ويركز التقرير على ستة محاور يمكن اعتبارها خارطة طريق للوصول إلى أفضل النتائج في مكافحة الفيروس، وتمهيد الطريق لمعالجة الثغرات البنيوية التي أظهرها انتشار الوباء في الأنظمة الصحية والفروقات الطبقية، حتى في الدول الغنية.
بداية، يركز التقرير على ضرورة وضع قضية حماية الناس كأولوية.
ويؤكد، في هذا السياق، على ضرورة وضع الاستجابة الصحية جنبا إلى جنب مع معالجة التبعات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة من انتشار الوباء والحجر المنزلي.
ويذكر التقرير أن التركيز "ينصب حاليا، وبحق، على إنقاذ حياة الناس، ولهذا من الضروري أن يحصل الجميع على الرعاية الصحية. ولكن الأزمة الصحية تسببت في أزمة اقتصادية واجتماعية تضرب الأفراد، والعائلات، والمجتمعات بشدة".
ويرى التقرير، في هذا الإطار، أن الحكومات يجب أن تتخذ إجراءات فعالة للتخفيف من أسوأ الآثار على مجالات الحياة المختلفة، من بينها الوظائف وحماية الناس والحصول على الرعاية الصحية. كما يشدد على ضرورة أن تشرك الحكومات الجميع في مجهوداتها لمكافحة الفيروس، ناهيك عن التأكد من وصول المعلومات الصحيحة للجميع.
ويضيف إلى ذلك وجوب "أن تكون الاستجابة شفافة وخاضعة للمساءلة، دون أن تستثني أياً من شرائح المجتمع وفئاته".
ويلفت التقرير الانتباه إلى أنه "وفي حال اضطرت الدول لاتخاذ أي إجراءات طوارئ أو أمنية، فإن تلك الإجراءات يجب أن تكون موقتة ومتناسبة، وتهدف في الأساس إلى حماية الناس".
ويؤكد أنه "لا يمكن لأي دولة لوحدها التغلب على الفيروس الذي لا يعرف الحدود أصلا، ولذلك من الضروري أن تنسق الدول فيما بينها، وتقدم المساعدات للدول الفقيرة، وألا تكون محاربة الفيروس على صعيد وطني فحسب، بل على أساس تعاون دولي في جميع المجالات".
ويؤكد على ضرورة أن تعمل الدول بعد التعافي على إصلاح المشاكل البنيوية التي واكبت انتشار الوباء.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن وضع حقوق الإنسان في المركز يضمنه عدم تخلف أي شخص عن الركب، بل سيساعد بأن تشمل تلك الإجراءات الأشخاص الأكثر تضررا وتحافظ على حقوقهم الأساسية، بما فيها الرعاية الصحية للجميع.
وأشار إلى أنها "تعمل كذلك كنظام تحذير أساسي يسلط الضوء على من هم أكثر الناس معاناة جراء انتشار الوباء ولماذا؟ وما الخطوات التي يجب اتخاذها؟"، ثم أوضح أنه "على الرغم من أن الفيروس لا يميز بين ضحاياه، إلا أن آثاره لا تقع على الجميع بشكل متساو، حيث أظهر نقاط الضعف المتجذرة في الخدمات العامة واللامساواة الهيكلية التي تعيق الوصول إلى تلك المساعدات".
وركز الأمين العام للأمم المتحدة على "ضرورة معالجة نقاط الضعف بشكل جذري، من خلال منظار حقوق الإنسان، لأن اتخاذ تلك الخطوات سيكون الطريق الصحيح لمعالجة تلك الثغرات بشكل جذري".
وجاءت أقوال غوتيريس، في رسالة نشرها مع التقرير، ووصل إلى مكتب "العربي الجديد" في نيويورك نسخة منها.
ومن اللافت للانتباه في التقرير أنه يسمي ظواهر، ويلفت الانتباه إلى خروقات لحقوق الإنسان واستغلال دول للوضع الراهن لتمرير أجندات متطرفة ويمينية، لكنه لا يسمي دولا بعينها.
وأكد مصدر رفيع المستوى في الأمم المتحدة لـ"العربي الجديد" أن الأمين العام "لا يريد حاليا الاصطدام مع أي دول أو حكومات، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي اتخذ رئيسها عدداً من الخطوات الإشكالية، ولذلك عمد التقرير، كما رسالة الأمين العام، إلى لفت الانتباه للخروقات دون تسمية الدول التي قامت بها".
ومن بين الأمثلة على ذلك، يضيف المصدر، إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير عن إغلاق باب الهجرة، وتحريضه ضد منظمة الصحة العالمية، وتصريحاته العنصرية ومحاولته وسم الفيروس بأنه صيني.
وفي هذا السياق، يمكن قراءة عدد من الجمل التي احتوت عليها رسالة الأمين العام، حيث حذر من "الآثار غير المتناسبة على مجتمعات معينة، وصعود خطاب الكراهية، واستهداف الفئات الضعيفة، ومخاطر الاستجابات الأمنية القاسية التي تقوض الاستجابة الصحية. على خلفية تصاعد القومية العرقية، والشعبوية، والاستبداد، وتسجيل خروقات لحقوق الإنسان، في بعض الدول، بحيث إن الأزمة قد تصبح ذريعة لاعتماد تدابير قمعية، وتصعيدا لأغراض لا علاقة لها بالوباء".
ومن المرجح أن يصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عددا من التقارير التي ستصدر في وقت لاحق من السنة، وتأخذ بعين الاعتبار خروقات حقوق الإنسان التي ارتكبت باسم إجراءات الطوارئ، أو خلال فترة التصدي للفيروس.