لاحظ عدد من المراقبين والمحامين الحقوقيين في مصر، تركيبة جديدة تجلّت في المتظاهرين الذين خرجوا في احتجاجات في مدن مصرية عدة، يوم الجمعة الماضي، للمطالبة برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. الملاحظة الأولى، انصبت في أن أغلب المتظاهرين أعمارهم صغيرة نسبياً، وعدداً كبيراً منهم دون سن الـ20، ومن دون خبرة سياسية ولم يسبق لهم المشاركة في أي عمل سياسي. الملاحظة الثانية؛ أنه بينما يدّعي السيسي محاربته الإسلام السياسي، أمام قادة العالم في نيويورك أمام اجتماعات الأمم المتحدة؛ كشف تكوين معتقلي 20 سبتمبر/أيلول الحالي، عن عدم علاقة المتظاهرين بالإسلام السياسي، وخروجهم جميعاً من أجل الإطاحة برأس النظام بعد فضائح فساده التي لم ينكرها، بحسب الحقوقي المصري أحمد سميح.
أما عن قاعدة الاشتباه خلال حالات القبض العشوائي التي أعقبت التظاهرات، فبحسب مينا: "بالنسبة للرجال: أي رجل شعره طويل أو لحيته طويلة، أو يرتدي شورت أو ملابس رياضية. وبالنسبة للبنات: أي بنت شعرها مموّج ولا تحمل حقيبة". وطبقاً للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، فقد بلغ إجمالي عدد المقبوض عليهم وإحالتهم على ذمة القضية 1338 لسنة 2019 أمن دولة عليا، منذ تظاهرات الجمعة، 1298 حالة، 55 سيدة و1243 رجلاً. مع العلم بأن التحديث مستمر للعرض على النيابات.
مع العلم أن بعض التظاهرات التي اندلعت في محافظات مصر مساء يوم الجمعة، طالبت برحيل السيسي، على خلفية دعوات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمواطنين بالخروج والتعبير عن رفضهم لاستمرار الرئيس الحالي في السلطة، وسط اتهامات لعائلته ولعدد من قادة القوات المسلحة بالفساد وتبديد المال العام، وتأكيد الرئيس في آخر خطاباته صحة بعض هذه الادعاءات. يأتي ذلك بينما تتخذ الحكومة المصرية سياسات تقشفية زادت من الأعباء الاقتصادية الواقعة على عاتق المواطنين، مما أدى لوجود احتقان لديهم نتيجة للتدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وعوضاً عن ذلك، كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي البديل الذي تبنّاه المصريون لمتابعة هذه الاحتجاجات، فبينما كان عشرات المواطنين يحاولون التجمع والهتاف على مشارف ميدان التحرير، الجمعة الماضي، كانت كاميرا الموبايل تنقل هذه المحاولات مباشرة إلى المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي. وباستمرار التظاهرات في أماكن متفرقة لليوم الثاني على التوالي، نجحت مجموعات من المواطنين المصريين في انتزاع الحق في التظاهر بعد سنوات من تقييده.
وواجهت قوات الشرطة هذه الاحتجاجات باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، لتفريق التظاهرات، كما ألقت قوات الشرطة القبض على بعض المشاركين فيها، وبينهم صحافيون، كما نشرت قوات الشرطة عدداً من الأكمنة في محيط ميدان التحرير، وقامت بتوقيف المارة وتفتيش هواتفهم المحمولة والقبض على بعضهم، بسبب مشاركات داعمة للاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي. كما استمرت اعتداءات قوات الشرطة على المتظاهرين بمدينة السويس، حتى صباح الأحد الماضي.