لبنان: بيان وزاري من زمن آخر

07 فبراير 2020
توقع دياب استمرار حكومته 3 سنوات (فرانس برس)
+ الخط -
بدأ رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب مساراً جديداً مع إقرار البيان الوزاري (الخطوط العريضة لبرنامج عمل الحكومة)، بالإجماع، يوم الخميس الماضي، على أن تتمّ مناقشته يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين في مجلس النواب وطرح الثقة فيه. لم يحمل البيان تغييراً جذرياً عن الخطط التي طرحتها الحكومة السابقة بقيادة سعد الحريري، خصوصاً لجهة اعتمادها الخطة نفسها في ملف الطاقة والإصلاحات الاقتصادية، وهما خطتان مليئتان بالشوائب. كما لوحظ أن البيان لم يتطرّق إلى ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، التي سادت في سنوات ما بعد انسحاب قوات النظام السوري من لبنان عام 2005، صراحة، مكتفياً بمنح الحق للبنانيين واللبنانيات بالمقاومة. وهو ما دفع كتلة "الوفاء للمقاومة" النيابية (حزب الله)، عقب اجتماعها يوم الخميس، للقول إن "أمام لبنان استحقاقات مالية صعبة في الفترة المقبلة والتصدي لها يحتاج إلى إجماع وطني وشعبي". ولفتت الكتلة إلى أن طريقة تشكيل الحكومة الراهنة تفسر عدم وجود برامج إنقاذية جاهزة ومعدة لمعالجة الأزمات المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية. مع العلم أن حزب الله ضغط ملياً من أجل تشكيل هذه الحكومة، المحسوبة عليه وعلى كامل حلفائه في قوى 8 آذار، خصوصاً التيار الوطني الحرّ وحركة أمل.

وبما أن العرف في لبنان يتحوّل إلى أمر واقع، فإن التراجع عن الثلاثية يحمل في طيّاته احتمالات باستبعادها في حكومات مقبلة، رغم ورود بند "التأكيد على الحق للمواطنات وللمواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة"، ذلك لأن حماية النفط في البحر، خصوصاً البلوك رقم 9 في الجنوب، ورد في البند التالي: "كما تلتزم الحكومة الالتفاف حول الجيش والمؤسسات الأمنية في مكافحة الإرهاب وشبكات التجسس الإسرائيلية. إنّ لبنان المصمم بموقف واحد على الحفاظ على ثروته النفطية في المياه البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة بلبنان، يدرك أطماع العدو الإسرائيلي وادعاءاته ومحاولاته التعّدي على هذه الثروة، يتمسّك بمبدأ ترسيم الحدود البحرية وفقاً للقوانين والأعراف والمعايير الدولية لتثبيت حدوده، حفاظاً على ثروته وحقوقه كاملة. وبما أنّ الغاز والنفط هما مادة استراتيجية يتوجب علينا حمايتها، فإنّ هذا يتطلب تعزيز قدرات القوات البحرية والجوية ليُصار إلى حماية المنصّات والمياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة".

وتضمّن البيان الوزاري في صيغته النهائية بنوداً عدة ضمن 3 مراحل زمنية: الأولى تمتد 100 يوم، والثانية حتى السنة الأولى، والثالثة حتى السنوات الثلاث المقبلة. مع العلم أنه وفق الدستور، فإن لبنان أمام 3 استحقاقات انتخابية دفعة واحدة في عام 2022: الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية. وفي حال لم يتمّ إرجاء أي منها ولا حصول أي أزمة تستوجب تعديل مواعيدها، فإن عمر هذه الحكومة لن يستمر لأبعد من ربيع 2022، موعد الانتخابات النيابية. بالتالي، على ماذا استند دياب في تأكيد ديمومته إلى ما بعد عام 2022؟

من البنود التي وضعتها الحكومة خطة طوارئ إنقاذية، عبارة عن سلّة إصلاحات تتضمّن ورشة إصلاح قضائي وتشريعي ومالي وإداري، فضلاً عن مكافحة الفساد وإجراء معالجات مالية عبر إجراءات اقتصادية تحفّز الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج. وذكر البيان خصوصاً دراسة شركة "ماكنزي أند كومباني" الصادرة عام 2019، وتتضمّن رؤية وخطّة متطورة تحدّد مستقبل لبنان الاقتصادي للسنوات الخمس المقبلة (2020 - 2025)، وتشمل ستة قطاعات أساسية: الزراعة، الصناعة، الانتشار، السياحة، اقتصاد المعرفة، الخدمات المالية. ولحظ البيان خفض الفائدة على الودائع والقروض. كما تضمّن البيان الالتزام بخطة طوارئ قبل نهاية الشهر الحالي، لتأمين مستلزمات الناس وحاجاتها، خصوصاً أن المصارف قوننت الحد من السحوبات بالدولار، ومصرف لبنان وضع سعرين لصرف الدولار مقابل الليرة، أحدهما في المصرف والثاني لدى الصرافين، ما أدى إلى ارتفاع سعر السلّة الغذائية والطبية بشكل كبير. وعلى الرغم من إعلان البيان تأييده لمطالب انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول، إلا أن خطة الحكومة للطاقة والإصلاحات الاقتصادية تستند إلى خطط حكومة الحريري السابقة، أي أنها لم تقدّم حلولاً جذرية، خصوصاً في السياق الاستثماري في البنى التحتية والمواصلات.
دلالات