيش التركي. وآخر هذه العمليات، تبنّتها قبل أيام ما تُعرف بـ"قوات تحرير عفرين"، التي قالت إنها قتلت فيها نحو 14 شخصاً. وذكرت هذه القوات التابعة لـ"الوحدات" الكردية، في 28 يونيو/حزيران الماضي، أنها "نفّذت ضربات نوعية، ضد الفصائل السورية المدعومة من تركيا، والقوات التركية، في قرية شيراوا، في عفرين"، مضيفة أن "الضربات قتلت 14 شخصاً بينهم جندي تركي، وأُصيب 7 آخرون". وجاء تبني هذه الخلايا التابعة لـ"الوحدات"، للهجمات، التي وقعت يومي الأربعاء والخميس الماضيين، بالتزامن مع إعلان الجيش التركي، مقتل أحد جنوده فعلاً، ضمن اشتباكاتٍ مع "الوحدات" في منطقة عفرين.
ونقلت وكالة "هاوار" التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، في شمال شرقي سورية، بيان تبني "قوات تحرير عفرين"، التي تعتمد أسلوب الكمائن والهجمات الخاطفة، لضرب نقاط الجيش التركي في عفرين، وفصائل تتبع الجيش السوري الحر، شاركت ضمن معارك "غصن الزيتون"، وتسيطر على مدينة عفرين ومئات القرى المنتشرة حولها. وفي 25 يونيو الماضي، تعرض رئيس المجلس المحلي، في بلدة أخترين، شمالي حلب، لمحاولة اغتيالٍ، إذ تم زرع عبوة ناسفة في سيارته، أدى انفجارها لبتر قدمه. وتبنّت لاحقاً ما تعرف بـ"غرفة عمليات غضب الزيتون" التابعة لـ"الوحدات" العملية. وأفادت بأن "عناصرها استهدفوا عربة رئيس ما يسمى المجلس المحلي خالد الديبو في مدينة أخترين شمال حلب، بعبوة ناسفة أدت لإصابته بجروح خطيرة، بالإضافة لبتر أحد أطرافه".
وكثيراً ما تشهد المناطق التي تعرف بـ"درع الفرات" و"غصن الزيتون"، في أرياف حلب الشمالية والشرقية والغربية، عمليات تفجيرٍ عبر سيارات أو دراجات نارية مفخخة. وتولي "الوحدات" الكردية، منطقة عفرين أهمية استثنائية، إذ إن سكانها من الأكراد، ومثّلت خسارتها بالنسبة لـ"الوحدات"، ضربة كبيرة، إذ كانت تسيطر عليها منذ أكثر من سبع سنوات. وكان القائد العام لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي، قد أكد في كلمة له، مطلع مايو/أيار الماضي، في معرض حديثه عن مفاوضات غير مباشرة بين قواته وتركيا، "هدف استعادة عفرين، لحل المشاكل العالقة". وقال حينها إنه "إذا كانت الدولة التركية تريد الحل السياسي يجب أن تعيد عفرين إلى أهلها، فمن دون عودة أهالي عفرين إلى منازلهم وعودة عفرين إلى طبيعتها لا يمكن أن نصل إلى الحل".
وتحاول "الوحدات" عبر عملياتها الهجومية المتكررة، ضد الجيش التركي والفصائل السورية التي يدعمها، في عفرين ومحيطها، وكذلك قرب تل رفعت وأعزاز شمالي حلب، أن تستنزف هذه القوات. وتقول إنها لن توقف عملياتها حتى تستعيد السيطرة على عفرين. ومثّلت خسارة عفرين لـ"الوحدات" في عملية "غصن الزيتون"، ضربة موجعة لمشروع "روج أفا" الذي كانت عفرين تعتبرجزءاً هاماً منه، وتعدّ الخسارة الأكبر التي تتلقاها هذه القوات المدعومة أميركياً، في عموم معاركها في سورية. ومشروع "روج أفا" عبارة عن اتحاد 3 مناطق هي عفرين وعين العرب ومنطقة الجزيرة في سياق إقليم كردي سوري واحد.
وتواجدت قوات روسية في عفرين، قبل أن تنسحب مع بدء عملية "غصن الزيتون"، في 20 يناير/كانون الثاني 2018، وهي العملية العسكرية التي شنها الجيش التركي، مع فصائل سورية، واستمرت حتى 18 مارس من العام نفسه، حيث خسرت "الوحدات" عفرين، ومئات القرى التابعة لها. وشهدت مناطق وقرى عفرين، عمليات سرقةٍ وسلبٍ كبيرة مع انتهاء المعارك، وفلتان أمني، وهو ما تُفرد له وسائل الإعلام المقربة من "الوحدات" مساحة واسعة له في تغطيتها، وتقول إن السكان الأكراد هناك، يتعرضون للاضطهاد من قبل الفصائل العسكرية التي تسيطر على عفرين. ونفّذت بعض الفصائل التي تتبع للجيش الحر، في عفرين، عمليات أمنية عدة، في محاولة منها للحد من الفلتان الأمني وأعمال السرقة التي يتضرر منها السكان المحليون، وكذلك المُهجرون من الغوطة الشرقية، الذين تم نقلهم لعفرين، لكن مظاهر الفلتان الأمني ما زالت قائمة، بعد مرور نحو سنة ونيّف على انتهاء عملية "غصن الزيتون".