ودفع مقتل القيادي البارز في القوات المدعومة من الإمارات، قائد "اللواء أول دعم وإسناد"، العميد منير اليافعي المكنى أبو اليمامة، قبائل يافع التي ينتمي إليها إلى إطلاق دعوة الحشد إلى عدن، ثم سارع "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي المدعوم من الإمارات، إلى تبني الدعوة وأعطاها الغطاء.
ويأتي ذلك كمحاولة من الأخير للاستفادة من الحادث والغضب الشعبي، ليصعّد ضد الحكومة الشرعية، بعد أن استغل هجمات الخميس الدامي لتنفيذ عمليات استهداف ممنهجة وترحيل مواطنين ينتمون إلى محافظات الشمال.
ووصلت إلى ساحة العروض في مدينة خور مكسر، وسط عدن، اليوم الإثنين أول الحشود القبلية من مناطق عدة. وتقدمتها قبائل يافع والضالع وردفان، وسط توقعات بأن يتوالى توافد القبائل من مناطق جنوبية أخرى، حتى يوم غد الثلاثاء، والذي من المقرر أن تقام فيه فعالية يشارك فيها قيادات "الانتقالي"، وقيادات سياسية وعسكرية وقبلية من مناطق الجنوب ممن تنادي بالانفصال.
ورأت مصادر قبلية عدة تحدثت مع "العربي الجديد" أن الفعالية والتحشيد يعدان من وسائل التصعيد ضد الحكومة الشرعية. من جهتها ذكرت مصادر سياسية جنوبية لـ "العربي الجديد" أن الفعالية مهمة جداً وقد تدفع نحو التصعيد والتحرك على الأرض من خلال استخدام القبلية كواجهة لهذا التحرك لإبعاد الحرج عن "الانتقالي" والتشكيلات العسكرية. وأضافت أنه يمكن كذلك اعتبارها محاولة فرض سلطة الأمر الواقع وطرد الحكومة الشرعية، بعيداً عن الضغوط الخارجية التي قد تتعرض لها قيادة "الانتقالي" خصوصاً في ظل التحولات في الموقف الإماراتي في اليمن والتحفظ السعودي على تقويض إضافي لنفوذ الحكومة اليمنية في عدن، ودخول الرياض، وأبوظبي على خط الاتصالات لوقف الاعتداءات على المواطنين المنحدرين من الشمال بطلب مباشر من الحكومة اليمنية.
أحد المصادر، والذي يُعرف بموقفه المعارض لدور الإمارات، قال لـ "العربي الجديد" إن أي تحرك تحت غطاء القبيلة هو خطر جداً، وهو رمي آخر الأوراق التي قد تشعل صراعاً جنوبياً بحتاً، لأنها قد تدفع القبائل الجنوبية إلى الانقسام والتمترس خلف أطراف بعينها أو بجانب أبنائها، وهو أسوأ من الصراع بواسطة التشكيلات العسكرية. ولفت إلى أنه "إذا ما فكرت الإمارات بالسماح لحلفائها باستخدام القبيلة في الواجهة، لإبعاد التهمة عنها وعن التشكيلات الموالية لها، صحيح أنها تنقذ نفسها بهذه الخطوة إذا ما تمت، لكنها قد تغرق الجنوب في صراع هو أسوأ ما يخشاه الشارع الجنوبي".
وبحسب المصدر نفسه فإن فعالية الثلاثاء قد لا تدفع نحو التصعيد، لأن الملامح واضحة في عدم رغبة الشارع الجنوبي في ذلك، وأيضاً تدخلات التحالف في الأيام القليلة الماضية لسحب فتيل الأزمة والتوتر في عدن خصوصاً بعد ترحيل المواطنين المنحدرين من المحافظات الشمالية، فضلاً عن أن الأطراف الجنوبية مترددة ولم يتصدر أي طرف لتبني فكرة التصعيد حتى الآن، بما في ذلك "المجلس الانتقالي الجنوبي".
في المقابل، لا يستبعد البعض الآخر احتمال التصعيد، خصوصاً بعد تلميح محسوبين على "المجلس الانتقالي" إلى دور للشرعية اليمنية في التفجيرات في عدن للتخلص من أبرز القيادات المناوئة لها. وهو ما حاول مصدر في "الانتقالي" أن يبرره لـ "العربي الجديد" من خلال القول إن "الشرعية إذا لم تكن متورطة (مباشرة) قد يكون لها دور لأن مصالحها في هذا الأمر تتوافق مع الحوثيين (تبنوا هجوم معسكر الجلاء الذي قضى فيه أبو اليمامة)، بسبب عدائها للمجلس الانتقالي الجنوبي، ودولة الإمارات العربية كونها حليفة للجنوبيين وداعمة لهم"، على حد وصفه.
ويأتي هذا التحشيد غير المباشر لحلفاء الإمارات، متزامناً مع المؤتمر الصحافي الذي سيعقد بمناسبة إقامة الفعالية، والذي يقول المتحدث باسم "المجلس الانتقالي" الانفصالي نزار هيثم، إنه سيكشف ملابسات أحداث الخميس الماضي بعد التحقيقات التي أجرتها التشكيلات الأمنية التابعة للمجلس والموالية للإمارات.
وفي ظل هذا التحشيد القبلي، المدعوم من "المجلس الانتقالي" ومحاولة البعض تحويل التهمة نحو الشرعية، تحاول الحكومة اليمنية عدم التصعيد وتتعامل مع الموضوع بحذر شديد وضمن سياسة ضبط النفس، بما في ذلك داخل المعسكرات والألوية التابعة لها في عدن.
وكشف مصدر عسكري في المنطقة العسكرية الرابعة لـ"العربي الجديد" أن هناك توجيهات لقوات الجيش والأمن بعدم الانجرار نحو الاستفزازات خصوصاً في ظل عدم استبعاد وجود أطراف تسعى إلى تفجير الصراع في عدن بين أبناء الجنوب، مؤكداً أن المواضيع السياسية من شأن قيادة الدولة من رئاسة وحكومة، والمخاوف هي ما رفعت الحيطة والحذر وضبط النفس داخل الجيش والأمن.
من جهته، أكد مصدر في الحكومة الشرعية لـ "العربي الجديد" تخوفه من تهور "الانتقالي"، عازياً ذلك إلى ما قد تخرج به فعالية غداً الثلاثاء، فضلاً عن المؤتمر الصحافي لـ"الانتقالي" الذي سيرافق الفعالية.